وساطة بابا الفاتيكان.. هل تغير مسار الحرب الروسية الأوكرانية؟
كان البابا فرنسيس أكد أن أوكرانيا يجب أن تتحلى بما سماها شجاعة "الراية البيضاء" وأن تتفاوض على إنهاء الحرب التي بدأت بإعلان العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق وأودت بعشرات الآلاف.
رفض الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي أمس الأحد دعوة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان للتفاوض مع روسيا ووصفها بأنها “وساطة افتراضية” من بعد.
ولم يشر زيلينسكي في خطابه المسائي المصور مباشرة إلى البابا أو تصريحه، لكنه قال إن أفكار البابا لا علاقة لها بجهود الشخصيات الدينية في أوكرانيا لمساعدة البلاد.
وقال زيلينسكي “إنهم يدعموننا بالصلاة وبمناقشاتهم وبالأفعال… هذا حقاً ما يجب على الكنيسة القيام به تجاه الناس”. وأضاف “(لكن) ليس على بعد 2500 كيلومتر، في مكان ما، تجري وساطة افتراضية بين شخص يريد أن يعيش وآخر يريد أن يدمرك”.
وتابع الرئيس الأوكراني “عندما بدأ الشر الروسي هذه الحرب” في الـ24 من فبراير (شباط) 2022، “قام جميع الأوكرانيين بالوقوف للدفاع عن أنفسهم. مسيحيين ومسلمين ويهوداً، الجميع”.
طاولة المفاوضات
وفي السياق، أبدت روسيا تفهمها لدعوة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس لإجراء محادثات لإنهاء الحرب الأوكرانية، مؤكدة استعدادها للجلوس على طاولة المفاوضات، لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استبق موقف موسكو بإعلان رفضه الدعوة ووصفها بأنها “وساطة افتراضية” من بعد.
وقال الكرملين، اليوم الإثنين، إن دعوة البابا فرنسيس أمر مفهوم تماماً، وإن روسيا مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات لكن كييف هي التي استبعدت إجراء محادثات بسبب وجهة نظرها الخطأ بأن الغرب قادر على هزيمة موسكو.
وكان البابا فرنسيس أكد أن أوكرانيا يجب أن تتحلى بما سماها شجاعة “الراية البيضاء” وأن تتفاوض على إنهاء الحرب التي بدأت بإعلان العملية العسكرية الروسية واسعة النطاق وأودت بعشرات الآلاف.
وتصف روسيا الحرب بأنها “عملية عسكرية خاصة” لضمان أمنها. ووصفتها كييف والغرب بأنها حرب وحشية تحمل طابع الغزو الاستعماري.
هزيمة استراتيجية
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين عندما سئل عن تصريحات البابا، “من المفهوم تماماً أن (البابا) تحدث من أجل إجراء مفاوضات”.
وأضاف بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين تحدث مراراً عن استعداد روسيا وانفتاحها على المفاوضات، لكن أوكرانيا رفضت مثل هذه المقترحات.
وتابع بيسكوف، “للأسف، تعرضت تصريحات البابا والتصريحات المتكررة لأطراف أخرى، ومنها نحن، لرفض شديد للغاية في الآونة الأخيرة”، موضحاً أن الوضع في ساحة المعركة يظهر أن آمال الغرب في إلحاق “هزيمة استراتيجية” بروسيا كانت خطأ.
ومضى في تعقيبه، “هذا هو أعمق سوء فهم وأعمق خطأ ويعد مسار الأحداث، في ساحة المعركة في المقام الأول، هو أوضح دليل على ذلك”.
رفض أمريكي
ويقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه بعد وقت قصير من إرسال قوات إلى أوكرانيا، اقتربت موسكو وكييف من الاتفاق على وقف إطلاق النار، لكن بريطانيا عرقلت الاتفاق.
ورفضت أن الولايات المتحدة اقتراح بوتين بوقف إطلاق النار في أوكرانيا لتجميد الحرب بعد اتصالات بين وسطاء.
وقال زيلينسكي، الذي وقع مرسوماً في عام 2022 يستبعد إجراء محادثات مع بوتين، الأسبوع الماضي، إن روسيا لن تكون مدعوة لحضور قمة السلام الأولى المقرر عقدها في سويسرا.
صومعة تخزين
ميدانياً قالت شركة “يوكرلاند فارمينغ”، في وقت متأخر من أمس الأحد، إن صومعة تخزين حبوب كبيرة دمرت بالكامل جراء هجوم صاروخي روسي على منطقة دنيبرو بشرق أوكرانيا، خلال مطلع الأسبوع، مما أدى إلى إصابة شخص واحد.
وتعد “يوكرلاند فارمينغ”، التي تمتلك الصومعة المدمرة، واحدة من أكبر الشركات الزراعية في أوكرانيا وتكبدت نتيجة المعارك بين موسكو وكييف في سنة 2022 خسائر بلغت نحو مليار دولار حتى نهاية سنة 2023.
