مازالت الحرب على غزة تُلقي بظلالها على الأحداث العالمية، ومع قدوم العام الجديد 2025 وقرب تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على عرش أميركا، تبقى غزة موضوعًا يحظى باهتمام كبير وتكهنات كثيرة.
ومع قرب تنصيب ترامب، يثار التساؤل عن أثر عودته على الصراع الدائر في غزة، خاصة وأن سنوات حكمه السابقة قد شهدت مساعي حثيثة لتصفية القضية الفلسطينية، وتعزيز صفقة القرن على حساب حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وظهر ذلك جليًا من خلال مواقف سابقة لترامب خاصة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إليها، ومحاولة تمرير صفقة القرن!.
والحقيقة التي يعلمها كثيرون، هي موقف ترامب الداعمة لإسرائيل على حساب أي شيء آخر، فرغم تصريحاته الإعلامية بضرورة دفع الولايات المتحدة الأمريكية بسلسلة مساعدات إلى الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن سنة كاملة، مازال الرئيس المنتخب يدعم فكرة أن تكون فلسطين إسرائيلية بالكامل، وهذا من أجل إرضاء اللوبي الصهيوني في أمريكا الذي سعى لعودته إلى صدارة المشهد السياسي مجددًا على حساب بايدن، الذي أبدى تعاطفا مع فلسطين وغزة، ورفض الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني بعد الحرب، وطالب تل أبيب بوقف سيل الدماء على أرض فلسطين.
اقرأ أيضا.. إسرائيل تدق المسمسار الأخير في نعش «الأونروا»
ولكن يبدو أن “ترامب” سيسير على نفس النسق الذي سار عليه في ولاته الأولى ما يعني مواصلة دعم إسرائيل على حساب فلسطين، فسيواصل دعمه لتل أبيب، بأن يترك لها زمام الأمور في إدارة الحرب على غزة، بدون تقييدها أو مطالبتها بوقف الحرب.
لم يتعهد ترامب حتى الآن برسم خطوط حمراء بشأن الحرب على قطاع غزة أو حتى بمطالبة صريحة لإسرائيل بأن ترفع يدها عن غزة، وأن توقف الحرب مثلما طالب بوتن وزيلنكسي بوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وطي هذه الصفحة، فيما يتوقع أغلب المتشائمين أن يسلك “ترامب” نفس مسلك الحرب في أوكرانيا، وقد يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لوقف الحرب على غزة، ولكن في نفس الوقت يتوقع كثيرون بأن ترفض إسرائيل ذلك وتستمر في الحرب، وأن تقوم بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية إليها وبناء “كيبوتس” جديدة على أراضي الضفة الغربية، ولا عزاء للفلسطينيين.
والمتوقع أكثر أنه ربما قد يدعم “ترامب” مخطط صفقة القرن بعد عودته إلى البيت الأبيض، حيث يعزز النفوذ واللوبي الصهيوني ضغطه على الرئيس الأميركي من أجل تحقيق هذا الهدف، ولكن يظل بإمكان “ترامب” أيضا صناعة السلام إذا كان جاد في تقديم شيء جديد للفلسطينيين، وذلك بدلا من المساعدات العينية، كما أن بإمكانه أيضًا دخول التاريخ إذا قرر إعادة إحياء حل الدولتين، فالفرصة ممكنة مهما كانت الأمور تبدو سوداوية.
وأكثر ما يعزز هذه النظرة، هو تصريحات ترامب التي تحمل وعودا بإنهاء الأزمة، فإنها تأتي في سياق تصعيدي يزيد من معاناة الفلسطينيين، ولكن يبقى التحدي الأكبر في استجابة إسرائيل للتهدئة الشاملة وحتمية وقف الحرب على غزة.
وتبقى ازدواجية المعايير حاضرة بقوة أمام ترامب، خاصة بعدما وعد بإنهاء جميع الحروب، فتعهد بحل حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من توليه منصبه ومساعدة إسرائيل في إنهاء عملياتها في غزة ولبنان بسرعة، ولكن تشير التوقعات إلى أن اليمين الإسرائيلي سيحظى بدعم كامل من الولايات المتحدة لتنفيذ كل ما تفكر فيه إسرائيل في غزة والضفة وكل أراضي فلسطين، لذلك قد يسعى ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة وأنه يتبنى توجهات متشددة تجاه الفلسطينيين، تسعى لتصفية قضيتهم.
كذلك عدم إيمان “ترامب” بحل الدولتين لا يبقي للفلسطينيين أساسا للمراهنة على مسار المفاوضات، أو حلول السلام في غزة!.
ويبقى السؤال الأهم: هل سيكون لـ”ترامب” دورًا بناءًا في تحقيق التهدئة، وهل سيكون قادرًا على صنع السلام في غزة؟.