من الذي يرفض الهدنة: السنوار أم نتنياهو؟
واضح أن ضغوط أهالي الأسرى أصابت نتنياهو بالعصبية مما اضطره لكشف رفضه لتلك الصفقة وإظهار ما يهتم به حقيقة والذي هو أهم من الصفقة وحياة المحتجزين الإسرائيليين؟ الأمر الأشد أهمية، حسب رئيس الحكومة الإسرائيلية.
في تصريح ملفت أطلقه الأربعاء الماضي، قال نائب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ديفيد كوهين، إن مصير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) «سؤال سيجيب عليه إلى حد كبير» زعيم الحركة يحيى السنوار.
الهدف الأول لهذا التصريح هو إبعاد المسؤولية عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهو ما عبّر عنه كوهين بوضوح حين أتبع تصريحه الأول بالقول «إن الإسرائيليين يُظهرون جدية في المفاوضات» والهدف الثاني المتضمّن، هو إبعاد المسؤولية عن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
يمتلئ التصريح بالمفارقات الفاضحة، فممثل مخابرات القوة الأعظم في العالم، التي تزوّد الدولة العبرية، على مدار الساعة بآلاف أطنان الأسلحة الرهيبة، وتؤمن الحماية السياسية لإدارة نتنياهو في كل المحافل الدولية، وتقود المفاوضات مع «حماس» وقطر ومصر، وتسمح لإسرائيل بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي وقصف المشافي وتجويع البشر ومنع المساعدات عنهم، تحمّل السنوار، الذي تطارده مخابرات هاتين الدولتين بكل قدراتهما التقنية الفائقة، مسؤولية وقف كل الإرهاب والإجرام والتفظيع!
قبل يومين من تصريح كوهين تسرّب حوار دار بين نتنياهو وأهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى «حماس» وفصائل المقاومة. يرد نتنياهو على ضغوط أهالي الأسرى لعقد صفقة مع «حماس» بالسخرية منهم لأنهم يعتقدون أنه بحصول تلك الصفقة «سيتم حل كل شيء» واصفا ذلك بأنه جنون ومجرد وهم.
واضح أن ضغوط أهالي الأسرى أصابت نتنياهو بالعصبية مما اضطره لكشف رفضه لتلك الصفقة وإظهار ما يهتم به حقيقة والذي هو أهم من الصفقة وحياة المحتجزين الإسرائيليين؟ الأمر الأشد أهمية، حسب رئيس الحكومة الإسرائيلية، هو أن «إيران تخطط لإبادتنا، وحزب الله يخطط لإبادتنا، ونحن نقول إننا لن نذهب مثل الخراف إلى المسلخ»!
اقرأ ايضا| السنوار السياسي البراغماتي
ما لبثت مزاعم أن إسرائيل مهددة بالإبادة، الصادرة عن السياسي الذي تعمل المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة توقيف بحقّه بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أن انقلبت كليا لطمس مسؤوليته عن أحداث السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، فاندفع ينافح عن فكرة أن إسرائيل «لم تخسر» في ذلك اليوم، وأن حصيلة ذلك الهجوم ضئيلة للغاية مقارنة بحصيلة المحرقة لأنه «خلال الهولوكوست، ارتكبوا هجوم السابع من أكتوبر 4500 مرة يوميا»!
فهم أهالي الأسرى طبعا المقصود من هذه التقلّبات الغريبة لنتنياهو فصرخت رهينة سابقة لا يزال ابنها محتجزا في غزة في وجه نتنياهو: «هذا يعني أنني لن أرى ابني» وأضافت معلقة على استخدام نتنياهو الانتهازي لقضية المحرقة بالقول: «ما نعيشه هنا محرقة… ابني هناك، أنا في المحرقة»!
المطلوب الأمريكي ـ الإسرائيلي من السنوار، والفلسطينيين، هو الاستسلام وقبول خطة نتنياهو الواضحة والصريحة التي تريد البناء على الحرب الهمجية الحالية لتنفيذ خطط ائتلاف الوزراء الإرهابيين الخطيرة لاستئصال الشعب الفلسطيني، وهو ما أوضحه الهجوم الذي يشنّ حاليا على الضفة الغربية، التي لم تخرج منها عملية مثل ما حصل في غلاف غزة، لكن انعدام المبررات لم يُعدم نتنياهو وشركاؤه اختراع أسباب أخرى والدعاية لتحويل الضفة الغربية إلى غزة.