وقالت الشركة في بيان، “في مساء يوم التاسع من مارس (آذار) 2024، شن العدو هجوماً صاروخياً على منطقة دنيبرو. وأصيب موظف لدينا يبلغ من العمر 58 عاماً. ودمرت منشآت الإنتاج في شركتنا بالكامل”.
وقال محللون من كلية كييف للاقتصاد الشهر الماضي إن القطاع الزراعي الأوكراني تكبد ما يقرب من 80 مليار دولار من الخسائر المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالحرب الروسية.
ويتضمن هذا الرقم خسائر قدرها 5.8 مليار دولار نتيجة تدمير المعدات و1.8 مليار دولار بسبب الأضرار التي لحقت بالصوامع ونحو ملياري دولار من الخسائر بسبب تدمير المنتجات الزراعية.
وفي بداية يناير (كانون الثاني) 2023، قدر المحللون هذه الخسائر بنحو 38 مليار دولار.
ماكرون يؤجل زيارته
قالت الرئاسة الفرنسية أمس الأحد إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيزور أوكرانيا خلال الأسابيع المقبلة، في ثالث تأجيل لزيارة كانت مقررة منذ فبراير.
كان ماكرون قد قال في بادئ الأمر إنه يعتزم التوجه إلى أوكرانيا في فبراير لتوقيع اتفاق أمني ثنائي مع زيلينسكي، لكن تلك الزيارة تأجلت بعد أن توجه زيلينسكي في نهاية المطاف إلى باريس لإبرام الاتفاق.
وذكرت الرئاسة الفرنسية بعد أن تحدث الرئيسان عبر الهاتف في وقت مبكر الأحد “اتفق رئيسا الدولتين على البقاء على اتصال وثيق، وبالتحديد في ما يخص زيارة الرئيس إلى أوكرانيا، والتي ستتم خلال الأسابيع المقبلة”.
وذكر مصدران دبلوماسيان أن الرئاسة الفرنسية تدرس مسألة توسيع نطاق الزيارة إلى أوكرانيا لتشمل رؤساء دول غربية أخرى للانضمام إلى ماكرون بدلاً من أن تكون مجرد زيارة ثنائية، وذلك في جهد لإظهار الوحدة بين الحلفاء والتضامن مع أوكرانيا.
تضاعف واردات الأسلحة
تضاعفت واردات الأسلحة إلى أوروبا تقريباً في السنوات الخمس الماضية وتضخمت بسبب الحرب في أوكرانيا، في حين انخفضت الصادرات الروسية إلى النصف، وفقاً لتقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) نشر الإثنين. وقال المعهد إن أوكرانيا أصبحت رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وحلت فرنسا محل روسيا بصفتها ثاني أكبر مصدر في العالم بعد الولايات المتحدة.
خلال الفترة بين 2019 و2023، قفزت واردات الأسلحة إلى أوروبا بنسبة 94 في المئة مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وفق المعهد. وهذه الزيادة ترجع إلى حد كبير إلى الحرب في أوكرانيا، بحسب ما قالت كاتارينا ديوكيتش الباحثة في سيبري لوكالة الصحافة الفرنسية. ونظراً إلى أن حجم الشحنات يمكن أن يتقلب بصورة كبيرة من سنة إلى أخرى، يقدم (سيبري) بيانات على مدى فترات من خمس سنوات، ما يوفر مقياساً أكثر استقراراً للاتجاهات.
مساعدات عسكرية
ويشير التقرير إلى أنه منذ فبراير 2022، قدمت 30 دولة في الأقل مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا، لكن دولاً أوروبية أخرى زادت أيضاً من وارداتها، وجاءت حصة مهمة من الولايات المتحدة، أكبر مصدر للأسلحة في العالم. فبين عامي 2019 و2023، جاءت 55 في المئة من الواردات إلى أوروبا من هذا البلد، بزيادة 35 في المئة مقارنة بالفترة بين عامي 2014 و2018.
وقالت ديوكيتش إن هذا يرجع جزئياً إلى أن معظم الدول الأوروبية أعضاء في حلف شمال الأطلسي وشركاء في تطوير معدات عسكرية مثل الطائرة المقاتلة “أف-35”. وفي الوقت نفسه، فإن هذه القفزة في واردات الأسلحة من الولايات المتحدة تعكس هرع الأوروبيين للحصول على الأسلحة في أسرع وقت ممكن، على حساب ما قد يعنيه ذلك من عدم تركيزهم على تطوير أنظمة عسكرية جديدة.
بصورة عامة، زادت صادرات الولايات المتحدة بنسبة 17 في المئة خلال الفترة المرصودة، وهو ما يمثل 42 في المئة من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية.
أما روسيا التي كانت لفترة طويلة ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم، فلم تعد كذلك إذ شهدت البلاد انخفاض صادراتها بنسبة 53 في المئة بين عامي 2014 و2023. ولا تصدر موسكو أسلحة أقل فحسب، بل إنها تصدر أيضاً إلى عدد أقل من البلدان: في عام 2019 صدرت إلى 31 دولة، وفي 2023 صدرت إلى 12 بلداً.