هل الهدنة مهمة؟
استطلاعات الرأي لدى الجمهور الاسرائيلي مؤخراً تشير الى أن أكثر من 67% من المستطلعين يؤيدون عملية عسكرية برية لإجتياح مدينة رفح بهدف استئصال أخر بؤر المقاومة فيها حتى لو كلفهم ذلك التضحية بعدد من الأسرى الاسرائيليين المحتجزين
تعثرت مفاوضات الهدنة في القاهرة بطريقة غير متوقعة، وبرغم الزيارات المكوكية لرئيس وكالة المخابرات الأمريكية CIA ا وليام بيرنز الى باريس والقاهرة والدوحة.
إلا أن كل هذه الضغوط الأمريكية لم تفلح بإقناع اسرائيل عن التخلي عن مطالبها المتشددة. وبات واضحاً للجميع أن حكومة نتنياهو فرحة بإنهيار مفاوضات الهدنة في القاهرة أكثر من أي طرف أخر.
وظهر ذلك جليا في حديث نتنياهو البارحة لشبكة (أي بي سي نيوز) الأمريكية حيث هدد بإجتياح رفح القريب من أجل إعلان النصر التام حسب إدعائه!. وفي الواقع، لم نتفاجئ كفلسطينيين بهذه التصريحات، فمن مصلحة نتنياهو وحكومته استمرار هذه الحرب لسنوات لأنها تدرك أنها فقدت قاعدتها الانتخابية في أي انتخابات قادمة.
كما أن استطلاعات الرأي لدى الجمهور الاسرائيلي مؤخراً تشير الى أن أكثر من 67% من المستطلعين يؤيدون عملية عسكرية برية لإجتياح مدينة رفح بهدف استئصال أخر بؤر المقاومة فيها حتى لو كلفهم ذلك التضحية بعدد من الأسرى الاسرائيليين المحتجزين.
ما أود قوله هنا أن نوايا العدو واضحة، هم يريدون الاستمرار بعمليتهم العسكرية حتى يصلوا الى رفح، وربما يستطيعون إقامة منطقة عازلة على الحدود الفلسطينية الاسرائيلية ضمن محور فلاديلفي وفقاً لأراء الخبراء العسكريين.
وللأسف، فإن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لحكومة الحرب الاسرائيلية في المضي قدماً بالعملية البرية في رفح بشرط وضع ممرات أمنة للمدنيين في المدينة.
وفي النتيجة، فإن تفويت الفرصة على الاحتلال الاسرائيلي لإجتياح رفح وعدم تعريض حياة أكثر من 1.4 مليون فلسطيني للخطر يصبح مطلباً فلسطيينياً مهماً. لاسيما أن الأوضاع الانسانية في القطاع كارثية، عشرات الألاف من الشهداء والجرحى والأسرى، أكثر من 70% من بيوت القطاع تم تدميرها، غالبية المستشفيات خرجت عن الخدمة، البنى التعليمية تم تدميرها بالمجمل.
في الواقع، تم تدمير القطاع وقد دفع شعبنا الفلسطيني هناك ثمنا باهظاً لهذا العدوان، دفعه من دم أبنائه وجراحهم، لم يعد لديهم أي بارقة أمل في النجاة سوى الوصول الى هدنة في شهر رمضان المبارك، فعلى الأقل الهدنة المؤقتة تضمن لهم الخروج من الخيم والعودة الى بيوتهم حتى وإن كانت مدمرة، تضمن لهم هذه الهدنة علاج ألاف الجرحى وتشغيل المستشفيات، وتضمن لهم مواجهة سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل عليهم لاسيما في شمال القطاع، فحتى هذه اللحظة استشهد أكثر من 30 طفلاً بسبب هذه المجاعة، كما أن التقارير غير الرسمية تشير الى أن ألاف الفلسطينيين سوف يموتون بسبب الجوع خلال الأيام المقبلة وخاصة الجرحى منهم. إنها في الحقيقة مأساة وإبادة جماعية، وعلى جميع الأطراف أن تقف على مسؤولياتها لمنع استمرارها، ولوقف استهداف المدنيين الفلسطينيين وتجويعهم.