مشروع إيران لتشكيل الدولة الواحدة في فلسطين ليس جديدا
طرحت إيران في مناسبات عدة فكرة تشكيل حكومة واحدة لتبرير ضخ المال والسلاح لمجموعات مثل "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ويتمثل مشروعها في خروج جميع اليهود المهاجرين من فلسطين وعودة اللاجئين وإجراء استفتاء يشارك فيه سكان فلسطين قبل 1948 لتحديد مصير البلد
بدا موقف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في شأن شكل الحكم الذي تتخيله إيران للفلسطينيين جديداً لمتابعين اعتبروا في تصريحه، أثناء زيارة القاهرة، قبولاً لتشكيل حكومة واحدة في فلسطين في وطن يتقاسمه الفلسطينيون والإسرائيليون بدلاً من مشروع حل الدولتين الذي حاولت إيران كثيراً عرقلته خلال الأعوم الماضية.
بالتوازي مع دعمها ميليشيات تخوض خلافات مع منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل المعترف به دولياً لتمثيل الفلسطينيين، طرحت إيران في مناسبات عدة فكرة تشكيل حكومة واحدة لتبرير ضخ المال والسلاح لمجموعات مثل “حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي”، ويتمثل مشروعها في خروج جميع اليهود المهاجرين من فلسطين وعودة اللاجئين وإجراء استفتاء يشارك فيه سكان فلسطين قبل 1948 لتحديد مصير البلد.
فيما رأى بعضهم أن تصريح عراقجي يدفع باتجاه الاندماج مع إسرائيل، لكن في الواقع تطرح طهران أمراً يصعب تنفيذه، بخاصة في وقت تتلقى وحلفاؤها هزائم متكررة.
فالرعيل الأول من قادة من تسميهم “محور المقاومة” طويت ملفاتهم، وتنصب محاولات إسرائيل على تصفية الصف الثاني والثالث من قادة هذه المجموعات وتستخدم القوة المفرطة في الحربين في غزة ولبنان ولا تأبه بسقوط ضحايا مدنيين لا ناقة لهم ولا جمل في التصعيد بينها ومجموعات راهنت على الارتماء في أحضان إيران.
المشروع الذي تطرحه طهران من مقدماته خروج جميع من أتى إلى إسرائيل مع بدء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعد انتهاء الانتداب البريطاني، ومن بين هؤلاء مثلاً بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته وغالبية ساحقة من الإسرائيليين.
قد تدرك إيران استحالة الوصول إلى هذه الأرضية لتنفيذ مشروع الدولة الواحدة، لكن لا يمنع ذلك من استمرار دعمها للميليشيات المنتمية إليها بالمال والسلاح، على رغم معارضة شعبية واسعة في الداخل تجلت معارضتها في تظاهرات عدة من خلال إطلاق شعار، “لا غزة ولا لبنان… روحي فداء إيران” ضمن الهتافات ضد النظام في الشوارع.
منذ بداية الثورة الإيرانية حتى الآن، تطرق مرشد النظام علي خامنئي أكثر من 56 مرة إلى “الحل الإيراني” لقضية فلسطين واللافت فيها أنه يشن كل مرة هجوماً على العرب لدى شرح هذه الفكرة، فهو يقول إنه ليس مثل جمال عبدالناصر الذي نادى بإلقاء اليهود في البحر وليس مثل ياسر عرفات الذي استسلم أمام إسرائيل وليس مثل منظمة التحرير الفلسطينية التي قبلت بدور الشرطي لإسرائيل، إنه يريد فقط أن يغادر اليهود الذين قدموا بعد تأسيس إسرائيل وأن يعود اللاجئون الفلسطينيون ويشاركوا في استفتاء لتحديد شكل الحكومة الموحدة.
اقرأ أيضا.. كيف صارت إيران الحلقة الأضعف؟
في إيران هناك مواقف ناعمة لتبرير مواقف نارية متعلقة بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فشعار “زوال إسرائيل” الذي طرحه مؤسس النظام الخميني وردده مسؤولون كثيرون شرحه خامنئي بقوله إن القصد منه ليس قتل اليهود، بل الإطاحة بالحكومة الإسرائيلية الحالية من خلال تطبيق حل الدولة الواحدة، وعندما أنكر أحمدي نجاد “الهولوكاست” وأثار زوبعة في الأوساط الغربية، قال رفسنجاني لا يمكن تبرير قسوة هتلر والجميع يعرف أنها واقع وهناك ضحايا، وعندما هدد قائد الحرس الثوري بتدمير حيفا بالصواريخ الإيرانية، أكد وزير الخارجية أن بلاده تلتزم القانون الدولي في حدود ردها على قتل جنرالات الحرس الثوري.
قرعت إيران كثيراً على طبول الحرب خلال الأعوام الماضية وعندما حان وقتها، تركت ميليشياتها وحيدة أمام فوهة النار، وقالت إنها لن تقع في فخ الحرب.
من هنا، يمكن فهم حديث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حول الدولة الواحدة في فلسطين كلاماً معسولاً، في حين يطلق قادة العسكر تهديدات ويتوعدون إسرائيل بالفناء والزوال، لتبقى كفتا الميزان متساويتين في لعبة تداول الأدوار التي بدأت مع تأسيس النظام الإيراني ولم تنتهِ بعد.