ملفات فلسطينية

من تحرير كامل فلسطين إلى الانسحاب من محور صلاح الدين

إسرائيل ستندم حين لا ينفع الندم، وستنهار اقتصادياً، وستجبر كارهة على صفقة التبادل ضمن شروط المقاومة فقط، وسيتم تبييض السجون والمعتقلات الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، وستعج المطارات الإسرائيلية بالمغادرين.

لا آتي بجديد عندما أشير إلى المفاوضات التي تجري هذه الأيام للاتفاق على وقف مؤقت لحرب الإبادة الشاملة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني البريء في قطاع غزة. كما لا آتي بجديد أيضًا عندما أتطرق للشروط الجديدة التي يفرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كل جولة مفاوضات، وهي بصريح العبارة ليست سوى عقبات وعراقيل لإفشال هذه المفاوضات أو تأخيرها بالحد الأدنى، على الرغم من أن الجميع يعرف أن ما يتم التفاوض عليه والمعروف باسم خطة بايدن هو خطة إسرائيلية بحتة.

فإسرائيل تفاوض فوق الطاولة وترتكب في ذات الوقت المجازر وتغتال القيادات الفلسطينية لنسف هذه المفاوضات من أساسها. وقد يكون اغتيال القيادي إسماعيل هنية خير دليل على ذلك، فهي كمن يضع قنبلة تحت طاولة المفاوضات.

إن منطق الأشياء يقول إن الطرف المنتصر هو من يضع الشروط، وإن الطرف غير المنتصر هو من يقبل مرغماً بهذه الشروط. كما أن منطق الأشياء يقول إن الطرف الأول غير معني بوقف الحرب، وإن الطرف الثاني هو معني ومهتم جداً بوقف هذا العدوان الهمجي.

ما أود قوله بكل بساطة، على مثقفي الوطن العربي وبالأخص الفلسطينيين التنبه لما يجري من تخدير لعقول العامة، وبيع أوهام وأكاذيب وإسقاطات ثورية تاريخية، كهانوي والجزائر وغيرها من تعبيرات فاقدة للفعل، وهي عبارة عن أكاذيب وأضاليل تخدم أجهزة المخابرات المتواطئة فقط.

ولو عدنا إلى بداية العدوان الإسرائيلي، لوجدنا الكثير من الخزعبلات والافتراءات التي يرفض من قام ببثها الاعتراف بأنها محض كذب وخداع. لنأخذ على سبيل المثال البعض منها، وهي كانت منتشرة جداً واليوم لا يوجد من يتحدث عنها فقد ذهبت كالفقاعات.

وللتذكير فقط، سأتحدث عن رؤوس أقلام هذه الأكاذيب ومنها المراهنة على سقوط الحكومة الإسرائيلية وتفكك إسرائيل، والحديث عن عدم قدرتها على خوض حرب طويلة الأمد، وعدم قدرة جيش الاحتلال على التوغل البري، وعدم قدرته أيضاً على تحمل الخسائر البشرية. وبالمقابل نحن نحتمل هذه الخسائر “يتحمل شعبنا أن يستشهد منه ألف فلسطيني ولكن إسرائيل لا تتحمل أن يموت منها عشرة جنود”. هذه جملة تحتوي على مفارقة غريبة واستهانة بحياة الفلسطيني والحط من قدره، وأن المظاهرات العالمية المناصرة لقضيتنا ستحرج إسرائيل وترغمها على وقف الحرب.

اقرأ ايضا| الكرة في ملعب حماس

إسرائيل ستندم حين لا ينفع الندم، وستنهار اقتصادياً، وستجبر كارهة على صفقة التبادل ضمن شروط المقاومة فقط، وسيتم تبييض السجون والمعتقلات الإسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين، وستعج المطارات الإسرائيلية بالمغادرين، ومفاجآت مدهشة ستصيب العدو بالشلل إذا أقدم على احتلال غزة، وسنركّع إسرائيل ونهزمها شر هزيمة. كل هذا يصب في فكرتين: الأولى تصغير إسرائيل وتقزيمها وتصويرها بأنها ضعيفة وخائرة القوى. والفكرة الثانية تكبير وتضخيم قدرات المقاومة الإسلامية تحديداً وقوتها السيبرانية والمظليين والكوماندوس والفرق الخاصة والضفادع البشرية وغرف القيادة والتحكم ممن سيحققون النصر المؤزّر لا محالة.

هذا الكذب لا يتوقف فقط على قدرات العسكريين الفلسطينيين بل يتجاوزه إلى الشعب الفلسطيني، فهو شعب من فولاذ، لا يتأثر بكل هذا العدوان وهو معتاد على المجازر والمذابح وكأن هذا الشعب خلقه الله فقط ليستشهد منذ نعومة أظافره وليعاني كل حياته لاجئاً أو نازحاً، وخلق الشعب الإسرائيلي ليعيش حياته بطولها وعرضها وملذاتها من الطفولة حتى الشيخوخة.

طبعاً تم تسخير أو استئجار بعض القنوات العربية للقيام بهذا الدور، وهي أيضاً قامت بتسخير واستئجار من يطبّلون بعبارات مثل “هذه منطقة رخوة”، “هذه منطقة رمال متحركة”، وتقسيم غزة لقطاعات عسكرية كبرى كأننا في الحرب الأوكرانية – الروسية الحالية والتي تشتعل فيها الجبهات على امتداد مئات الكيلومترات وليس على مسافة ستين متراً أو أقل من ذلك وهي المسافة الفاصلة بين الأحياء في غزة.

وبالعودة للحديث عن المفاوضات الجارية حالياً والتي افتتحت مقالتي بها، أودّ التشديد على أن من كانوا يتحدثون عن تحرير فلسطين كاملة من نهرها إلى بحرها هم اليوم متكئون فقط على الدعم المصري للانسحاب من نتساريم ومحور صلاح الدين.

وأتمنى بكل صدق أن يكون موقف الشعب العربي والشعب الفلسطيني بالأخص من مروّجي الأكاذيب والقنوات التلفزيونية التي تستضيفهم كما كان موقفهم تماماً من إذاعة صوت العرب والإعلامي الشهير أحمد سعيد الذي قال في إحدى مقابلاته التلفزيونية المصورة: “عرفت بالهزيمة ظهر الخامس من حزيران، وطُلِب مني الاستمرار في التضليل بأمر القيادة والمخابرات المصرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى