بلغت الوقاحة بوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير حد اتّهام الأمم المتحدة، وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، بمُعاداة الساميّة، بعد صُدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يُطالب بوقفٍ فوريٍّ لإطلاق النّار في حرب غزة. هذه القرار يشكل تهمة إدانة دولية غير مسبوقة لدولة عنصرية متطرفة سياسياً وديمغرافياً، ووقحة في عدوانيتها، ومستهترة وساخرة بالإجراءات والقرارات التي تتخذ وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة الصادرة بحقها إدانة لها.
أقول غير مسبوقة في تاريخ الأمم المتحدة لأنها منذ تأسيسيها لم تتجرأ على اتخاذ هكذا قرار بحق الكيان الصهيوني المحتل، هذا الكيان الذي دأب منذ اليوم الأول لقيامه غير المشروع على أرض فلسطين في العام 1948 على تحدي القرارات والتوصيات والإجراءات التي تتخذ بحقه وفق مقررات الأمم المتحدة استناداً إلى فقرات ومواد ميثاقها العام وعدم الإمتثال لها.
وهو أيضاً واقعة على مستوى المبادرة غير المتوقعة وغير المسبوقة من الإدارة الأميركية، التي طالما اتخذت من حق الفيتو درعاً دولياً وسياسياً سميكاً لصد أي قرار إدانة لإسرائيل يصدر من مجلس الأمن الدولي، هي التي تقوم بصياغة مشروع القرار وتدفع به إلى مجلس الأمن الدولي لكي يصوت عليه من أجل تمريره نحو التنفيذ باتجاه إدانة إسرائيل على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على غزة، والتي أدانتها محكمة العدل الدولية وطالبت إسرائيل بإيقاف حربها ضد غزة.
وبالرغم من أنَّ القرار صوتت ضده روسيا والصين والجزائر لصالح القضية الفلسطينية، لأنه لا يرقى إلى مستوى الطموح الدولي والإقليمي والفلسطيني في إيقاف مستدام لإطلاق النار في غزة الذي تجاوز عدد ضحاياه 32 ألف شهيد وأكثر من سبعين ألف جريح، ناهيك عن النازحين والأزمة الإنسانية بسبب نقص الغذاء والدواء، فضلاً عن أنه يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاجتياح رفح.
أعود إلى إيتمار بن غفير، الذي اتهم الأمم المتحدة وأمينها العام، وهو واحد من المسؤولين الصهاينة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذين هالهم عدم التمكن من تحقيق أهداف إسرائيل من حرب غزة التي مضى عليها ستة أشهر لا عد لها ولا حصر، وأهمها ما أعلن عنه نتنياهو وهو القضاء على حماس، وهو اليوم أبعد من بعيد المنال، وثانيها ما أعلن عنه الرئيس إلاسرائيلي إسحق هرتسوغ، الذي أعلن استِمرار القتال حتّى الوصول إلى يحي السنوار “حيًّا أو مَيْتًا”، وكلا الهدفين ينطبق عليهما المثل العربي القائل (بعيد اللبن عن وجه مرزوق)، بإصرار المقاومة على الاستمرار في القتال وإصرار الخيرين والشرفاء على دعمها في العراق ولبنان واليمن على مستوى العرب وفي إيران على مستوى الأجانب لوجستياً وفي تركيا إعلامياً.
إنَّ الربط بين السامية والإدانة العالمية والإقليمية لإسرائيل في عدوانيتها ضد الشعب الفلسطيني لم تعد أهدافه خافية على أحد، وهو ما يقوم المسؤولون الصهاينة بتوظيفه للنيل من كل من يتجرأ على معاداة إسرائيل أو توجيه أي نقد أو لوم لها.