تقارير

ما يحتاج إليه الناتو في عيد ميلاده الخامس والسبعين

رغم أن حلف شمال الأطلسي يرتبط جغرافياً بمنطقة أوروبا الأطلسية، فإن التهديدات التي يواجهها ليست كذلك، وعليه أن يرد على التهديدات، أينما أتت في العالم.

في مثل هذا اليوم من عام 1949، اجتمع 12 وزيرًا من أوروبا وأمريكا الشمالية في واشنطن، لالتزام دولهم بالدفاع عن بعضهم البعض، ومع استمرار ندوب الحرب العالمية الثانية وتهديدات جديدة تلوح في الأفق، تعهدوا بحماية حرية شعوبهم.

ووفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، مع بلوغ منظمة حلف شمال الأطلسي عامها الخامس والسبعين، أصبح حلف شمال الأطلسي لا يقل أهمية عن أمريكا الشمالية والأوروبيين كما كان في عام 1949، وأصبح أقوى من أي وقت مضى.

ومن المتوقع هذا العام أن ينفق ثلثا أعضاء حلف شمال الأطلسي ما لا يقل عن 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، بعد أن فاجأت وحدة “الناتو” في دعم أوكرانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويعقد الناتو هذا الأسبوع أول اجتماع وزاري له منذ أن أصبحت السويد العضو الثاني والثلاثين في الحلف، ويعد التوسع خبرًا جيدًا للتحالف بأكمله، حيث إن السويد حليف ذو قدرة عالية، يتجاوز إنفاقها الدفاعي 2% من ناتجها المحلي الإجمالي، ولديها سنوات من الخبرة في التدريب والعمل مع حلفاء “الناتو”.

ولا ينبغي التقليل من مدى أهمية هذا القرار بالنسبة للسويد، لمدة قرنين من الزمان، اختارت السويد عدم الانحياز عسكريا، وكان هناك سببان وراء قرار السويد بالانضمام إلى “الناتو” الآن.

أولا، لأن العالم قد تغير، حيث شكل غزو “بوتين” غير القانوني لأوكرانيا تحدياً للأمن الأوروبي الأطلسي برمته، وأصبح العالم أكثر خطورة.

ثانياً، بسبب مدى فعالية “الناتو، التحالف الأكثر نجاحاً في العالم، حيث ردع التهديد الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة وظل موحداً خلال العقود التي تلت ذلك، ويحمي “الناتو” مواطنيه من سياتل إلى ستوكهولم، مما يضمن الأمن الجماعي.

وعلى مدار 75 عامًا، كانت هذه القوة والوحدة سببًا في ردع أي دولة عن المخاطرة بالقوة الجماعية للحلف في الحرب.. عندما شن إرهابيو القاعدة هجمات 11 سبتمبر المروعة، وقف أعضاء “الناتو” على الفور متضامنين مع الأمريكيين.

ومع تغير العالم، كان من المنطقي بالنسبة للسويد أن تلجأ إلى التحالف، ستكون السويد أكثر أمانًا في حلف شمال الأطلسي، وسيكون أقوى مع السويد.

ومع ذلك، فإن التهديد الذي يشكله “بوتين” لا يختفي، وعلى “الناتو” أن يجهز لمواجهة طويلة الأمد مع روسيا، وأن يجعل انضمام السويد، في أعقاب انضمام فنلندا، حافزاً لمزيد من العمل.

ومن هذا المنطلق، ذكرت “فورين بوليسي”5 قضايا ملحة بالنسبة لزعماء “الناتو” قبل قمة رؤساء دول وحكومات الحلف، والتي من المقرر أن تعقد في واشنطن في يوليو.

أولاً، يتعين على جميع الحلفاء أن يستثمروا المزيد.. في قمة بريطانيا 2014 التزم جميع الحلفاء بتخصيص 2% من الإنفاق الدفاعي، لم يحقق سوى 3 حلفاء هذه النسبة.

يجب أن يدرك الأعضاء الإمكانات التحويلية لمثل هذا الاستثمار: حيث يتم إنفاق الجنيهات والكرونا واليورو والدولار على إنتاج المعدات والذخائر في المناطق الصناعية في جميع أنحاء دول الناتو، على مدى العامين الماضيين، على سبيل المثال، اشترى الحلفاء أسلحة بقيمة 120 مليار دولار من شركات الدفاع الأمريكية.

ثانياً، يجب على جميع الحلفاء التكيف بشكل أكبر.. إن العالم يتغير، وكذلك الصراع، وبوسعنا أن نرى هذا في ساحة المعركة في أوكرانيا: تشكل تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين أهمية بالغة بالنسبة لأوكرانيا في مقاومة طموحات بوتين الإمبراطورية، وعلينا أن نستثمر في الذكاء السيبراني والاصطناعي.

ثالثا، نحن بحاجة إلى مساعدة أوكرانيا.. إن أهل أوكرانيا لا يقاتلون من أجل حريتهم وديمقراطيتهم فحسب، بل وأيضاً من أجل أمن كافة البلدان الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، ورغم أن الحلف لن ينجر إلى صراع مع روسيا، فمن الأهمية بمكان أن نزود الأوكرانيين بالدعم القوي الذي يمكن التنبؤ به والذي يحتاجون إليه لتحقيق النصر في الحرب.

رابعاً، يتعين على حلف شمال الأطلسي أن يتفاعل بشكل أكبر مع العالم، ويتعين عليه أن يواصل التركيز على الشراكات مع الشركاء الأكثر ضعفا، وخاصة أوكرانيا، ولكن أيضا البوسنة والهرسك، ومولدوفا، وجورجيا، ولكن رغم أن حلف شمال الأطلسي يرتبط جغرافياً بمنطقة أوروبا الأطلسية، فإن التهديدات التي يواجهها ليست كذلك، وعليه أن يرد على التهديدات، أينما أتت في العالم.

وأخيرا، يجب على جميع الحلفاء أن يلتزموا.. فبينما يتم الإشادة بقيادة الولايات المتحدة لـ”الناتو” على مدى السنوات الـ75 الماضية، فإن الجمع بين قوة أمريكا الشمالية وأوروبا هو الذي أثبت أنه العامل المضاعف للقوة، ولا بد أن تكون هناك أوروبا أقوى داخل “الناتو”.

ومع انضمام السويد إلى التحالف، ازداد تأثير مضاعفة القوة بشكل أكبر، ومن خلال البقاء قويًا ومتحدًا، يمكن لحلف شمال الأطلسي أن ينمو بشكل أكبر.

فورين بوليسي ترجمة زينب مكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى