تناقلت كثير من وسائل التواصل الاجتماعي مقالات ومنشورات تسدي النصح لأهلنا في الضفة، وتقول لهم إياكم وخيار أكتوبر فرأيت أن أكتب ماذا بعد نصيحة أهلنا، ماذا بعد!!
مؤكد أن أكل العصى ليس كعدها ، ولكن المؤكد أن الملام من يهوي بتلك العصي على أهلنا وليس من كان يأكلها أو حتى يعدها ،،
مؤكد أن أهلنا في الضفة لا يريدون أن ينتكبون مثل نكبتنا لأن ببساطة لديهم من النكبة ما يكفي ويفوق، كل ما في الأمر أن نكبتنا متسارعة قاتلة و في وقت قياسي، أما هم فيموتون ويقتلون على أقساط ، بموت وتهجير واعتقال واستيطان وانتهاك لأعراض بطئ لكن العاقبة واحدة وعليه فإن كانت العاقبة واحدة فاضرب واوجع !!
ثم من قال ان المقاومة هي فقط خماس.
كي يقال (ان حماس ومقاومتها لن تستطيع ابدا ان تحميكم من الموت والحزامات النارية)، قد نختلف على خماس، قد نحنق منها أو حتى نعاديها كفصيل لا نتفق معه، لكن المقاومة هي الشعب، وحماس جزء من المقاومة وليس العكس، فالمقاومة حق شرعي مكفول بكل القوانين السماوية والأرضية ، فلا ينسب أحدهم ما أجمعت عليه البشرية الجمعاء بإنسها وشياطينها إلى ما اختلفنا نحن أنفسنا الفلسطينيون عليه ثم يلوم !!
ثم قولوا لي بالله عليكم، من الأولى باللوم والتقريع وحتى العقاب والمحاكمة، من قصف ودمر ونفذ حزامات نارية أم من لم يتمكن أن يمنع كل هذا!!
المقاومة تقاوم المحتل والشعب يحتضنها، المقاومة تحمي الشعب، والشعب يحميها، فإن لم يوفق شعب أو مقاومة في حماية أو احتضان، فلا تثريب أبدا عليهم ،الأمر ببساطة عدم توازن لميزان قوى، لابد أن يأتي يوم وينقلب ، ما المطلوب من المقاومة اكثر من الفداء والتضحية والموت ، هل تلوم من منحك روحه فداء لك، بأنه لم يمنحه خبزا أو دقيق أو ربما تفاح وموز لم يذقه بعضهم من خمسة أشهر.
نعم المال ليس معوض، وبيوتنا ليست فقط جدران وغرف وحمام، نعم المال غال والعمر أفنياه في جمعه كي يستر عوائلنا ويحمي شيبتنا ويسعد أطفالنا ، ولكن هل معزة البيت تفوق معزة الحبيب والرفيق والابن والصديق، لا والله فلم يكون أحدهم مع الوطن والمقاومة، حتى إن دمر بيته انقلب علي الوطن ومقاوميه.
هل بات الوطن شقة في عمارة، إن ذهبت فسحقا للوطن ومواطنيه !! ما لكم كيف تحكمون؟!
نعم ، هناك تجار وسماسرة حرب، هناك جشعون ومحتكرون ولصوص ومنتفعون، هؤلاء ناديت ولا زلت أنادي ، أن تضرب أعناقهم بسلاسل من حديد، أن يحاسبوا ويعاقبوا، حتى لو تطلب الأمر محاكمات ثورية، لكن ارجع للتاريخ وقل لي، هل من ثورة، او معركة تحرير، او حرب نصر لم تصحب بمثل هؤلاء، هل كانت تاريخ الشعوب وتحريرها وثوراتها ورديا نظيفا مثاليا، وبات قاتما قذرا واقعيا في عصر مقاومتنا كي نلومها !!
قيل لضفتنا إن اختارت أكتوبر، فعليها أن تنسى الضفة التعليم والكهرباء، والماء، وماذا أيضا؟ أيهم بالله أشد وطأة عليك، أن يطفئ نور الكهرباء عليك من محتل سافل ينتقم منك لأنك قاومته، أم تطرد من بيتك كما يفعل بك مستوطنوا الضفة دون أن تستطيع أن تحرك ساكنا.
