يدخل النظام الإيراني عام 2025 وسط تحديات غير مسبوقة تهدد استقراره بشكل غير معهود منذ تأسيسه عام 1979. فقد شهدت إيران خلال السنوات الأخيرة أزمات متزايدة على مختلف الأصعدة، لكن المرحلة الحالية تبدو الأكثر خطورة، حيث تتراكم الضغوط الداخلية والخارجية بطريقة تجعل استمرار النظام موضع تساؤل. فهل سيكون هذا العام هو العام الحاسم لسقوط نظام الملالي؟
تفكك محور المقاومة بعد حرب غزة
تعتبر إيران الداعم الأساسي لمحور المقاومة، الذي يضم حلفاءها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، وحركة حماس في فلسطين. إلا أن الحرب الأخيرة في غزة كشفت عن نقاط ضعف كبيرة في هذا المحور، حيث لم تتمكن إيران من تقديم الدعم الكافي لحلفائها نتيجة الضغوط الدولية والإسرائيلية المتزايدة.
وقد أدى ذلك إلى فقدان طهران جزءًا كبيرًا من نفوذها الإقليمي، خاصة بعد التراجع الاستراتيجي لحلفائها في العراق وسوريا، وهو ما جعل “محور المقاومة” يواجه حالة من التفكك غير المسبوق، مما انعكس سلبًا على هيبة النظام الإيراني داخليًا وخارجيًا.
تراجع القوة الإيرانية في المنطقة
على الرغم من أن إيران تمكنت في العقدين الماضيين من ترسيخ نفوذها الإقليمي، إلا أن معطيات عام 2025 تشير إلى أن هذا النفوذ في تراجع مستمر. فعلى الساحة السورية، لم تعد إيران اللاعب الرئيسي، حيث أصبحت روسيا وتركيا أكثر تأثيرًا. وفي العراق، تتزايد المعارضة الشعبية والسياسية للتدخل الإيراني، مما يهدد نفوذها هناك.
أما في لبنان، فإن الأزمة الاقتصادية الخانقة واحتدام الصراعات الداخلية أثرت بشكل مباشر على حزب الله، مما جعله غير قادر على تنفيذ أجندة طهران بنفس القوة السابقة. كل هذه العوامل تشير إلى أن إيران لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها، ما قد يعجل بسقوط نظامها في الداخل.
عودة ترامب وزيادة الضغط الأمريكي
أحد أبرز العوامل التي تهدد النظام الإيراني هو عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2025. فترامب معروف بسياسته المتشددة تجاه إيران، ومن المتوقع أن يعيد فرض عقوبات قاسية على طهران، وربما يتخذ خطوات أكثر جرأة مثل دعم الاحتجاجات الشعبية أو تصعيد المواجهة العسكرية مع أذرع إيران في المنطقة.
من المعروف أن ترامب في فترة رئاسته كان مستعداً لاتخاذ خطوات عسكرية متشددة في التعامل مع إيران وأذرعها في المنطقة، مثلما حدث مع اغتيال قاسم سليماني في 2020. إذا عاد ترامب إلى السلطة، فإن احتمالية تصعيد المواجهات العسكرية قد تزداد، خصوصاً في مناطق مثل العراق وسوريا ولبنان. كما أن تصعيد التوتر في مضيق هرمز أو التصادمات البحرية في الخليج قد تصبح جزءاً من استراتيجية ترامب للضغط على إيران.
إيران قد تحاول ردع هذا التصعيد من خلال زيادة دعمها للجماعات المسلحة في المنطقة أو تنفيذ عمليات محدودة ضد المصالح الأمريكية أو حلفائها، ما قد يؤدي إلى دوامة من التصعيد العسكري المباشر وغير المباشر. وبالتالي، فإن التحديات العسكرية قد تصبح أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على استقرار النظام الإيراني.
أيضاً، قد يعزز ترامب تحالفاته مع دول الشرق الأوسط مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، في إطار استراتيجيته لاحتواء النفوذ الإيراني في المنطقة، مما يؤدي إلى تعزيز محاور التحالف التي يمكن أن تزيد من حصار إيران على الساحة الإقليمية.
الصراع داخل السلطة وتفكك النظام من الداخل
لطالما كان النظام الإيراني قائمًا على التوازن بين التيارات المتشددة والإصلاحية، لكن النتائج الكارثية التي تعرض لها محور المقاومة، إضافة إلى تراجع الاقتصاد، أدت إلى احتدام الصراعات بين أجنحة النظام نفسه.
هناك مؤشرات على انقسامات متزايدة بين الحرس الثوري الإيراني والمؤسسة الدينية، حيث بات بعض القادة العسكريين يرون أن القيادة الحالية، وخاصة المرشد الأعلى علي خامنئي، لم تعد قادرة على الحفاظ على النظام. كما أن هناك خلافات حول خليفة خامنئي، وهو ما قد يؤدي إلى صراع داخلي قد يُضعف النظام من الداخل.
الضغط الاقتصادي واحتجاجات الشارع الإيراني
يعد الاقتصاد الإيراني واحدًا من أكثر النقاط ضعفًا في النظام، حيث يعاني من تضخم متزايد، وعقوبات دولية خانقة، وانخفاض في قيمة العملة الوطنية، مما جعل الأوضاع المعيشية للإيرانيين في أسوأ حالاتها.
في السنوات الماضية، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة ضد تدهور الوضع الاقتصادي، لكنها لم تكن كافية لإسقاط النظام. إلا أن استمرار الضغط الاقتصادي في عام 2025 قد يدفع الملايين من الإيرانيين للنزول إلى الشوارع مجددًا، وهو ما قد يُحدث شرارة تؤدي إلى انفجار شعبي غير مسبوق.
التضييق على الحريات وملاحقة المعارضين
في محاولة منه للسيطرة على الوضع الداخلي، زاد النظام الإيراني من حملات التضييق على الحريات، واعتقال الصحفيين والمعارضين، وحتى استهداف المعارضين في الخارج، كما حدث في عمليات الاغتيال التي نُسبت إلى أجهزة الاستخبارات الإيرانية في أوروبا وأمريكا.
لكن هذه السياسات لم تؤدِ إلا إلى زيادة الاحتقان الشعبي، وارتفاع الأصوات المطالبة بتغيير جذري للنظام، وهو ما يعزز احتمالية سقوطه تحت وطأة الغضب الشعبي.
خاتمة
ورغم أن النظام الإيراني أظهر قدرة على النجاة من أزمات سابقة، إلا أن التحديات الحالية تبدو أكثر تعقيدًا وخطورة. وإذا لم يتمكن النظام من تقديم حلول جذرية للأزمات الداخلية والخارجية، فإن عام 2025 قد يكون بالفعل العام الذي يشهد سقوط نظام الملالي وانتهاء حقبة استمرت لأكثر من أربعة عقود.