تحوَّل “كورنيلي نانغا” من رئيس سابق لهيئة الإشراف على الانتخابات المتنازَع عليها في الكونغو الديموقراطية عام 2018م، إلى زعيم للمتمردين ضد رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية “فيليكس تشيسكيدي”.
فقد أصبح كورنيلي نانغا يوبيليو Corneille Nangaa Yubeluo الآن رئيسًا لتحالف نهر الكونغو (CRA) Congo River Allianceالذي يتعاون مع حركة M23 المدعومة من رواندا؛ ذلك التحالف الذي استطاع أن يستولي على أهم المدن الرئيسية، بما في ذلك Goma، كما أنه يتعهَّد بالتحرك للوصول إلى “كينشاسا” والاستيلاء عليها.
وقد حُكِمَ عليه بالإعدام غيابيًّا ليتصدر بؤرة الصراع المتصاعد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويبقى السؤال الآن: كيف صعد إلى تلك المكانة؟
وُلِدَ “كورنيلي نانغا” في 9 يوليو 1970م فيما يُعرَف الآن بمقاطعة “أوت-أولي” في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد بدأ “نانغا” حياته المهنية بعيدًا عن ساحة المعارك؛ حيث درس الاقتصاد في جامعة “كينشاسا” قبل العمل مع المنظمات الدولية، بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقد جاءت قفزته السياسية في عام 2015م عندما تم تعيينه رئيسًا للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (CENI) تحت رئاسة الرئيس السابق جوزيف كابيلا. فقد كان مسؤولاً عن تنظيم انتخابات 2018م التي تم تأجيلها، وأعلن بشكل مثير للجدل أن الفائز هو فيليكس تشيسكيدي. وقد انتهت فترة ولايته في CENI في عام 2021م وسط مزاعم بتزوير الانتخابات، ثم فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليه بعد اتهامه بـ”تقويض الانتخابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية“.
لماذا انقلب على الحكومة الكونغولية؟
في البداية بدا “نانغا” متحالفًا مع النخبة الحاكمة، إلا أنه بعد ذلك وقبل انتخابات 2023م نأى بنفسه عن الرئيس “تشيسكيدي”، وقال: إن نتيجة انتخابات عام 2018م تم التلاعب بها في صفقة سرية بين تشيسكيدي وكابيلا، وهو ما ينفيه تشيسكيدي.
وفي أغسطس 2023م، ظهر “نانغا” كشخصية رئيسية في النزاعات المسلحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث أسَّس “تحالف نهر الكونغو” المكوَّن من 17 حزبًا سياسيًّا ومجموعتين سياسيتين وميليشيات مسلحة كان من بينها حركة 23 مارس(M23) ، وهي جماعة متمردة تدعمها رواندا. ومنذ ذلك الحين، أصبح “نانغا” شخصية قيادية في التمرد ضد حكومة تشيسكيدي.
إقرأ أيضا : فرنسا تتوجه لشرق أفريقيا بعد تقلص نفوذها في غربها
ما دور “نانغا” في الصراع؟
بحلول أوائل عام 2025م، سيطر “نانغا” وحركة M23 على مدينة جوما عاصمة شمال كيفو، أثناء تقدُّمهم نحو مدينة بوكافو، وفي مؤتمر صحفي من جوما، كرَّر أن تشيسكيدي لم يفز أبدًا بشكل شرعي بالرئاسة، وقال: “إذا قمتُ بإنشاء الوحش، فأعتقد أن الأمر متروك لي لهزيمته”، فقد أوضح هو وحلفاؤه أن هدفهم النهائي هو الاستيلاء على السلطة في “كينشاسا”.
وقد أدَّى الصراع إلى انتشار العنف على نطاق واسع؛ حيث قُتِلَ أكثر من 100 شخص وأُصيب المئات، واكتظت المستشفيات في “جوما” بالجرحى؛ حيث تعاني المدينة في ظل نقص المياه والكهرباء.
لماذا حُكِمَ عليه بالإعدام؟
في أغسطس 2024م، حكمت محكمة عسكرية في كينشاسا على “نانغا”، إلى جانب العديد من قادة حركة 23 مارس، بالإعدام غيابيًّا بتهمة الخيانة وارتكاب جرائم الحرب والتمرد، كما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيدًا من العقوبات عليه، وعلى ائتلافه؛ بسبب “تغذيته لحالة عدم الاستقرار ومحاولة الإطاحة بالحكومة الكونغولية.”
وعلى الرغم من الحكم عليه بالإعدام إلا أن “نانغا” لا يزال نشطًا في ساحة المعركة؛ حيث يقوم تحالفه بتوسيع نفوذه خارج شمال “كيفو”، كما تشير التقارير إلى أنه يهدف إلى توسيع العمليات إلى مناطق جنوب شرق البلاد الغنية بالمعادن، خاصةً مدينة كاتانغا معقل المعارضة لتشيسكيدي. كما يبدو أن إستراتيجيته ليست عسكرية فحسب، بل سياسية أيضًا، وتسعى للحصول على دعم أوسع خارج مجتمع التوتسي، المرتبط تاريخيًّا بحركة M23.
ما هي الخطوة التالية لتمرد M23؟
مع توسيع “تحالف نهر الكونغو” لأنشطته، وارتباطه بتمرد M23؛ فإن ذلك أدَّى إلى توطيد أقدامهما في شرق البلاد؛ حيث تجد حكومة جمهورية الكونغو الديموقراطية نفسها معزولة بشكل متزايد، وبالرغم من الدعوات لإطلاق حوار مع المتمردين، والتي تضغط بها دول الجوار؛ إلا أن تشيكيسيدي لا يزال حازمًا في رفض التفاوض معهم.
وفي غضون ذلك، رفض الرئيس الرواندي بول كاغامي الانتقادات الدولية، وحذَّر جنوب إفريقيا– التي تقوم بنشر قواتها في المنطقة– من التدخُّل في الصراع الدائر. وفي الوقت الذي تكافح فيه “كينشاسا” لاحتواء التمرد، فلا تزال القوى الدولية منقسمة حول الوضع وكيفية الرد، ومِن ثَمَّ فلا تبدو أيّ مؤشرات على انتهاء ذلك الصراع في وقت قريب.
ذي أفريكان ريبورت