ما الذي كان يفعله أوباما في داونينغ ستريت؟
يأمل المرء أن يكون أوباما قد قدم بعض المشورة الحكيمة لسوناك. فرئيس الوزراء محتاج لبعض منها طبعاً.
كثر هم الأشخاص الذين شعروا بالحنين إلى الماضي عندما رأوا صور باراك أوباما وهو يسير في داونينغ ستريت للقيام “بزيارة ودية” لرئيس الوزراء. إنه لوصف دقيق. يا إلهي، فالجميع يفتقده.
ألا نجد أنفسنا وإن للحظة عابرة نفكر في أن العالم كان ليكون بمكان أفضل لو أن أوباما هو في منصب مسؤولية، بدلاً من المسن المستلم زمام الأمور اليوم؟ يبلغ أوباما من العمر 62 سنة، وهو أصغر رئيس سابق على قيد الحياة، وبهامش ما أكثر شباباً من جو بايدن ودونالد ترمب (إن غضضنا النظر عن تصرفاتهما الطفولية أحياناً).
العمر ليس كل شيء (والتنمر على الشيخوخة باطل) لكن النقطة المهمة هي أن أوباما كان شخصية ملهمة وواضحة وذات مبادئ ومن المحتمل أن يظل كذلك حتى عندما يبلغ عقده التاسع. إنه، في الواقع، تذكير مزعج بـ”اختيار هوبسون” الذي يجد الشعب الأميركي نفسه أمامه لا حول ولا قوة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
لا شك أن شعر أوباما اليوم أصبح رمادياً أكثر مما كان عليه عندما كان في منصبه الرئاسي، لكن رجل الدولة الرشيق والأنيق والمهذب هذا يذكر جيداً على أنه صديق لبريطانيا، وشخص كانت تربطه علاقة ودية بشكل لافت مع الملكة إليزابيث الراحلة.
وبعد مرور كل هذا الوقت، يبدو السجال العقيم الذي دار حول تمثال تشرشل النصفي في المكتب البيضاوي، والتضخيم الذي رافقه، من الأمور الدنيئة التي طرحها بوريس جونسون.
كان جونسون (ولا يزال) إنساناً قذراً بالقدر نفسه الذي يعتبر أوباما (ولا يزال) نبيلاً، كما هو واضح في هذا المقطع من مقال جونسون المبطن الذي نشر في صحيفة “ذا صن”: “قال البعض إنه كان ازدراء لبريطانيا. والبعض الآخر إنه كان دليلاً على الكراهية القديمة التي يكنها الرئيس من الجذور الكينية للإمبراطورية البريطانية، التي كان تشرشل مدافعاً متحمساً عنها”.
في الواقع، كان التمثال بمثابة دين للرئيس جورج دبليو بوش (وهو رئيس سابق آخر يجعله ترمب يشبه جون كينيدي). من الصحيح أيضاً أن نقول إن تعليقات أوباما المحملة الذي أدلى بها قبل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهو في رحلة لرؤية ديفيد كاميرون ربما كانت غير حكيمة من الناحية التكتيكية، حتى إنها جاءت بنتائج عكسية، لكنها أثبتت صحتها.
كيف ذلك؟ حسناً، لقد حذر أوباما البريطانيين من أنهم سيكونون في “آخر قائمة الانتظار” من أجل عقد صفقة تجارة حرة مع أميركا، وهو أمر تحقق بالفعل. لم يحذرنا ترمب أبداً من أي خطر، ولا بايدن، ولن يفعلا ذلك لا هما ولا الكونغرس حامي المؤسسات في السنوات المقبلة.
ربما كان أوباما مخطئاً في قول ذلك لكنه كان على حق (لن يحدث أي فرق أيضاً إذا تم تعيين نايجل فاراج سفيراً في واشنطن، أو بشكل غير محتمل أكثر بعد سفيراً للولايات المتحدة في لندن).
وهو ما يعيدنا إلى زيارته إلى داونينغ ستريت هذا الأسبوع. لم يكن أوباما، لسوء الحظ، في المدينة هذه المرة للتحدث عن التجارة أو لتنظيم انقلاب عالمي واستعادة أسلوب أكثر عقلانية للنقاش السياسي، على رغم أنها قد تكون نظرية مؤامرة تستحق أن نشارك فيها جميعاً وندعمها. ففي النهاية، يبدو أن دونالد ترمب (في لحظاته الأقل وضوحاً) يعتقد إما أنه يخوض الانتخابات ضد أوباما أو أن أوباما هزم بايدن في انتخابات رئاسية سابقة… أو ربما العكس.
لم يزر داونينغ ستريت، للأسف (؟) لتسجيل بودكاست جديد مع رئيس الوزراء. لا، لقد زار أوباما سوناك للحديث عن مؤسسته، ولا شك أن الرئيسين تبادلا وجهات النظر حول كل الملفات من أوكرانيا إلى الذكاء الاصطناعي على مدار ساعة أو ساعتين من الوقت.
يأمل المرء أن يكون أوباما قد قدم بعض المشورة الحكيمة لسوناك. فرئيس الوزراء محتاج لبعض منها طبعاً.
حبذا لو كان أوباما في وضع يمكنه أن يفعل أي شيء أكثر جوهرية. بما أنها كانت زيارة غير رسمية في عام الانتخابات، تم الاستغناء بحكمة عن المصافحة التقليدية مع رئيس الوزراء، لكن رؤية أوباما خارج الباب الأسود الشهير تكفي لإثارة ذكريات عن أمس كان أفضل من اليوم.