تحيي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الحرب الكيميائية، الذي يُعد محطة سنوية لتكريم من فقدوا حياتهم أو تأثروا باستخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليًا، والتأكيد على ضرورة التزام المجتمع الدولي بحظرها.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم السبت، في رسالة خاصة بهذه المناسبة، أن الجهود الدولية أثمرت في تحقيق تقدم كبير، حيث دُمرت آخر مخزونات الأسلحة الكيميائية المعلنة العام الماضي، لكنه حذر من أن التهديدات لا تزال قائمة.
وقال غوتيريش: “نحيي ذكرى من قُتلوا أو أصيبوا، ونعقد العزم على إنهاء هذا الرعب.. في العام الماضي، حققنا إنجازًا مهمًا: تدمير آخر سلاح كيميائي من المخزونات التي أعلنتها الدول الأطراف، لكن العقد الأخير شهد عودة هذه الأسلحة، ومع التطورات السريعة في العلم والتكنولوجيا، يزداد التهديد أكثر فأكثر”.
اقرأ أيضا.. جامعة الأمم المتحدة: 5 عواقب كارثية لتجاهل الصراعات خارج أوكرانيا وغزة
ودعا غوتيريش إلى ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب، وتجديد الالتزام باتفاقية الأسلحة الكيميائية، مؤكدًا أن الأمم المتحدة ستظل عاقدة العزم على دعم الجهود الدولية لإبقاء ذكرى الضحايا حية وضمان عدم تكرار هذه المآسي.
النشأة والتاريخ
بدأت الجهود الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية منذ أكثر من قرن، بعد استخدامها لأول مرة على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى، حيث خلفت الأسلحة الكيميائية نحو 100 ألف قتيل وملايين المصابين، وهو ما أبرز الحاجة الملحة لحظرها.
ورغم عدم استخدامها في المعارك الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، أدى تزايد المخاوف من انتشارها إلى تكثيف الجهود الدولية لحظرها.
اتفاقية الأسلحة الكيميائية
وُقعت الاتفاقية في عام 1993 ودخلت حيز التنفيذ في 29 أبريل 1997، وقد أكدت الاتفاقية في ديباجتها تصميم الدول الأطراف على استبعاد إمكانية استخدام الأسلحة الكيميائية بشكل كامل “من أجل البشرية جمعاء”.
أنشأت الاتفاقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) بموجب المادة الثامنة منها، لضمان تنفيذ أحكام الاتفاقية، بما يشمل التحقق الدولي من الامتثال لها.
إنجازات الاتفاقية
تضم الاتفاقية حاليًا 193 دولة طرفًا، بما يغطي 98% من سكان العالم، وتم التحقق من تدمير 98% من مخزونات الأسلحة الكيميائية المعلنة.
وقد حصلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على جائزة نوبل للسلام عام 2013 تقديرًا لجهودها المكثفة للقضاء على الأسلحة الكيميائية.
أهداف اليوم الدولي
ويهدف اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الحرب الكيميائية، إلى الحفاظ على ذكرى من فقدوا حياتهم أو أصيبوا بسبب الأسلحة الكيميائية، ودعم الالتزام باتفاقية الأسلحة الكيميائية وتوسيع نطاق التوعية بشأنها، وضمان المساءلة القانونية لكل من يستخدم هذه الأسلحة، وزيادة إدراك المجتمع الدولي بخطورة الأسلحة الكيميائية وتأثيرها المدمر على البشرية.
تركزت فعاليات الاحتفال والتي تعقد في مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمدينة لاهاي على استعراض التقدم المحرز والتحديات المستقبلية وهي تضم:
– جلسات نقاش دولية تناولت أهمية تعزيز التعاون الدولي لمنع أي استخدام مستقبلي للأسلحة الكيميائية.
– معرضا تفاعليا يعرض أحدث التقنيات المستخدمة في الكشف عن الأسلحة الكيميائية ومخاطرها.
– حملات توعوية تسلط الضوء على تأثير الأسلحة الكيميائية على حقوق الإنسان والبيئة.
تكريم الضحايا، حيث يتضمن الاحتفال وقفة صمت لتكريم أرواح الضحايا، مع شهادات حية من بعض الناجين أو ذويهم.
حظر الأسلحة الكيميائية
تكرّم جائزة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية المدافعين عن ضحايا الأسلحة الكيميائية، وقد حاز المجلس الهندي للمواد الكيميائية (ICC) الجائزة لعام 2024، وذلك تقديرًا لمساهماته الكبيرة في مجالات الأولوية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
تم تقديم الجائزة خلال الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بمدينة لاهاي، وذلك بحضور ممثلين عن 193 دولة طرفًا وخبراء من الصناعة الكيميائية العالمية.
قام المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السفير فرناندو أرياس، وعمدة مدينة لاهاي، يان فان زانين، بتقديم الجائزة إلى دي. سوثي سيلفام، المدير العام للمجلس الهندي للمواد الكيميائية، وتُعد هذه المرة الأولى التي تُمنح فيها الجائزة لهيئة من هيئات الصناعة الكيميائية.
المخاطر لا تزال قائمة
مع التطورات السريعة في العلوم والتكنولوجيا، حذرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أن المخاطر لا تزال قائمة، وأكدت المنظمة ضرورة مواصلة الجهود لمواجهة أي تهديدات محتملة والتصدي لمحاولات استخدام التقنيات الحديثة في تصنيع أسلحة كيميائية جديدة.
وجددت الدول الأطراف التزامها الكامل بتنفيذ أحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتعزيز التعاون الدولي لضمان عالم خالٍ تمامًا من هذه الأسلحة.
وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن حماية الإنسانية من هذه التهديدات مسؤولية مشتركة تتطلب جهودًا مستدامة من جميع الأطراف.