أن تشرب ماء ملوثا عقابا على ثورة قمت بها، أم يتحكم بهواءك وماءك ونفسك وتذل وتهان وربما تقتل على حواجز الموت في الضفة !!
قالوا لبنات الضفة أن يستعدن( ان تتعلمن عمل دوائر لتغطية من تريد منكن التبول فى منطقة مكشوفة)، أعتقد اعتقادا جازما، أن أي بنت في الضفة ستقول لك ، إن دائرة التبول هذه محاطة بأخواتها أهون عليها مئة مرة أن تعرى تماما أمام أطفالها تحت تهديد كلاب الاحتلال ، يقتلها الذل والخجل والخوف ، كما حدث لأخواتنا في الخليل قبل شهور من قيام قيامة أكتوبر
نعم كنت ولا زلت مع حرية الرأي ، وكنت أول من هاجم حكم خماس ولا زلت ، ولكن قلي بالله عليك، لماذا نحى عدونا كل معاركه الداخلية وصراعاته الحزبية وأجمع على الحرب وهي باطل، وتريد منا أن نتفرق ونحن الحق؟ بزعم حرية الرأي، قل ما شئت واكتب ما أردت ، وطالب بمحاكمة ومساءلة ولكن حين تضع الحرب أوزارها.
هكذا تملي علينا مسئوليتنا الوطنية ، وضميرنا المجتمعي، حتى لا نمنح لعدونا حجج يحاججنا بها غدا أمام العالم فيقول ها هم الفلسطينيون أنفسهم ينكرون أحداث أكتوبر وهذا يبرر ما نفعله بهم !!
إن احتكمنا لليسار، فالحكيم يقول المعركة قد تمتد مئة عام أو اكثر، وعلى قصير النفس ان يتنحي، وإن احتكمنا لليمين فالله يقول ليس على الإنسان إلا ما سعى ، وإن احتكمنا للحكمة فالحكمة تقول عليك ببذر القمح لا انتظار الجنى، وإن احتكمنا للتاريخ فجوته يقول من لم يتعلم من دروس آخر ثلاث آلاف عام سيبقى في العتمة ، وإن احتكمنا للواقع فالواقع تأخذ تدابيره ولا تضمن النتائج ، وإن احتكمنا لجدتي ستقول لك، لن اكفنك وأضمن لك الجنة، وإن احتكمنا لأهالي الشهداء فمعذور إن كفر أحدهم من وطأة الفقد وهول المعاناة، ولكن ثمة آخرين يصبرون ويحتسبون، قلي بالله عليك علام تحتكم حتى نحاججكم أمام الله والشعب والتاريخ ؟
حسنا، دعونا من من محاججتنا ومحاججتكم، وأكملوا النصيحة لمن سيأخذ بها من شبابنا في الضفة، وقولوا لهم بعد أن يتبعوا نصيحتكم ويبتعدوا عن خيار اكتوبر، ماذا يتوجب عليهم أن يفعلوا ؟ طبعا بعد أن يأكلون ويشربون وينكحون وينجبون ، ماذا بعد، ما المطلوب منهم فعله، ليس من المعقول أن لا تكملوا نصيحتكم، فتقولون لهم لا تفعلون كذا ولا تخبروهم بما يتوجب عليهم فعله، أكملوا نصيحتكم فأنا كمعظم شباب الضفة في توق لأسمعها فربما غيرت ما أرتأيه واعتذرت لكم، لا أحد يعلم !!
أيها السادة الكرام، لا بأس أن نبدأ حياتنا مناضلين، ونستمر مقاومين، ثم نتوقف لأننا بتنا قصيري النفس، لكن البأس كل البأس أن نطالب الناس بقصر النفس لأننا بتنا كذلك ، ولنتذكر حكيمنا ثانية، على قصير النفس التنحي جانبا، تنحوا جانبا يرحمني ويرحمكم الله.