لو كنت رئيس وزراء فلسطين؟
إذا كنت رئيس الوزراء، ستكون أولويتي الأساسية معالجة المشكلات العاجلة التي يعاني منها مجتمعنا، من الفقر والبطالة إلى عدم المساواة والتدهور الاقتصادي، هناك تحديات لا تُعد ولا تُحصى تتطلب اهتماماً عاجلاً
تابعت، الأسبوع الماضي، مراسم تأدية الحكومة الجديدة برئاسة د. محمد مصطفى اليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة، كنت أشاهد وأتحدث مع ذاتي وأقول: الله يكون في عونك يا دكتور، الله يقويك يا دكتور»، «شو بدك تلحق تا تلحق يا دكتور»، «طريقك صعبة وطويلة يا دكتور».
وبدأت أفكر في حالة بلادنا والتحديات التي تنتظرنا، وفي كل الظلام المحيط بنا ونعيشه يومياً من لقمة الخبز مروراً بحبة الدواء وصولاً إلى الأمن والأمان وبعيداً كل البعد عن الشعارات الرنانة على كافة الأصعدة، وهنا تخيلت نفسي ـــ فقط تخيلت وسامحوني على هذا التخيل ـــ بأنني رئيس للوزراء، مكلف بالمسؤولية العظيمة لقيادة بلادنا في ظل ظروف لا يعيشه أي شعب في العالم.
إذا كنت رئيس الوزراء، ستكون أولويتي الأساسية معالجة المشكلات العاجلة التي يعاني منها مجتمعنا، من الفقر والبطالة إلى عدم المساواة والتدهور الاقتصادي، هناك تحديات لا تُعد ولا تُحصى تتطلب اهتماماً عاجلاً. سأعمل بلا كلل على تنفيذ سياسات تعزز النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والاستدامة التنموية.
في أول اجتماع مع وزرائي سأقول لهم ما تعلمته من أبي الفلاح البسيط: «صغر حجرك عشان تصيب»، «امشي صحيح بحتار عدوك فيك»، «اللي بيزيد عن حده بينقلب إلى ضده»، «اللي ما بيقرا العواقب بتفاجأ بها»، «شيل حبة البرتقال الخربانة من الصندوق بلاش تخربها كلها»، «تحملش السلم بالعرض».
سأعمل تغيرات مختلفة متنوعة تصل إلى دمج بعض المؤسسات وإغلاق مؤسسات أخرى، وفتح مراكز خدماتية لكافة احتياجات المواطن بشكل منظم من أجل تسهيل وتسريع كافة معاملاتهم، وتعزيز العمل في كافة مديريات الوزارات دون مركزيتها مع إلغاء تام لمصطلح «المعاملة في رام الله»، إعادة هيكلة العديد من الوزارات بما يخدم الأهداف والتغيرات التي حدثت منذ نشوء السلطة الفلسطينية، سأقوم بدراسة نجاح دوام إضافي مسائي لعدد من الجهات التي ترتبط بخدمات المواطن: مثل المحاكم والمدارس.
سأنشئ عددا من محطات الطاقة الكهربائية والطاقة الشمسية من خلال توظيف مهندسين ودعم شركات القطاع الخاص المتخصصة في الطاقة البديلة وسأبدأ من محافظة طولكرم، أيضاً إنشاء 3 مصانع «شمال وسط جنوب» خاصة بتدوير النفايات.
سيكون التعليم في قلب أجندتي. أؤمن بثبات أن التعليم هو المفتاح لفتح إمكانيات الإنسان وبناء مستقبل مزدهر. لذلك، سأستثمر بشكل كبير في نظام التعليم الخاص بنا، لضمان أن لكل طفل الوصول إلى تعليم جيد الجودة، بصرف النظر عن خلفيتهم أو وضعهم الاجتماعي الاقتصادي. من خلال تمكين شبابنا بالمعرفة والمهارات، يمكننا أن نفتح الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقا لبلادنا.
بالإضافة إلى التعليم، سأركز على تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الفرص للجميع. سيتضمن ذلك الاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز ريادة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ودعم المشاريع بقروض صفرية ومعاملات بنكية صفرية وأيضاً خلق بيئة مناسبة للأعمال والابتكار، يمكننا أن نطلق العنان لكامل إمكانيات اقتصادنا ونخلق وظائف لشعبنا.
علاوة على ذلك، سأعطي الأولوية للعدالة الاجتماعية والمساواة. لا ينبغي أن يُترك أحد وراءنا في سعينا نحو التقدم والازدهار. سأعمل على القضاء على الفقر، وتقليل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وضمان أن جميع المواطنين لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والإسكان والصرف الصحي. من خلال بناء مجتمع أكثر شمولية، سأطلب التمييز الإيجابي في كافة معاملات الدولة للفئات التالية: أبناء الشهداء، للجرحى، النساء، الأشخاص ذوي الإعاقة، البدو.
في الختام، إذا كنت رئيس الوزراء، فسأسعى للقيادة بالنزاهة والرؤية. سأعمل بلا كلل لمعالجة التحديات التي تواجه بلادنا وبناء مستقبل أفضل للجميع. معا، يمكننا تجاوز أي عقبة وتحقيق العظمة. قد تكون الطريق أمامنا طويلة وصعبة، ولكن بالإصرار والتوحيد، يمكننا بناء غدٍ أفضل لأنفسنا وللأجيال القادمة.
استيقظت من تخيُلاتي على صوت أبي وهو يقول لي: «حط على الأخبار خلينا انشوف شو صار في غزة؟!» وضعت له القناة الإخبارية التي أرادها، لكني حتى هذه اللحظة لا أعرف كيف سأضع غزة على طاولتي في مجلس الوزراء؟!!
رامي مهداوي