المتشائل مصطلح لغوي أبدعه الكاتب الفلسطيني أميل حبيبي، والمتشائل حالة وسطية بين المتفائل والمتشائم، وهذه الحالة تنطبق على أوضعنا نحن الفلسطينيين في قطاع غزة، فلا نحن قادرون على التفاؤل، ولا نحن مستعدون للتشاؤم، نتابع الأحداث، ونرقب التطورات، ونركب المفردات، لنصل إلى نتائج منطقية تقول بأن التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، مع وقف إطلاق النار أمر حتمي، وضروري لكل الأطراف، لتأتي النتائج مغايرة لكل التحليلات والتقديرات.
فما الذي استجد على الساحة الدولية والعربية والفلسطينية لنكون متفائلين، وهذا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو يقف بالمرصاد لكل تفاهمات يتوصل إليها قادة الأجهزة الأمنية المكلفين بملف التفاوض، ولماذا نتشاءم وهناك حراك على أكثر من صعيد، وفي أكثر من مكان، وهناك تدخلات من أعلى المستويات الدولية، ومن كل اقطار الأرض، وعلى كل المستويات السياسية والاجتماعية.
أيام عصيبة يعيشها الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ممزق بين القبول بأي صيغة اتفاق توافق عليها تنظيمات المقاومة، تخرجه من يم الجوع والقلق والفزع، وبين رفض أي وقف لإطلاق النار لا يضمن الإعمار والانسحاب وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، مع نهاية العدوان، ويضمن المستقبل الآمن لأبناء الشعب الفلسطيني، وذلك رغم ما يعانيه أهل غزة من نقص الطعام والشراب، ومن انعدام مقومات البقاء.
اقرأ أيضا| هل وقف إطلاق النار في غزة ممكن؟
التشاؤل لا يعني فقدان الأمل، ولا يعني موت الامنيات، التشاؤل يعني الحذر من مسلسل الأخبار عن اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، لمناقشة وقف إطلاق النار، والتشاؤل يعني الحذر من زيارة وفد أمني إسرائيلي إلى مصر، ويعني الحذر من الضغوط الأمريكية التي تطالب بصفقة قبل وصول ترامب إلى مقر الرئاسية، والتشاؤل يعني الحذر من الأخبار التي تفيد بعودة قطر للوساطة، والحذر من عودة قيادة حماس للإقامة في قطر، وتعني الحذر من لقاء وفد التنظيمات الفلسطينية مع قيادة المخابرات المصرية، وتعني الحذر من التوصل لصيغة اتفاق بين حركتي حماس وفتح حول تركيبة اللجنة التي ستشرف إلى إدارة غزة، ومهماتها، وصلاحياتها، ومرجعياتها التنظيمية والسياسية.
حتى الآن، يعكس الفلسطينيون رغبتهم وأمنياتهم وهم يقرأون الأخبار، ويتابعون التطورات، بما في ذلك زيارة وفد أوروبي لمعبر رفح الحدودي من الجانب المصري للمعبر، كإشارة إلى جدية المفاوضات، ولكن، وحتى الآن، لا يوجد ما يشر إلى قرب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وحتى الآن يجب العض على النواجذ، وتوطين النفس على الصبر، والانتظار، واحتساب هذا التعب والشقاء من أجل الدين والوطن، ومن أجل مستقبل لا يهددنا فيه الصهاينة، ولا يزعجنا فيه الخوف من العدوان.
نعم للتشاؤل، ولكنه تشاؤل المتفائل بقرب توقف العدوان، وانتهاء هذه الجولة من حرب الإبادة، ولاسيما بعد ان استنفذ العدو كل طاقاته، وبعد أن ظل الميدان في قبضة رجال المقاومة، وظلت لهم الكلمة العليا رغم أنف الجيش الإسرائيلي.