كانت الوحدة حلماً استهدف تغيير الواقع الذي شكلته عوامل تاريخية غير وحدوية .
صنعت الوحدة “جمهورية” موحدة ، ولكن لم يُسمح لها بأن تصنع وطناً .
وبغياب “الوطن” ظلت الجمهورية الموحدة عرضة لتجاذبات واستقطابات ذلك الواقع الذي اصطدمت به الوحدة وبعوامله المقاومة لها .
وبدلاً من البحث في طبيعة المشكلة التي تمثلت في غياب “مشروع الوطن” عن هذه العملية التاريخية ، فقد تم إعادة شحن هياكل الجمهورية الموحدة بروح انفصلت كليةً عن الحلم بغدٍ يستقر فيه اليمن ، ويتحول إلى وطنٍ للجميع .
ثم كانت الأزمة التي نشأت بسبب ذلك ، فقد كان من الضروري إقامة “دولة” الوحدة للانتقال ، من ثم ، إلى بناء “الوطن” الذي حلم به اليمنيون ، لكن المركز الذي انتقلت اليه منظومة سلطة الدولتين القديمتين تمسك بهياكل دولته القديمة بتعديلات شكلية ، وتعثر بناء “دولة” الوحدة ، ومعه أخذ “مشروع الوطن ” يتبخر ويخرج من دائرة الفعل ، ويحل محله مشروع الحرب .
استمر مشروع الحرب ينتج الحروب ، ويثبت في أرض الواقع نفس العوامل التاريخية المقاومة للوحدة عبر الموقف الرافض لإقامة دولتها .
وأثناء هذه المرحلة الممتدة منذ ذلك التاريخ حتى ٢٠١١ حاول الشعب أن يتدخل بإرادته الحرة لتصحيح المسارات ، وشكل بثورته وحراكه السلميين ضغطاً قوياً لإجراء حوار وطني شامل يستعيد بواسطته المبادرة من خلال عقد اجتماعي جديد يحدد الخطوط العريضة الأساسية لشكل ومضمون الدولة وحق الناس في تقرير خياراتهم السياسية .
إن ما تم التوصل إليه بالحوار شكل إدانة لكل الحروب التي شهدها اليمن ، ولذلك لا غرابة أن يُستفز دعاة الحروب للانقضاض على نتائج الحوار كل من مخبئه ليمهدوا الطريق للانقلاب الدموي الحوثي الذي أغرق اليمن في المأساة التي أصبحت فيها الجمهورية أطلالاً ، والوحدة ذكرى ، والوطن سراب .
المنابذة بتوظيف أي من هذه المكونات الثلاثة في الصراع السياسي لا يعني شيئاً أكثر من أننا لم نتعلم من هذا الدرس .. انتهى الدرس يا أحرار اليمن وأفيقوا يرحمكم الله .