رحلة كأس النبيز من صالة مطار هيثرو إلى الطائرة
جناحا الطائرة من أوائل من يلتقط هذه التغيرات باهتزازات مرشحة أن تزيد على الرغم من أن الطائرات الحديثة تحلق على ارتفاعات عالية في العموم مما يجعلها بعيدة عن الفقاعات الهوائية الحارة أو الباردة أو السحب الكثيفة.
كانت الساعة السابعة صباحا عندما دخلت صالة ركاب البيزنيس في مطار هيثرو في لندن ووجدت صديقي المدعو لنفس المناسبة في دولة خليجية قد سبقني إلى هناك. أول ما لفت نظري أن كأسا من النبيذ الأحمر بيده.
في العادة تقدم صالات البيزنيس والتضييف قبل الإقلاع كؤوس الشمبانيا صباحا. كثيرون يكتفون بكوب من القهوة. النبيذ الأحمر بيد صديقي كان شيئا غير معتاد.
سألته: هل تستكمل سهرة الأمس؟ رد: لا. إنه الخوف من الطيران. وجدت أن النبيذ الأحمر يقدم لي ما يكفي من الاسترخاء لكي أتجاوز هذا الرهاب وأستمتع بالرحلة.
عبثا حاولت إقناعه بأن الطيران من أكثر وسائل السفر أمنا، وأن لا داعي للخوف. فكرة الطيران عنده مخيفة رغم أنه لم يتعرض لحادث أو موقف يتسبب بالخوف. ويشترك مع صديقي كثيرون ممن يجدون أن فكرة أنك تحلق في الهواء وأن أرجلك أو عجلات الطائرة لا تمس الأرض كما تمسها عجلات السيارات والقطارات، تعني أنك بين يدي القدر.
ومما يزيد من الخوف هو أن حوادث الطيران رغم ندرتها، إلا أنها عادة ما ترتبط بأعداد كبيرة من الضحايا بحكم حجم الطائرات الحديثة التي تحمل مئة أو أكثر من الركاب. تمر حوادث السيارات، القاتل الأكبر في وسائل النقل، مرور الكرام على الرغم من أن بعض البلدان، وخصوصا في عالمنا العربي، تسجل أرقاما قياسية في عدد الوفيات والإصابات في حوادث الطرق.
لكن حادثة الوفاة والإصابات في رحلة طيران سنغافورة قبل يومين سجلت رعبا من نوع آخر. الطائرة لم تسقط أو تتعرض لحادث، لكنها واجهت مطبات جوية شديدة أدت إلى وفاة راكب متقدم في السن، وإلى حدوث إصابات كثيرة بين الركاب. هذا مشهد لأشد ما يرعب خلال تحليق الطائرات، إذ تفاجئنا هذه المطبات الجوية دون سابق إنذار. شخصيا لا أفك حزام المقعد أبدا. في كثير من الرحلات من أوروبا إلى شمال أفريقيا، وخصوصا في موسم الصيف والخريف، تتعرض الطائرات لاهتزازات شديدة ومطبات مفاجئة. تعلمت الحذر الذي يقي الضرر.
لم أشأ أن أتصل بصديقي الخواف. لا شك أن مجرد فتح الموضوع معه سيتسبب له بأزمة نفسية، خصوصا وهو كثير الترحال. لكنني سأرسل له هذه المقالة، لا لشيء ولكن لأبلغه بما يراه الخبراء اليوم عن هذا النوع من الحوادث “البسيطة”. فالإحصاءات تشير إلى أن الطائرات اليوم تتعرض إلى زيادة وصلت إلى 17 في المئة في عدد المطبات الشديدة بالمقارنة مع قبل عقدين من الزمن. وكأن هذا لا يكفي، فثمة إجماع أن ما شهدته طائرة سنغافورة سيتكرر أكثر ويزيد بحكم التغيرات المناخية الكثيرة التي صارت محسوسة وتجسد نفسها بأعاصير وفيضانات وجفاف وتقلبات مناخية وعدم انتظام في المواسم، بل تغير تعريفات ما كنا نسمّيه الفصول الأربعة، تطول أو تقصر أو لا تأتي في مواعيدها المحددة.
جناحا الطائرة من أوائل من يلتقط هذه التغيرات باهتزازات مرشحة أن تزيد على الرغم من أن الطائرات الحديثة تحلق على ارتفاعات عالية في العموم مما يجعلها بعيدة عن الفقاعات الهوائية الحارة أو الباردة أو السحب الكثيفة، تلك المتسببة بالمطبات.
لا توجد طريقة تساعد صديقي الخواف من الطيران غير المزيد من النبيذ الأحمر.