ربما تصبح شهادة الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك إحدى الوثائق التي تؤكد هزيمة الكيان الإسرائيلي أمام صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وأمام المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله من جنوب لبنان ومحور المقاومة كله، ففي 11 حزيران الجاري كشف بريك في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تحت عنوان: «حرب بلا هدف في زمن يتمسك القادة بمناصبهم والإسرائيليون يفقدون أبناءهم» أوضح فيه أن «الجنود الإسرائيليين يقتلون ويصابون بجراح خطيرة على يد العبوات والكمائن في حرب فقدت هدفها، ويستمر القتال فقط بسبب ثلاثة قادة هم: بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي».
ويضيف بريك: إن القوات الإسرائيلية «تضطر للعودة للقتال ذهاباً وإياباً إلى المناطق نفسها التي احتلتها في قطاع غزة لأنها تتركها بسبب الافتقار لزيادة قوتها البشرية، وهذا ما يجعلها تفقد فرصة البقاء وقتاً طويلاً في المنطقة التي احتلتها لأنها تستدعى إلى منطقة أخرى فتترك المنطقة الأولى التي احتلتها علماً أن هذه القوات تعود وتدفع ثمناً باهظاً جداً من القتلى والجرحى أثناء كل هجوم تقوم به بهذا الشكل».
ويحلل طبيعة الحرب التي تستخدمها فصائل المقاومة ليؤكد أنها «حرب عصابات شعبية حقيقية تعتمد فيها مجموعات المقاومة على عنصر المفاجأة بواسطة نصب الكمائن وزرع العبوات والأفخاخ المتفجرة داخل المباني وإطلاق الصواريخ ثم الاختفاء في الأنفاق وليس باللجوء إلى مواجهة الجيش الإسرائيلي وجهاً لوجه وبشكل مكشوف وهذا ما يسبب للجيش خسائر بشرية فادحة».
ويوجه بريك انتقادات حادة لقادة هذه الحرب نتنياهو وغالانت وهاليفي لأنهم يصرون على فرض رأيهم وطريقة إدارتهم للحرب بشكل أحادي من دون أي حسابات للنتائج التي لم تحقق سوى المزيد من الأخطاء والإصابات البشرية في صفوف الجيش وهذا ما جعلهم بموجب ما يقول «يفتتون الدولة ويتسببون بإراقة دماء الجنود تحت عناوين غير مجدية مثل شعار تدمير قدرة الفصائل الفلسطينية بشكل نهائي ومنع انتهاء الحرب، علماً أن أي دولة ديمقراطية يكون قادتها مثلهم تضطر إلى طردهم من مناصبهم وزجهم في السجن».
ويعترف بريك أنه «في كل يوم يمر على هذه الحرب في القطاع، يقتل أفراد الجيش عند اقتحامهم للبيوت المفخخة ولا أحد يستخلص الدروس مما يحصل أو يناقش القادة العسكريين حول هذه النتائج، وأصبحت هذه النمطية تتكرر مرات عديدة دون أن يجرؤ أحد على القول إن هذه الحرب وبهذا الشكل باتت بلا هدف ولن يتمكن الجيش بهذه الطريقة من تحقيق تقدم في حرب كهذه».
يحذر بريك من أن هذه النتائج «ستزيد من أخطار حرب إقليمية تنتظر إسرائيل وتهدد بقاءها ومن دون أن يكون الجيش مستعداً لها لأن القادة أنفسهم الذين يتحملون مسؤولية الفشل والإخفاق في السابع من تشرين الأول ما زالوا هم يقودون الجيش والدولة في هذه الحرب من دون أي اعتبار بدروس هذه الحرب ومن دون إعداد للجيش والجبهة الداخلية بما يمكن أن تحمله الحرب الإقليمية الشاملة».
يؤكد بريك أن قادة هذه الحرب «يعرفون جيداً أنهم سيفقدون مناصبهم واحترامهم مع انتهاء الحرب وسوف يلقى بهم في السلة التاريخية للزبالة، ولذلك يريدون الاستمرار في هذه الحرب من دون نهاية لها ومهما كان الثمن وحتى لو نتج عن ذلك خسائر بشرية باهظة وتدميراً للدولة».
ويرى بريك بجرأة واضحة أنه «على الرغم من الفرق الكبير بين الواقع الراهن وما حدث لألمانيا، فقد ذكر البروفيسور يتسحاك أيديجس أنموذجاً للأمر الذي أصدره أدولف هتلر في نهاية الحرب العالمية الثانية بتدمير ألمانيا حين أدرك أن ألمانيا خسرت الحرب في ظل حكمه ولن يتمكن من الاستمرار في حكمها بعد ذلك».
ويعقب على الوضع الإسرائيلي الراهن فيبين «أن الموقف القائل: إما كل شيء أو لا شيء، الذي يسيطر على عقل القادة المتشبثين في شعورهم بالكمال، يثبت أنهم يعانون من إرهاصات نفسية كبيرة ومن وضع نفسي معقد ولذلك يصبح الحل المطلوب والوحيد الآن هو القيام بطرد هؤلاء الثلاثة نتنياهو وغالانت وهاليفي فوراً، وتشكيل طاقم سياسي وعسكري جديد يوافق على صفقة الرئيس الأميركي جو بايدين لإيقاف الحرب».