في ظل الأزمة الراهنة بين روسيا والغرب على خلفية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا والتي بدأت في 24 فبراير عام 2022، تهتم الشبكات الإعلامية المحلية والعالمية بتفاصيل ما يجري داخل أروقة الكرملين، وتسلط الضوء على عمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الصعيد الداخلي بالتوازي مع إطلالاته فيما يتعلق بسياسة الدولة الخارجية.
وفيما يستمر العمل العسكري الروسي ضد النازية في أوكرانيا ومؤديها ومرتزقتها من الدول الغربية، يستمر عمل بوتين الدؤوب، عبر أجهزته الخاصة بذلك، على مكافحة الفساد في جميع الوزارات والهيئات الإدارية في بلاده وتطبيق القانون الفيدرالي الروسي ومحاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام. خصوصاً في ضوء فوزه في الإنتخابات الرئاسية لدورة جديدة، ووضعه خطة القضاء على الفساد في سلم أولوياته.
ومساء أمس، نقلت وكالة تاس الإخبارية الروسية عن لجنة التحقيق الروسية، إعلانها إلقاء القبض على نائب وزير الدفاع الروسي تيمور إيفانوف، للاشتباه بتقاضيه رشوة ذات قيمة فائقة (مستندةً إلى الجزء 6 من المادة 290 من القانون الجنائي الروسي)، والذي ينص على ارتكاب جريمة تقاضي رشوة لا تقل عن مليون روبل، ما يُعتبر “رشوة كبيرة بشكل خاص” تبلغ أقصى عقوبة لها 15 سنة سجن، في حال إدانته.
وإيفانوف البالغ من العمر 48 عاماً، ترأس شركة “أوبورون ستروي”، في أعوام 2013 – 2016، وهي أكبر شركة بناء قابضة تابعة لوزارة الدفاع الروسية. وفي عام 2016، تولى إيفانوف منصب نائب وزير الدفاع، وهو يحمل منذ عام 2019 لقب مستشار الدولة من الدرجة الأولى، ومنذ عام 2022 بطل “جمهورية لوغانسك الشعبية”. وفي عام 2019، تصدر إيفانوف قائمة مجلة “فوربس” بطبعتها الروسية لأثرى مسؤولي أجهزة القوة في البلاد.
وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن إيفانوف المقرب من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وبصفته نائبه، كان مسؤول الموارد المالية للفيلق الأفريقي التابع لوزارة الدفاع الروسية والعامل في عدة دول أفريقية. كما أن إيفانوف حاول عدة مرات الإستحواذ بشكل غير مشروع على الأعمال والشركات الخاصة التابعة لفاغنر في روسيا وسوريا وأفريقيا. مما جعل مدير الشركة العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين يكشف فساده وينتقده بشكل متواصل على قنوات التليجرام وفي الإعلام، متهماً إياه بسرقة وإختلاس الأموال المصروفة من قبل الدولة الروسية على تمويل وإمداد الكتائب العسكرية التابعة للجيش الروسي في الخارج ومن ضمنها الفيلق الأفريقي.
يُشار الى أنه تم نشر الفيلق الأفريقي الروسي منذ فترة قصيرة في النيجر لتدريب الجيش النيجري وتطوير التعاون العسكري بين البلدين، إضافة الى التعاون الإقتصادي المتمثل في استفادة روسيا في مجال استخراج اليورانيوم عبر شركاتها، مقابل إنشاء ممر بحري عبر الموانئ الليبية باستخدام ميناءي بنغازي وطبرق كموانئ رئيسية للنيجر. في ظل إبعاد النيجر فرنسا وطردها من البلاد، وإستغلال الوجود الروسي لدفع أمريكا للمغادرة. وقد أشارت وسائل الإعلام الروسية، بأن تحييد إيفانوف سيعزز علاقات روسيا والفيلق الأفريقي مع الدول الأفريقية، وسيعمل على توسيع التعاون العسكري مع النيجر والدول الأربع الأخرى التي ينتشر فيها الفيلق.
ومن الجدير بالذكر، أنه على مدى السنوات الخمس الماضية (منذ عام 2019)، تم توجيه تهم بارتكاب جرائم جنائية مختلفة في روسيا إلى 16 مسؤولاً فدرالياً سابقاً وحالياً، بمن فيهم 5 وزراء سابقين و13 نائباً للوزراء. ومن أحدث الحالات من نوعها اعتقال أولغا ياريلوفا، النائبة السابقة لوزير الثقافة الروسي (كانت تشغل منصبها في الفترة من 2018 إلى 2022) بتهمة اختلاس في أبريل 2023، واعتقال مكسيم بارشين، نائب وزير التنمية الرقمية والاتصالات والتواصل الجماهيري في صيف 2023 للاشتباه في تلقيه رشوة، وتم إعفاؤه من منصبه بعد ذلك بقليل.