حياة خانقة وأوضاع اقتصادية صعبة يعيشها الفلسطينيون في الضفة الغربية تأثرا بالحرب على غزة المستمرة لأكثر من سبعة شهور، والتي بدورها تسببت في كارثة اقتصادية يدفع ثمنها الصغير والكبير بعد الضربة القوية للاقتصاد الناجمة عن الحرب.
أكثر ما يصعب الأمور على أهالي الضفة هو فقدان حوالي 40% من الوظائف بما يعادل حوالي 300 ألف وظيفة والتي كانت 14% قبل الحرب، هذا بجانب سحب إسرائيل أكثر من 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينين وتركهم دون دخل وكذلك استبدالهم بعمالة هندية أو أجنبية، كما انكمش اقتصاد الضفة لما يزيد عن نسبة 60% بفعل إسرائيل التي تصر على إغلاق جميع المعابر وعدم السماح بدخول السلع، فتقوض الاقتصاد وتحرم الأهالي من أبسط ألوان الحياة، وهذا بالتأكيد يضرب الاقتصاد في مقتل ويؤثر سلبا على الحياة العامة التي تحولت إلى جحيم.
كما ألقت تلك الظروف الاقتصادية العاصفة بظلال سوداء على غلاء المعيشة فارتفعت الأسعار بنسبة تقترب من 40% بسبب شح السلع بفعل التضييق الإسرائيلي، كما تراجع دخل المواطن الفلسطيني وأغلقت المشروعات والمحلات الصغيرة بسبب نقص السلع، إضافة إلى إغلاق الطرق ووضع الحواجز العسكرية في أرجاء المنطقة وقلة الوقود، ورغم ذلك مازال الحصار الاقتصادي الإسرائيلي مستمرا.
بالتأكيد، تنذر الظروف الاقتصادية الصعبة بتفجر الأوضاع في الضفة الغربية، ورغم التحذيرات الأمريكية لحكومة بنيامين نتنياهو التي يُسيطر عليها اليمين المتطرف الإسرائيلي بضرورة الإفراج عن أموال المقاصة المُحتجزة لدى الاحتلال، وإيجاد حل لأزمة العمال الفلسطينيين الذين تم إلغاء تصاريح عملهم داخل إسرائيل، لم ينصت رئيس وزراء الاحتلال لذلك بل يواصل ممارسة سياسية التضييق على الفلسطينيين وخنقهم بشتى الطرق.
ربما انعكست الحرب في غزة بشكل كبير على مناحي الحياة الاقتصادية في أنحاء الضفة وهذا ما دفع بالسكان إلى المطالبة بالمزيد من التسهيلات في حركة عبور الأشخاص والسلع، ولعل أبرز الشواهد على ذلك أن الأيام الماضية شهدت فتح معبر الجلمة للدخول من مناطق الاحتلال إلى مدينة جنين، ودخل أكثر من 6000 شخص للتسوق والتجارة في جنين، وكانت هناك حركة تجارية كبيرة في سوق جنين، وبالتالي رحب محافظ جنين بفتح المعبر، الذي سيساهم بشكل كبير في تحسين الوضع الاقتصادي.
ويبدو أن اسرائيل تحاول خفض التصعيد في الضفة، وأن الأوضاع قد تنفرج نوعا ما ولكنها على العكس من ذلك تزداد سوءا في غزة التي تعاني ويلات الحرب وتحولت إلى مكان غير صالح للحياة بعد إبادتها بالكامل.
ونعود للحديث عن معبر الجلمة أو الجلبوع، فبعد فتحه سيتيح مرور البضائع من يهودا والسامرة من وإلى ميناء حيفا وشمال إسرائيل، كما أن هناك إمكانية وصول قريبة من المعبر إلى معبر نهر الأردن الحدودي، وهو ما يلبي احتياجات لواء جنين – لكنه يستخدم أيضا لعبور البضائع إلى نابسل، والمناطق القريبة منها في يهودا والسامرة، مع شمال إسرائيل، كما أن عبور الآلاف من أهالي الضفة له إلى مدينة جنين، وإعادة فتحه من قبل سلطات الاحتلال بعد إغلاق استمر 8 أشهر للمرة الأولى منذ هروب ستة سجناء من سجن إسرائيلي قريب، يبشر بانفراجة قريبة للوضع في الضفة الغربية، وبالتالي قد ينعكس هذا بالإيجاب على الاقتصاد وتعود الحياة إلى طبيعتها شيئا فشيء في ظل أن إسرائيل لا تريد أي تعاطف جديد مع القضية الفلسطينية أو أن تتسبب إجراءاتها الصارمة في اندلاع انتفاضة جديدة ضدها.