هولندا بين حرية التعبير ودعم جرائم الاحتلال
بينما تدعي بعض الدول – ومنها هولندا – التزامها بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن مواقفها في دعم الاحتلال الإسرائيلي تتناقض بشكل فاضح مع شعارات الحرية والعدالة التي تروج لها
في ظلّ تصاعد التوترات العالمية بشأن حقوق الإنسان والحريات، تتكشف ازدواجية صريحة في تعامل بعض الدول الغربية مع القضية الفلسطينية.
بينما تدعي بعض الدول – ومنها هولندا – التزامها بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن مواقفها في دعم الاحتلال الإسرائيلي تتناقض بشكل فاضح مع شعارات الحرية والعدالة التي تروج لها. وبينما ينادي الغرب بحرية التعبير وحقوق الإنسان، فإن الدعم المستمر لإسرائيل في ارتكاب انتهاكات ضد الفلسطينيين يكشف عن انحياز واضح لهدف سياسي بعيد عن قيم العدالة.
في الآونة الأخيرة، شهدت العاصمة الهولندية أمستردام تصعيدًا في المواجهات بين مؤيدين لفلسطين وأنصار إسرائيل، وهو ما أدَّى إلى توترات أمنية وسياسية. هذه الحوادث لم تكن مجرد تصادم بين جاليات مختلفة، بل كانت مؤشرًا على عمق الأزمة التي يعيشها الفلسطينيون في الغرب؛ حيث يتعرضون لمحاولات شيطنة مستمرة من قبل اللوبيات المؤيدة لإسرائيل.
اقرأ أيضا.. كيف تفرض سياسات “ترمب” على بريطانيا العودة إلى فلك الاتحاد الأوروبي؟
أحد الأبعاد المقلقة لهذه الازدواجية هو الحملات الإعلامية التي تشنها اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في أوروبا، حيث تحاول تهميش القضية الفلسطينية تمامًا، وتقديمها على أنها قضية هامشية، أو حتى قضية “معادية للسلام”
وفي هذه الأجواء، حاول الاحتلال الإسرائيلي استغلال هذه الحوادث لتمرير أجنداته السياسية، عبر اتهام هولندا بعدم توفير الحماية اللازمة للمواطنين الإسرائيليين. وقد ارتفعت حدة هذا التصعيد حتى وصل الأمر إلى إصدار أوامر عسكرية من الاحتلال بمنع الجنود الإسرائيليين من السفر إلى هولندا.
لكن ما يثير القلق بشكل خاص هو ازدواجية المواقف الغربية تجاه الفلسطينيين، واتهامهم زورًا بمعاداة السامية؛ فبينما يدّعي الاحتلال الإسرائيلي أن الانتقاد له يعادل معاداة السامية، فإن التاريخ يثبت أن الساميين الأصليين هم العرب، بمن فيهم الفلسطينيون الذين هم الورثة الحقيقيون لهذا التراث.
إن هذا الربط الزائف بين معاداة السامية والفلسطينيين يهدف إلى التغطية على الجريمة المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، من قتل وتشريد وتهويد للأراضي.
وبينما تتبنَّى بعض الدول الغربية شعار “حرية التعبير” كقيمة أساسية في أنظمتها السياسية، يظهر بجلاء كيف يتم تقييد هذه الحرية عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن موقف مناهض للاحتلال الإسرائيليّ.
لا يقتصر الأمر على القمع المادي فقط، بل يمتدّ ليشمل التضييق على المجال السياسي والاجتماعي للفلسطينيين في الغرب؛ ففي الوقت الذي يدافع فيه الغرب عن حرية التعبير على مستوى العالم، يمارس ضغوطًا على الناشطين الفلسطينيين لتقليص حرياتهم، بل ويتهمهم زورًا بمعاداة السامية لمجرد انتقادهم للاحتلال الإسرائيلي.
أحد الأبعاد المقلقة لهذه الازدواجية هو الحملات الإعلامية التي تشنها اللوبيات المؤيدة لإسرائيل في أوروبا، حيث تحاول تهميش القضية الفلسطينية تمامًا، وتقديمها على أنها قضية هامشية، أو حتى قضية “معادية للسلام”.
هذه الحملات ليست جديدة، بل هي جزء من إستراتيجية قديمة تهدف إلى قمع أي صوت فلسطيني يرفض الاحتلال. ولكن في الحقيقة، إن هذه الحملات لا تمثل إلا محاولة فاشلة لتغطية الانتهاكات المستمرّة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
في هذا السياق، يبرز دور هولندا كجزء من هذا الانحياز الغربي الواضح تجاه الاحتلال.. ففي الوقت الذي تتبنى فيه هولندا قوانين تحمي حرية التعبير، نجد أن الفلسطينيين الذين يعبرون عن تضامنهم مع قضيتهم يعانون من استهداف مستمر!
إنه تناقض صارخ بين الالتزام بالمبادئ الديمقراطية والتطبيق الفعلي لهذه المبادئ على الأرض، ما يكشف عن ازدواجية في المواقف، وافتقار حقيقي للمصداقية في السياسة الغربية تجاه الحقوق الفلسطينية.
اللحظة قد حانت لكي يعيد المجتمع الدولي تقييم موقفه من فلسطين، ويعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وعيشهم بحرية وكرامة
الواقع يبين بوضوح أن الدعم الغربي لإسرائيل لم يعد مقتصرًا على تقديم العون السياسي والاقتصادي فقط، بل يتعداه إلى تشويه سمعة الفلسطينيين، واتهامهم زورًا بمعاداة السامية. هذه الحملة الإعلامية ليست سوى محاولة لتغطية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وبينما يدافع الغرب عن إسرائيل بشكل مستمر، فإنه يغض الطرف عن الجرائم التي تُرتكب بحق الفلسطينيين، بل ويجعل من هذه الجرائم جزءًا من رواية مشوهة لا تعكس الحقيقة.
ما يحدث في هولندا يجب أن يُنظر إليه كجزء من معركة أكبر بين الحقيقة والافتراء، حيث يستمر الغرب في الترويج لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين أن مواقفه الفعلية تدعم بشكل غير مباشر استمرار الاحتلال الإسرائيلي. إن هذا التناقض يعكس الازدواجية في السياسة الغربية تجاه الفلسطينيين، ويؤكد أن المصلحة السياسية والاقتصادية تتفوق على المبادئ الإنسانية المعلنة.
إن اللحظة قد حانت لكي يعيد المجتمع الدولي تقييم موقفه من فلسطين، ويعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وعيشهم بحرية وكرامة.. الوقت قد حان ليكشف الفلسطينيون للعالم أجمع عن هذه الازدواجية الغربية، وأن يعززوا من نضالهم لفضح هذه السياسات المنافقة، التي تسعى إلى إخفاء الحقيقة وتشويه قضيتهم العادلة.