غزة

مقابر البريطانيين والفلسطينيين في غزة.. عمار ودمار

العدوان الاسرائيلي على غزة مستمر بوحشيته وقوات الاحتلال تكثف عدوانها على غزة بشكل جنوني.

المقابر بشكل عام تعتبر أماكن مقدسة للراحة الأخيرة للموتى ومن المفترض أن تكون محل احترام ورعاية كونها تمثل الصلة الروحية الوثيقة بين الأحياء والأموات وعندما يتم العبث فيها وتدنيسها وتدميرها فذلك يمثل عمل عدواني واجرامي يمارسه جيش الاحتلال الاسرائيلي كجزء من سياسته الرامية إلى ترويع وترهيب واهانة الفلسطينيين والمسلمين.

في تحقيق موثق أجرته شبكة سي إن إن قبل شهور قليلة استند إلى صور أقمار صناعية ومقاطع فيديو كشف أن الجيش الإسرائيلي قام بشكل متعد بتدمير ما لا يقل عن 16 مقبرة بالجرافات وحطم شواهد القبور واستخرج بعض الجثث خلال عمليته البرية في قطاع غزة بدعوى البحث عن أسراه لدى حركة حماس من الذين أُعلن موتهم فيما اذا دفنوا في هذه المقابر.

كما أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية على مقابر اخرى ما أدى إلى تدمير القبور وتناثر عظام وأشلاء الأموات واختلاطها بالركام والرمال فضلا عن إخراج جثامين الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل مؤخرًا في انتهاك صارخ لحرمة الموتى وخرق فاضح للقانون الدولي والاعراف الانسانية والقيم الاخلاقية وبما يترقى إلى مستوى جريمة حرب خاصة بعد سقوط الادعاء الصهيوني الكاذب بان عناصر حركة حماس كانت تستخدم المقابر لأغراض عسكرية وليس أمام الجيش الاسرائيلي خيار سوى استهدافها لكن الحقيقة الراسخة انه في كل عدوان مر على غزة كانت صواريخ ومدفعية الاحتلال تطال القبور والأموات فيها.

منذ بداية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة بعد عملية طوفان الاقصى في 7 أكتوبر 2023 لجأ معظم الناس في كافة محافظات القطاع لإنشاء مقابر فردية وجماعية بشكل عشوائي في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية والحدائق العامة وغيرها جاء ذلك في ظل استحالة الوصول للمقابر الرئيسية والمنتظمة جراء تعمّد جيش الاحتلال قطع الطرق وتدمير البنى التحتية ولتجنب استخراج الجثث والعبث بالقبور من قبل جنود الاحتلال.

ناهيك عن عمليات الاستهداف المباشرة والمتكررة للمواطنين انفسهم خلال تشييعهم الجنازات وقد تعرضت كافة المقابر الفلسطينية في مختلف أنحاء قطاع غزة للتخريب والنهب ومنذ ذلك الحين تم تدمير مقابر الشجاعية وبيت حانون وخان يونس ومقبرة الشهداء في بيت لاهيا ومقبرة البطش في حي الشجاعية شرق مدينة غزة ومقبرة كنيسة القديس برفريوس التي يعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم والتي تحولت إلى خراب وأنقاض حتى ان كثير من العوائل الفلسطينية لم تتمكن من العثور على جثث أقاربها او معرفة قبورهم بعد انسحاب قوات الاحتلال من المقابر ووقف أعمال استخراج الجثامين منها.

ومع تواصل وتوسيع عمليات الاحتلال العسكرية في غزة تصاعدت حصيلة الشهداء في كل مكان ففي دير البلح مثلا لجأ أكثر من مليون شخص بعد غزو رفح وامام عدد الشهداء الكبير لا يوجد سوى مقبرة واحدة للدفن وبسبب استنفاد القدرة الاستيعابية على استقبال عشرات الجثث في كل يوم اعتمدت بلدية دير البلح نظام المقابر الجماعية لاستيعاب التدفق الهائل في اعداد الشهداء من خلال انشاء عشرات الحفر في الأرض لدفن 300 أو 400 شخص احيانا حيث كانت الجثث تصل بشكل كثيف من دير البلح ووسط غزة وخان يونس والقرارة والمواصي.

في المقابل يوجد هناك مقبرتان بريطانيتان داخل قطاع غزة تضمان رفات جنود قضى معظمهم خلال فترة الحرب العالمية الأولى وبعضهم مات في الحرب الثانية تشرف على رعايتهما وخدمتها لجنة مقابر الحرب التابعة للكومنولث في المملكة المتحدة وتعرف المقبرتان محلياً باسم المقابر البريطانية وتعتبران موقعاً ثقافياً وأثرياً مهماً في القطاع وقد زُرعت المقبرتان بالأشجار وزهور الزينة المختلفة وتحيط بهما أشجار السرو العالية إلى جانب جدار منخفض وجو هادئ وقد زارهما مئات الغزيين للتأمل والاسترخاء على مدار السنوات الماضية التي سبقت الحرب الأخيرة.

مقبرة حرب غزة البريطانية تقع في حي التفاح شمال غزة وتضم 3217 قبر منها 781 أصحابها مجهولو الهوية في حين يبلغ عدد مدافن قتلى الحرب العالمية الثانية 210 وهناك 30 قبرا أقيمت بعد الحرب و234 قبر اخرى لمحاربين من جنسيات مختلفة والمقبرة الأخرى تقع في شمال دير البلح في منطقة الزوايدة وتضم رفاة 724 جندي جميعهم بريطانيون وتعود بعض أقدم المدافن في المقبرة إلى جنود بريطانيين شاركوا في معركة غزة ضد الإمبراطورية العثمانية في عامي 1917 و1918.

منذ بداية عدوان الاحتلال على غزة نجت المقبرتان تماما من الاستهداف والاعتداءات الاسرائيلية كما كان حالهما في الحروب السابقة ففي عام 2006 تضررت مقبرة حرب غزة جزئياً بسبب صاروخ أطلقه الاحتلال على القطاع حيث دفعت الدولة العبرية حينها 90 ألف جنيه إسترليني تعويضاً عن ذلك وبعد عدوان الاحتلال عام 2009 الذي استمر ثلاثة أسابيع على غزة دمرت 350 من شواهد القبور وقامت السلطات الاسرائيلية بترميمها وإصلاحها على نفقتها الخاصة وهو ما يعني أن المقابر البريطانية جُنبت أضرار الحرب عمداً وبحرص شديد ولم تتعرض إلا لأضرار جزئية في السياج الخارجي والجدران نتيجة للهجمات الجوية الاسرائيلية التي وقعت بالقرب منها.

في حين لم يتم المساس بالقبور أو شواهدها بالمقارنة مع عشرات المقابر الفلسطينية التي ألحق بها جيش الاحتلال الخراب وسحقها بالكامل وفي جانب اخر منعت قوات الاحتلال ولجنة قبور الحرب التابعة للكومنولث السكان والصحفيين وبشكل دائم من تصوير المقبرة البريطانية في دير البلح أو حنى المرور بجانبها.

وبينما تدمر مقابر الفلسطينيين بشكل منظم وتسرق جثثها في وضح النهار ولا تتلقى أي تعويض ولا تتمتع باي حماية وفي ذات السياق لا تستطيع دولة الاحتلال إحداث أي خراب او فوضى في المقابر البريطانية لأنها ستدفع الكثير من المال كتعويض لإصلاح ما لحق بها من ضرر مهما كان بسيط وضئيل.

العدوان الاسرائيلي على غزة مستمر بوحشيته وقوات الاحتلال تكثف عدوانها على غزة بشكل جنوني من خلال استهداف الممتلكات المدنية خصوصا المنازل والمواقع والأراضي الزراعية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات ومراكز الايواء كما تفرض حصار محكم تمنع فيه إدخال المواد التموينية والغذائية الأساسية والادوية والوقود والمحروقات لأهالي القطاع ولا زال الاحتلال يواصل جرائمه باغتيال المواطنين الابرياء حيث وصل إجمالي عدد الشهداء بعد قرابة ثماني شهور من الحرب قرابة اربعين الف شهيد 60% منهم نساء وأطفال في دلالة واضحة على طبيعة بنك الأهداف الذي يتحدث عنه قادة الاحتلال اللا أخلاقي.

في الختام نطلق صرحة غضب مدوية تطال عنان السماء باسم شرفاء فسطين وشعوب الامة العربية واحرار العالم الى منظمات حقوق الانسان المصطنعة والهيئات الأممية الصورية والانظمة العربية المتخاذلة العميلة نسائلهم فيها باستغراب أين أنتم مما تقترفه إسرائيل من اجرام ممنهج بحق الاحياء المستهدفين بالفناء والاموات الذين يقصفون في قبورهم وأين ضمير الغرب المنحاز (يمينا ويسارا وعولمة ومتدينين) من كل ما يجري في غزة واين قيم الحضارة الامريكية الكاذبة التي يدعيها رعاة البقر من قتل الأطفال والنساء صبح ومساء وبدم بارد على مسمع ومرأى العالم أجمع.

الم يأن الاوان لتتحركوا كما تحركت دكة الموتى وتضعوا حدا نهائيا لهذا العدوان الاجرامي الظالم وهذه السادية الصهيونية المتوحشة والعنصرية الهوجاء المفرطة وليكن في علمكم اليقيني انه مهما طال العدوان والإجرام الصهيو – امريكي التلمودي الفاجر ستنكسر القيود ويرحل المحتلون وتنتصر غزة (موطن الكرامة والعزة) وعلى رمالها وشاطئها سيباد الغزاة الطغاة وبدماء أطفالها وشهدائها ستقوى عود المقاومة وتنار شعلة الحرية.

وينطلق اعصار الانتقام فالحق لا يضيع ابدا والسلاح الذي لا يستعمل لمدة طويلة يصدأ واليد الني تحمله تكل والمجدُ والخلود للشهداء الأبرار الذين قدموا حياتهم لأجل شعبهم والعزة للمجاهدين والمناضلين الأبطال والخزيُ والذلة والعار واللعنة على كل الخونة والعملاء والمأجورين والساقطين والمتصهينين ولا نامت أعين الجبناء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى