إيران

مصير النظام الإيراني.. والحكم في «بيت المرشد»

سعى النظام إلى إطلاق حملة دعائية بعد إعلان انضمامه إلى مجموعة "بريكس" التي تضم اقتصادات كبيرة منها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، لكن لا يمكن أن يتباهى النظام دون إصلاح الإدارة السياسية والأمنية.

بعد مضي 44 عاماً من الاستمرار الغريب للنظام الإيراني تشبه حال النظام حالة المرشد علي خامنئي المتمسك بـ”الولاية المطلقة للفقيه”، وتربعه على العرش فيما هو ضعيف ومتوهم يعيش في عزلة، ويتظاهر بالتأثير في الأوضاع، لكن في الواقع إنه يجلس على حد السيف إلى أن يصل موعد مواجهة قدره المحتوم.

مصير النظام الإيراني رهن بمصير علي خامنئي بسبب تمركز القوى والحكم في “بيت المرشد” واستمرار هذا الحكم لفترة طويلة.

التاريخ شاهد على نماذج متعددة من الديكتاتوريات التي وصلت إلى الحكم عبر الترويج لضمان مستقبل أفضل وتوفير حياة أحسن للمواطنين، لكن انتهى بهم المطاف إلى الفساد بسبب تآكل مبادئها وتغيير الهوية لتتحول إلى قوة قابضة تحتكر الحكم وفي النهاية تصبح مثل التفاحة الفاسدة تتدلى من على الشجرة بانتظار هبوب رياح الخريف حتى تسقط.

ربما كان نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية في فترة ما قادراً على إعداد سياسات بناءة وحديثة قائمة على منح الفرص للشباب في الحكم، لكنه لم يستخدم هذه الفرص واختار التخلف، وفي الوقت الحالي خسر الساحة في جميع الجهات وتخلف عن جيرانه الكبار والصغار في التنمية والتطور وأصبح حاله بائساً ومؤلماً.

لجأ عدد من البلدان القائمة على أنظمة وراثية خلال العقدين الماضيين إلى الاهتمام بالشباب في القيادة، لكن في إيران الثورية يعمل القائمون الأساسيون على الحكم ورجال النظام على تضييق دائرة الحكم بقبضة تهيمن على أسس الاقتصاد والمال والسياسة، وبلغ بهم الأمر حداً، حيث طرحوا شعار “إن البلاد يملكها (حزب الله)”، ويتصرفون وكأنهم يوزعون غنائم من الفتوحات الإسلامية.

استمرار هذه النظرة التي تعتبر أن شؤون البلاد تقع ضمن غنائم وممتلكات حصلت عليها في الحروب، يجعل الفئة المتسلطة توزع المناصب بين أنصارها وتعمل على إقصاء المتخصصين وتفسح المجال أمام وصول أفراد بتجارب متواضعة لتولي مسؤوليات حساسة، وهذا ما يجعل البلد يسير نحو السقوط بسرعة.

وقد شهد العام الـ44 من عمر النظام الإيراني استمرار وتثبيت مثل هذه الوتيرة الهدامة في نظام الحكم بالبلاد.

البحث في نتائج الاقتصاد الإيراني ومقارنتها مع باقي بلدان المنطقة تكشف عمق نسف وتخريب المصادر الوطنية ونسبة البؤس والتخلف في إيران في حين نشهد حركة نمو وتطور بالبلدان المجاورة.

وتعد مصادر النفط والغاز من أهم ركائز الاقتصاد الإيراني والطريقة الصحيحة لاستخدامها من شأنها أن تؤدي إلى النمو في البلاد، لكن النظام غير الكفء يتبنى ضعفاً في الإدارة ويعمل على إثارة تحديات سياسية ويرتمي في أحضان الشرق من دون الاهتمام بإيجاد توازن في العلاقات الدولية، مما يؤدي إلى تدمير البلاد.

على سبيل المثال وطبقاً لتقارير المصادر الحكومية اضطر النظام إلى إغلاق مدارس في خمس محافظات الشهر الماضي، بسبب قطع الغاز الناجم عن تخفيض الإنتاج، كما أنه عمل على تخفيض إنتاج وتصدير الغاز إلى تركيا والعراق من 30 مليون متر مكعب إلى 11 مليون متر مكعب يومياً، في حين أن البلدان المجاورة جنوب وشمال شرقي إيران عملت على رفع مستوى إنتاج الطاقة.

وقطر التي تشارك إيران في الاستفادة من مصادر الغاز في حقل “بارس الجنوبي” بلغت صادرتها العام الماضي 126 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ولديها نية لتصدير 170 مليار متر مكعب خلال العامين المقبلين، وستصل صادراتها الغازية إلى 216 مليار متر مكعب في عام 2030. وإذا ما استمر وضع إيران في الإدارة وإنتاج صناعة الغاز بهذه الصورة فإنها ستتحول إلى بلد مستورد للغاز.

التطورات الداخلية والخارجية التي وقعت خلال العام الـ44 من عمر النظام الإيراني وعلى رغم الدعاية الحكومية للترويج إلى عدم تأثيرها في البلاد فإنها تركت آثاراً سلبية على مصالح النظام والبلاد.

وسعى النظام إلى إطلاق حملة دعائية بعد إعلان انضمامه إلى مجموعة “بريكس” التي تضم اقتصادات كبيرة منها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، لكن لا يمكن أن يتباهى النظام دون إصلاح الإدارة السياسية والأمنية، فالتبادل التجاري في مثل هذه الظروف لا يؤدي إلى ارتفاع الأرباح.

أحد التطورات في العلاقات الخارجية للنظام الإيراني التي تؤثر سلباً في البلاد هي مشاركة إيران في الاعتداء الروسي على أوكرانيا والكشف عن طبيعة مشاركتها في الحرب وتوفير بعض الدعم التسليحي لروسيا.

رضا تقي زادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى