ما الذي يتبادر إلى الذهن عندما يفكر المرء في بطل؟ شخص نبيل؟ شخص شجاع؟ شخص مستعد لتعريض نفسه للخطر للدفاع عن الآخرين وحمايتهم؟ شخص ذو بوصلة أخلاقية لا يقبل الظلم؟ حسناً، لو كنت في أحداث الشغب التي وقعت بالأمس في روثرهام، لكنت في حيرة من أمرك.
ربما تكون فهمت الأمر بشكل خاطئ من خلال مشاهدة الاضطرابات واعتقدت أنك كنت تشاهد عنفاً ترتكبه عصابة – حفنة من المخربين الذين يقومون بتخويف وترويع مجموعة من الأقليات، إضافة إلى المجتمع الأوسع – ولكن، وفقاً للأشخاص الذين تحدثت إليهم بالأمس، ستكون على خطأ.
لم يكونوا فقط يحطمون الفندق، ويهددون سلامة من بداخله، ويشعلون الحرائق ويلحقون الضرر بممتلكات أصحاب المنازل. لا هؤلاء الناس كانوا أصحاب حملة أخلاقية، يقاتلون لإنقاذ بلدهم من “الغزو”. يدافعون عن الحريات التي حارب من أجلها آباؤهم وأجدادهم. كان مثيرو الشغب “وطنيين”. أناس لديهم الشجاعة للتعبير عن قناعاتهم، يقولون الحقيقة في وجه السلطة ويحمون النساء والفتيات من “المفترسين الجنسيين”.
يجب أن أشعر بالامتنان، قال لي أحد الرجال وهو يعدل رباط علم القديس جورج الذي كان يلتحفه حول عنقه. “أو”، سألني وهو يرتشف من علبة الجعة التي في يده، “هل تريدين أن يغتصبوك”؟ أخذت المحادثة منعطفاً قاتماً. ويتعين علي أن أقول، بالنسبة إلى شخص يدعي حمايتي والدفاع عني، لم يكن يجعلني أشعر بالارتياح.
إذا كان هذا هو ردهم على الأشخاص الذين يزعمون الدفاع عنهم، فقد انتابني الخوف بالفعل على الأشخاص الذين كانوا يستهدفونهم. قال: “كفى يا حلوتي. لقد طفح الكيل. يجب أن نفعل شيء ما. هذه مجرد بداية.”
“أي كيل هذا الذي طفح”؟ لم أفهم حقاً. لقد ذهبت إلى المدرسة الثانوية في واث خلال التسعينيات، وعائلتي تعيش في منطقة مانفرز إيستيت، موقع أعمال العنف التي وقعت بالأمس، وما زلت أعيش بالقرب من المكان.
قبل 40 عاماً، جازف عمال المناجم المحليون بالوقوع في الفقر والاستيلاء على ممتلكاتهم ووقفوا في وجه السلطة الحكومية من أجل سبل عيشهم ومجتمعاتهم. كان ذلك شجاعاً
ذهب ابن أخي وابنة أخي المراهقان لمشاهدة السكان وهم يلعبون الكريكت مرات عدة، ولم يلمسوا من الأشخاص الذين قابلوهم أي سوء. تجربتي الخاصة مع المقيمين في الفندق مشابهة، ولا شيء سوى التهذيب.
ساعدني شباب من الفندق مرتين في توصيل أمي المقعدة إلى السيارة عندما كنا نعاني، لذا فوجئت عندما سمعت ادعاء أحد المشاغبين بأن النساء في المنطقة يخشين الخروج بسبب مضايقات السكان.
وعلى ما يبدو، فإن الفتيات اللاتي يذهبن إلى بحيرة مانفرز يتعرضن للتحرش “باستمرار” من السكان، واختتم حديثه قائلاً: “إنهن بحاجة لإعادتهن”. قلت إن بنات أختي المراهقات – اللاتي يعشن في المنطقة منذ سنوات ويلتقين بأصدقائهن بانتظام في البحيرة – قلن إنهن لم يتعرضن أبداً للمضايقات أو التعدي من السكان في الفندق ولم يسبق أن رأين ذلك يحدث لأي شخص آخر أيضاً.
“ماذا عن الاعتداء الجنسي في روثرهام إذاً؟ جميع الفتيات اللاتي تعرضن للاغتصاب”، “ولكن ما علاقة ذلك بنزلاء هذا الفندق”؟ تساءلت بصوت عال. قال: “اسمعي، اغربي عن وجهي يا حلوة”. وكانت تلك نهاية المحادثة.
ذهبت إلى ما أعلن – بشكل مخادع في رأيي – على وسائل التواصل الاجتماعي على أنه “احتجاج سلمي”، كنت أعلم أنه لن يكون سلمياً على الإطلاق. يبدو أن المنظمين كانوا “محبطين”، لأن المظاهرة تحولت إلى مظاهرة بغيضة – ولكن لم يبد الأمر مفاجئاً بالنسبة إلي.
في السياق الحالي، عندما تستهدف المساجد بذريعة “الاحتجاج” على الوفيات المروعة في ساوثبورت – التي ارتكبها مسيحي بريطاني المولد – يبدو الأمر وكأنه البحث عن أي عذر للعنصريين لمهاجمة أي شخص يعتقدون أنه مسلم.
لكن لا، كما قيل لي. إن مثيري الشغب لم يكونوا عنصريين على الإطلاق. كانت خالة أحدهم سوداء، لذا لم يكونوا عنصريين بالتأكيد. في الواقع، كان من العنصرية أن أتطرق إلى مسألة العرق. قيل لي هذا بينما كانت الصرخات بالإهانات العنصرية تطلق نحو نوافذ الفندق المحطمة.
ما الذي يجعل شخصاً ما يقرر قضاء يوم الأحد خارج فندق مليء بالغرباء الذين لم يسبق له أن التقاهم من قبل، ومن دون معرفة خلفياتهم أو ما يمرون به، ليصدح ويصرخ عن مدى كرهه لهم، وكم يتمنى أن يغادروا، ويتهمهم بالاغتصاب وإساءة معاملة الأطفال، ويحطم النوافذ والأبواب للدخول إلى الفندق ومحاولة إضرام النار في المبنى؟ قيل لي إن الإجابة هي أن الفندق “مليء بالمختلين”. لا بأس.
كان هناك أطفال صغار في ذلك الفندق. عائلات، ألا يتعلق الأمر في مجمله بحماية الأطفال، أليس كذلك؟
كان إحساسي أن أعمال الشغب كانت أشبه بمشاجرات مثيري الشغب أكثر من أي شكل من أشكال الاحتجاج. كان الجو محموماً والكراهية ملموسة.
قرأت تقارير تفيد بأن أعمال الشغب كانت تعبيراً عن غضب مشروع من الظلم الاجتماعي. أعلم أن الناس في منطقتي المحلية غاضبون. أنا غاضبة.
لقد مر 40 عاماً على إضرابات عمال المناجم وما زلنا نعاني العنف الاجتماعي الناجم عن إغلاق المناجم. لدينا البطالة، ومشكلات استخدام المخدرات والفقر، ومراكز مدن فيها من المتاجر المغلقة أكثر من تلك التي تعمل. أتفهم ذلك. ينبع الحرمان الذي تعانيه المنطقة من إغلاق صناعة التعدين، وفشل الحكومة في خلق أية فرص عمل مجدية بدلاً منها. نحن نرى نتائج هذا الإهمال في كل مكان حولنا كل يوم.
من المفارقات إذاً أن حي مانفرز، حيث وقعت أعمال الشغب بالأمس، مبني على منجم سابق. وادعى بعض أشد المدافعين عن أعمال العنف التي وقعت بالأمس أنهم عمال مناجم سابقون شاركوا في إضرابات عام 1984، في محاولة للمقارنة بين الحدثين كاحتجاجين متكافئين أخلاقياً. لكن أعمال الشغب في عام 2024 لا يمكن أن تكون أكثر اختلافاً.
فقبل 40 عاماً، جازف عمال المناجم المحليون بالوقوع في الفقر والاستيلاء على ممتلكاتهم ووقفوا ضد السلطة الحكومية من أجل سبل عيشهم ومجتمعاتهم. كان ذلك شجاعاً. أما في عام 2024، فيهاجم مثيرو شغب ملثمون فندقاً لأنهم يعتقدون أنه يؤوي بعض الأشخاص المسلمين.
ولا داعي لأن أبدأ بالحديث عن هذه الرغبة المفاجئة في حماية النساء والفتيات من العنف الجنسي – فهذه مجرد محاولة لإعطاء العنف مسحة من الاحترام الأخلاقي. فضيحة الاستدراج تعطي مثيري الشغب ما يعتبرونه مبرراً أخلاقياً لمهاجمة المهاجرين.
أين الغضب في شأن وباء العنف الجنسي الذي نواجهه حالياً؟ هذا صحيح. لأن الأمر لا يتعلق بحماية النساء والفتيات على الإطلاق. وكما قال أحد السكان “أنا وبناتي لم نشعر أبداً بعدم الأمان هنا مع الأشخاص الموجودين في الفندق، ولكن بالأمس جعلنا المتظاهرون الإنجليز نشعر بعدم الأمان. شعرت بالخجل الشديد من العيش هنا بالأمس”.
أخبرني ساكن آخر هذا الصباح “لقد خرج المتطوعون للمساعدة في إزالة الفوضى، ونأمل أن يرى الناس في الفندق ويعرفوا أننا لسنا جميعاً مثل الحثالة الذين جاءوا بالأمس”. بينما قال آخر “لقد قامت الشرطة بعمل رائع في الوقوف بحزم وهدوء، ولكن في النهاية خرج السكان ومعهم دلاء من الماء وأطفأوا الحرائق وطلبوا منهم العودة لمنازلهم.”
وفي الوقت نفسه تساءل أحد المقيمين في الفندق على وسائل التواصل الاجتماعي عما إذا كان بإمكانهم الانضمام إلى جهود التنظيف المجتمعية (ولاقى الترحيب)، مع ملاحظة أنه لا ينبغي أن يضطروا إلى تنظيف فوضى لم يتسببوا فيها. ولكن هذه شجاعة حقيقية، أليس كذلك؟ بعد أن استهدفوا بكل تلك الكراهية والعنف، أن يستجيبوا بمثل هذا الكرم والشهامة. ليس كل الأبطال يتشحون أردية – بخاصة أبطال علم القديس جورج.