دولة الإحتلال

هل تأخّر غانتس في الاستقالة؟

خسر غانتس الكثير من التأييد بسبب المماطلة في اتخاذ القرار بالخروج من حكومة الحرب، لأن نتنياهو كان واضحاً منذ البداية أنه لن يوقف الحرب، فهو يدرك تماماً أنه ساعة يتوقف القتال، سيتعرّض للمساءلة عن الإخفاق في "7 أكتوبر"، وفي قضايا الفساد الموجّهة إليه.  

هل تأخّر الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في الاستقالة؟ سؤال بديهي يُطرح مع تمكّن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تقليص الفارق معه في استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة.
ومع ذلك، تبقى للاستقالة مفاعيلها الداخلية، كونها حرمت نتنياهو من غطاء وسطي في القرارات التي يتخذها، وجعلته يقع بالكامل تحت رحمة الوزيرين المتشدّدين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. وفي الوقت نفسه، عزّزت الاستقالة المعسكر المعارض الذي يضغط من أجل وقف للنار، وتنفيذ صفقة لتبادل الرهائن.
وتتيح استقالة غانتس عودة الشارع الإسرائيلي إلى التحرّك من أجل التوصل إلى صفقة التبادل، على غرار التظاهرات التي كانت تخرج في إسرائيل قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 في مواجهة التعديلات القضائية التي اقترحها نتنياهو للحدّ من صلاحيات المحكمة العليا.
تركّز الخلاف المباشر بين غانتس ونتنياهو على مطالبة الأول للثاني بوضع استراتيجية لـ”اليوم التالي” للحرب في غزة، الأمر الذي يرفضه رئيس الوزراء ويتمسك باستمرار الحرب حتى تحقيق ما يسمّيه “النصر الكامل”.
ولا يعارض غانتس “النصر الكامل” ولا “تدمير” حركة “حماس”، إنما يرى أن إسرائيل لن تحقق أهداف الحرب في حال استمرت في القتال من دون رسم خطة لما بعد الحرب، تنص بوضوح على الجهة التي ستتولّى إدارة القطاع مستقبلاً.
ولا يعارض غانتس أن تتولّى إدارة القطاع أطراف فلسطينية وعربية ودولية، على أن تحتفظ إسرائيل بدور أمني في المستقبل المنظور. ويرى أن المضي في الحرب من دون القول ماذا تريد إسرائيل في نهاية المطاف، يعرّض النجاحات التكتيكية التي أحرزها الجيش الإسرائيلي للفشل الاستراتيجي.
وفي 18 أيار (مايو) الماضي، حدّد غانتس مهلة ثلاثة أسابيع لنتنياهو للخروج بخطة “اليوم التالي”. وحتى قبل انقضاء المهلة، عبّر غانتس عن استيائه في أكثر من مناسبة من أداء الحكومة، وأثار جدلاً بشأن عدد من القضايا، مثل قيادة الجيش وضرورة فتح المجال للتوصل لاتفاق في شأن “حلّ الدولتين” مع الفلسطينيين. وهو دعا في نيسان (أبريل) المنصرم لإجراء انتخابات جديدة في أيلول (سبتمبر) المقبل، لكن دعوته قوبلت بالرفض.
وبعدما كان يتقدّم هو وتيار الوسط على نتنياهو بفارق مريح في استطلاعات الرأي قبل أشهر، تقلّص هذا الفارق وبات مستقبله السياسي غير واضح مع احتفاظ الائتلاف الحاكم بالأغلبية في الكنيست.
وفي آذار (مارس) الماضي، زار غانتس واشنطن وحظي بحفاوة كبيرة، وبدا أن إدارة الرئيس جو بايدن تراهن على دور سيؤديه في صنع القرارات في إسرائيل. لكن وزير الدفاع السابق تردّد على ما يبدو في اتخاذ قرار بالخروج من الحكومة بعد عودته من واشنطن، في وقت كان نتنياهو يرمّم شعبيته بمرور الوقت.
واستفاد نتنياهو من استعادة الجيش أربع رهائن إسرائيليين السبت، من أجل تعزيز سياسته القائلة إن الضغط العسكري وحده كفيل باستعادة الرهائن، وليس ابرام التسويات مع “حماس”.
وعندما أتت استقالة غانتس عشية عملية الكوماندوس الإسرائيلي في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، فإن نتنياهو سعى إلى توظيف الاستقالة من منطلق أنها توجّه ضربة للوحدة التي يجب أن تظهر بها إسرائيل في هذا الظرف.
خسر غانتس الكثير من التأييد بسبب المماطلة في اتخاذ القرار بالخروج من حكومة الحرب، لأن نتنياهو كان واضحاً منذ البداية أنه لن يوقف الحرب، فهو يدرك تماماً أنه ساعة يتوقف القتال، سيتعرّض للمساءلة عن الإخفاق في “7 أكتوبر”، وفي قضايا الفساد الموجّهة إليه.
وما فعله غانتس في الأشهر الأخيرة هو تغطية قرارات نتنياهو في استمرار الحرب من دون أفق سياسي، أو القول ماذا ستفعل إسرائيل في حال تمكنت من القضاء على “حماس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى