استوقفني مقال نشره موقع «میدل إيست أي» لاستاذ علـم الاجتماع في جامعة بوستدام الألمانية «یورغــن ماكیرت»، أسقط فیه الأقنعة عن الدعم الذي یقدمه الساسة الألمان للعدوان الصھیوني الذي ما زال يواصل إبادته الجماعية للفلسطينيين العزل في غزة منذ 15 شھرا.
وبحسـب الكاتب فإن السر الأساسي في ذلك ھو أن معظم المعاھد الألمانية والشركات مرتبطة بشــكل وثیق مــع دولة الاحتلال، وأي تغير في دعمھا لسیاســة إبادة الفلسطینیین ستؤدى إلى خسارة الأرباح والتأثير.
وعلى ھذا الأساس صــارت المؤتمرات الصحافیة للحكومة الألمانية منبرا لاستعراض ھذا الدعم وتبریره، لاسيما منذ إصــدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء الکیان بنیامین نتانیاهو و وزیر دفاعه السابق یواف غالانت، وكذا إصدار منظمة «آمنســتي» انترناشيونال تقريرا عن الإبادة الجماعية التي ارتكبھا الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
في نوفمبر، لجأ المتحدث باســم الحكومة الألمانية إلــى المراوغــة المفضوحــة في حدیثه عندما ســئل عن مذكــرات المحكمة الجنائية الدولیــة، حيــث أجــب بقوله إنھم «یواجھون صعوبة في تصـور أننا سنقوم باعتقالات في ألمانیا على ھذا الأساس». وفي شھر دیسـمبر، عندما طرح ســؤال علــى المتحدثين باســم الحكومــة الألمانية عن تقریــر منظمة العفو الدولیة، أظھروا المراوغة نفســھا، حيث زعم أحدھم بأن (إسرائيل) كانت تقوم بالدفاع عن نفسھا ضد حماس.
اقرأ أيضا| حتى لا ندخل الحقبة الإسرائيلية
ويبدو جلیــا من كل ھــذاـ مثلما أشار إلى ذلــك الكاتــب ـ أن ألمانیــا لا تريد الوفــاء بالتزاماتھــا كدولة موقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائیة الدولیة، ولا تريد أيضا تسمية الإبادة الجماعیة الموثقة جيدا للشعب الفلسطیني باسمھا الحقیقي.والواقــع أن الحكومــة الألمانية، لــم تتوقع أبــدا أن تصدر المحكمة الجنائیة الدولیة ھــذا الحكــم، ونظرا لأن المحكمــة لم تعد تعمــل فقــط كأداة للمصالــح الغربیــة، فإن الدولــة الألمانية تحاول جاھــدة البحث عن مخرج.
ویعلــق الكاتــب ماكیــرت بقوله: «ســقط القنــاع عــن الــذي نصــب نفسه مدافعا لا يتزحزح عما یفتــرض أنھا القيــم العالمیة للعدالة وحقوق الإنسان. فألمانیا التي كانت دائمــا تتظاھــر بتلقين الآخرين ھهذه القیم وأھمیة القانون الدولــي، أبدت موقفا منافقا إن لم يكن مثيرا للسخرية من نفس القانون والمحكمة الجنائیة الدولیة”.فــال حكــم المحكمــة الجنائيــة الدوليــة وال جرائــم الإبادة الجماعیة الموثقة بشــكل شــامل لنظام الفصل العنصري الاستيطاني الصھیونــي، یمكن أن تمنع ألمانیا من إتباع إســتراتجیتھا المعتادة في الإنكار والرفض.
آخر الكلام.. «منطق الدولة» المزعوم، ليس أكثر من وھــم، ومحاولة مفضوحة لشرعنة دعــم الدولة الألمانية غيــر المشــروط لما تنفذه إســرائیل مــن مجازر یومیــة فــي غــزة، و التي خلفــت أكثر من 154 ألف ضحية بين شــھید و جريح و ما لا يقل عن 11 ألف مفقود.