هل ينجح الغرب في إسكات الأصوات المتضامنة مع فلسطين؟
دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس الإرهاب الجماعي على الشعب الفلسطيني بل والعالم كله، وتصدر للعالم انطباع أنها دولة لا تعترف بالإنسانية ولا يهمها طفل جائح أو مريض أو أسرة مشردة في أماكن الإيواء في غزة
كان اقتحام مقر شركة دفاع في فيلتون بالقرب من بريستول في المملكة المتحدة على يد ناشطون من منظمة “فلسطين أكشن” بمثابة حادث هز دولة إسرائيل خلال الأيام الأخيرة، حيث تسبب في أضرار بقيمة مليون جنيه استرليني في غارة على مقر الشركة الإسرائيلية.
وجاء هذا الحادث ليضع النشطاء الفلسطينيين أمام اتهامات بالإرهاب بعد اقتحام مقر الشركة، وكان من ضمنهم معلمة حضانة وخريجة أكسفورد، ولكن ما الذي دفعهم لفعل ذلك خاصة بأدوات بسيطة مثل المطارق والسياط والفؤوس؟
في الحقيقة، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تمارس الإرهاب الجماعي على الشعب الفلسطيني بل والعالم كله، وتصدر للعالم انطباع أنها دولة لا تعترف بالإنسانية ولا يهمها طفل جائح أو مريض أو أسرة مشردة في أماكن الإيواء في غزة، أو حتى صغار وكبار يفقدون آبائهم وأمهاتهم كل لحظة، فهي لا تريد إلا أن تسيطر على كل بقعة في فلسطين بدم بارد، وأن تفوت الفرصة على أي جماعة تدافع عن نفسها أو حتى عن القضية.
ومن الواضح أن المنظمة الفلسطينية التي نفذت هذا الهجوم تحت مسمى “فلسطين أكشن” تريد الرد على إسرائيل بنفس الطريقة التي تمارسها دول الاحتلال ضد أهالي غزة، ولكن هذه الجماعة أو المنظمة بدائية وتستخدم وسائل هجوم ودفاع بسيطة، لكنها أرادات أن توجه رسالة إلى دولة الاحتلال، مفادها أنهم صامدون وللمواجهة بقية حتى ولو كانت حركة حماس خارج الصورة والمشهد السياسي تماما.
ومن المعروف أن تلك الجماعة كانت لها سابقة في أغسطس الماضي في المملكة المتحدة أيضا، عندما داهمت مصنع شركة “إلبيت سيستمز” ، حيث ارتدى أعضاؤها بدلات حمراء “ودخلوا المستودع واستخدموا المطارق الثقيلة لتحطيم العناصر الموجودة داخله واعتدوا أيضا على أفراد طاقم الأمن في المصنع الذي ترجع ملكيته لإسرائليين، وبعد ذلك نشرت الواقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد وجهت إليهم تهمة إثارة الشغب العنيف، والاعتداء الذي أدى إلى إلحاق أذى جسدي خطير للعاملين في المصنع.
ووقتها، وجهت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية اتهامات إلى 7 أشخاص بالتسبب في أعمال شغب عنيفة بعد اقتحام مبنى تابع لشركة الدفاع الإسرائيلية “إلبيت” في جنوب غرب إنجلترا.
أما عن موقف هذه الجماعة، فبررت “فلسطين أكشن” ذلك برفضها الاتهامات بالعنف ضد الشرطة وموظفي الأمن، وقالت إن السلطات أطلقت “حملة تشهير” للتأثير على نتيجة المحاكمة، كما رفضت أن يتم ترهيبها للسماح بحدوث إبادة جماعية في فلسطين، وكأنها تقول للغرب أنكم تبررون الإرهاب الداخلي وتدافعون بكل قوة واستماتة عن إرهاب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني المعذب، والذي يواجه الموت يوميا منذ أحداث السابع من أكتوبر من العام الماضي وذلك للشهر الحادي عشر على التوالي.
وفي وصفها عن نفسها، قالت الجماعة على موقعها الإلكتروني، أنها تهدف إلى “تفكيك التواطؤ البريطاني مع نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، كما تقول أن العمل المباشر ضد شركة إلبيت هدفه لستهداف مصدر العنف الاستعماري والإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وتقويض استفادة إلبيت من المجازر الإسرائيلية اليومية.
ومن المعروف أيضا أن أكبر شركة لتصنيع الأسلحة في إسرائيل توفر نحو 85 في المائة من الذخائر البرية والجوية التي يستخدمها جيش الاحتلال، وبالتالي تقوم هذه الجماعة بهذه التصرفات لتلفت انتباه العالم ضد صفقات السلاح التي تورد يوميا لإسرائيل من أجل إبادة الشعب الفلسطيني.
ومنذ تأسيسها في عام 2020، أجبرت حركة فلسطين على إغلاق مصنع شركة إلبيت في أولدهام بشكل دائم ودفعت الشركة إلى التخلي عن مقرها الرئيسي في لندن، وفي عام 2022 أدت الاحتجاجات التي قامت بها المجموعة إلى إلغاء عقود بقيمة 280 مليون جنيه إسترليني (358 مليون دولار) بين وزارة الدفاع البريطانية وشركة إلبيت سيستمز، وهذا دفع العديد من الشركات البريطانية والأوروبية إلى قطع العلاقات مع إلبيت بشكل دائم.
ورغم كل هذا، يبدو أن الغرب يريد محاكمة المتعاطفين مع القضية الفلسطينية بتهم الإرهاب، فالغرض من هذا إسكات الأصوات المتضامنة مع القضية الفلسطينية وهو في نفس الوقت دعم غير مباشر لإسرائيل.