مهمة «ماكرون» في معركة انتخابات البرلمان الأوروبي
أبدى بعض حلفاء ماكرون تشكّكهم بجدوى رفع التحدّي مع اليمين المتطرّف وتحويله إلى معركة إيديولوجية. وقد نصح الزعيم الوسطي الفرنسي فرنسوا بايرو، بأنّ اليمين المتطرّف يجب ألّا يُعامل "على أساس أنّه الموضوع الوحيد في الحملة.
يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعركة انتخابات البرلمان الأوروبي في حزيران (يونيو)، بإطلاق حملة قوية ضدّ اليمين المتطرّف في الداخل، وضدّ روسيا في الخارج. وعلى هذين التوجّهين يأمل في بناء زخم يعيد لـ”حزب النهضة” الذي يتزعمه بعضاً مما خسره في الأعوام الأخيرة.
لكن واقع الأمور في فرنسا لا يجعل مهمّة ماكرون بهذه السهولة التي قد يتصورها. فاستناداً إلى استطلاع أجراه مؤخّراً المعهد الفرنسي لاستطلاعات الرأي “آي. إف. أو. بي.”، تبين أنّ “حزب التجمع الوطني” اليميني المتطرّف الذي سيترأس لائحته إلى الانتخابات الأوروبية جوردان بارديلا (29 عاماً) سيحصل على 30 في المئة من نيات التصويت، في مقابل 21 في المئة سيحصل عليها “حزب النهضة”، في حين سيحصل “الحزب الاشتراكي” الذي سيترأس لائحته رافاييل غلوكسمان على 11 في المئة.
في ظل هذا الواقع من تناقص الشعبية، قرّر ماكرون أن يخوض بنفسه معركة استعادة تأييد الرأي العام. في هذا السياق، لم تتوانَ رئيسة لائحة “حزب النهضة” فاليري هاير عن مقارنة زعيمة “التجمع الوطني” مارين لوبن بإدوارد دالادييه رئيس الوزراء الفرنسي الذي وقّع اتفاق ميونيخ مع هتلر عام 1938. وذهبت النائبة الأوروبية ماري-بيار فيدرين إلى حدّ القول إنّه “في بعض الأحيان، فإنّ التجمع الوطني ينطق باسم موسكو… ولو كنا أصغينا للتجمع لكنا خرجنا من الاتحاد الأوروبي، ولكنا تلقّحنا بلقاح سبوتنيك وكنا دعمنا روسيا ضد أوكرانيا”.
وفي الوقت نفسه، صعّد ماكرون من خطابه المعادي لروسيا، من دون أن يستبعد ارسال قوات غربية إلى أوكرانيا، وحضّ الأوروبيين ألّا يكونوا “جبناء” في مواجهة الكرملين.
وقبل أقل من ثلاثة أشهر على الانتخابات الأوروبية، فإنّ تحالف ماكرون مع أحزاب الوسط في فرنسا، لا يحقق النتائج المتوخاة منه، ولا يوجد ما يكفي من الحماس.
وعلى جانب آخر، أبدى بعض حلفاء ماكرون تشكّكهم بجدوى رفع التحدّي مع اليمين المتطرّف وتحويله إلى معركة إيديولوجية. وقد نصح الزعيم الوسطي الفرنسي فرنسوا بايرو، بأنّ اليمين المتطرّف يجب ألّا يُعامل “على أساس أنّه الموضوع الوحيد في الحملة”، معتبراً أنّ التركيز على التجمع الوطني، من شأنه أن يركز مزيداً من الاهتمام عليه.
وفي المقابل، يرى بعض النواب المنتمين إلى حزب النهضة، أنّه عوضاً عن صبّ كل الاهتمام على اليمين المتطرّف، فإنّه يتعيّن إعارة مسائل أخرى مزيداً من الاهتمام، ومنها على سبيل المثال التأكيد على أهمية المسألة الأوروبية والسياسة الزراعية المشتركة للاتحاد الأوروبي وعلى قضية الهجرة و”الصفقة الخضراء” لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ولقيت هذه الآراء بعض الآذان الصاغية. وانتقل ماكرون إلى مدينة مرسيليا قبل أسبوعين، وهي دائرة توجد فيها طبقة عمالية، حيث ذكّر بسجله في مكافحة الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات.
وسعى ماكرون أيضاً إلى دغدغة مشاعر المزارعين الغاضبين، بالإعلان عن عزمه على تعديل اتفاق التبادل التجاري الحر بين الاتحاد الأوروبي ودول ميركوسور في أميركا الجنوبية، وتحدث عن فرض قيود أكبر على استيراد المنتجات الزراعية من أوكرانيا. وهذه مشكلة كانت دفعت المزارعين إلى التحرك على نطاق واسع في الأشهر الأخيرة، مدافعين عن حقوقهم.
وحتى في مسألة الهجرة، اتخذ ماكرون موقفاً متشدداً، بحيث أعلن في كانون الثاني (يناير) عن وضع قيود على التقديمات التي يستفيد منها طالبو اللجوء السياسي. لكنه يخاطر في الوقت نفسه بإحداث انقسام داخل حزبه، في حال مضى في وضع إجراءات مشابهة لتلك التي ينادي بها التجمع الوطني.
على أنّ الاختبار الفعلي لمدى تأثير ماكرون في قلب النتائج لمصلحة حزبه، سيبدأ فور انطلاق الحملات رسمياً للانتخابات الأوروبية.