لا بد من أهمية العمل والتأكيد على ألا يكون هدف الممر البحري المزمع الإنشاء لإيصال المساعدات إلى غزة هو التهجير، ولا بد من التحرك السياسي لتوضيح الموقف واستيضاح الحقائق، وخصوصاً في ظل المتغيرات السياسية وتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وضرورة أن يكون الهدف الأساسي إيقاف الحرب على غزة وسرعة إدخال المساعدات.
يثير الممر البحري مخاوف لدى الجميع من أن يتحول الرصيف تدريجياً إلى بديل عن معبر رفح البري، ويفتح المجال أمام تهجير من تبقى على قيد الحياة في غزة، والأساس يجب ألا يكون هدفه كذلك، وهنالك خمس ممرات مع غزة ويجب التأكيد على فتحها أولاً لإدخال المواد الغذائية من خلالها.
كانت الولايات المتحدة ومعها قبرص والإمارات وبريطانيا وقطر والاتحاد الأوروبي أصدرت بياناً مشتركاً أكدت فيه أن لا بديل للطرق البرية عبر مصر والأردن ونقاط الدخول من إسرائيل إلى غزة لتوصيل المساعدات على نطاق واسع، ونشرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً بشأن المشاورات لدفع إنشاء ممر بحري لتوصيل المساعدات الإنسانية لغزة، وفتح ميناء أسدود أمام المساعدات الإنسانية سيكون موضع ترحيب وعنصراً مهماً مكملاً للممر البحري على حسب ما ورد في البيان.
لا بد هنا من التأكيد على ضرورة التنسيق العربي المشترك لوقف الحرب ومؤامرات التهجير، وفي ظل ما يجري من تصاعد الأزمات الإنسانية يجب العمل من أجل التوصل لوقف لإطلاق النار بأقرب وقت ممكن، لتخفيف معاناة أبناء الشعب الفلسطيني وضمان إيصال المساعدات، ويجب أن يتم العمل بقوة من قبل المجتمع الدولي لوقف العدوان وسرعة إدخال المساعدات.
لقد أكد الجميع دوماً على ضرورة وقف أي مخطط يهدف إلى تهجير أبناء الشعب الفلسطيني، والتصدي لكل محاولات التهجير، والتأكيد على ضرورة عدم السماح بأي شكل من أشكال التهجير، ويجب وقف العدوان وعدم تجزئة الأمور، لأن الحل ليس فقط كيف ننهي الحرب في غزة، فهنالك حرب أيضاً في الضفة وفي القدس، خصوصاً أن إسرائيل وضعت الآن عقبات كثيرة أمام المصلين في المسجد الأقصى إلى جانب الاستهداف اليومي وعمليات القتل التي تحدث في جنين ونابلس وفي المخيمات.
لكن المشكلة حالياً هي أن الإدارة الأميركية تسمح لإسرائيل باستمرار العدوان وتريد أن تحول القضية إلى قضية إنسانية، كأن ترسل بعض المساعدات الغذائية سواء عن طريق البحر أو عن أي طريق آخر، ولا بد من إدخال المساعدات الضرورية والهامة والمقدرة من أي جهة تقدمها، لكن القضية أكبر من ذلك كثيراً، فالذي يجب أن يتوقف أولاً هو عمليات القتل اليومية والمجاعة ثم نناقش بقية القضايا لما بعد غزة.
على المجتمع الدولي العمل بجدية من أجل وقف العدوان وعدم السماح بحدوث مجزرة أخرى في رفح، واستمرار الجهود لمنع ذلك، ووقف سفك الدم الفلسطيني، وخاصة في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية بشن عملية برية في رفح. وعلى الإدارة الأميركية أن تكون جدية أكثر وأن تجبر إسرائيل على وقف العدوان ويجب وقف الحرب بأي شكل من الأشكال.
بات من الواضح انه إذا شنت إسرائيل عملية برية في رفح، فستظل خطورة التهجير قائمة، وسيقع مزيد من المجازر، وستصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، وقد تتسع الحرب لتشمل ما تبقى من المنطقة العربية، خاصة أن هنالك تصعيد مستمر على الحدود اللبنانية والجولان واليمن.