لماذا تلاعبت إسرائيل بمشهد اغتيال السنوار؟
أشارت حركة المقاومة الإسلامية، التي أعلنت أمس استشهاد زعيمها، أنه “ارتقى مقبلا غير مدبر في أشرف المعارك”، ورغم أن الحركة لم توضّح سبب تواجد السنوار في موقع اغتياله، فإن المؤكد أن زعيم “حماس” أظهر، بمصرعه بهذه الطريقة المفاجئة.
قدّم الجيش الإسرائيلي رواية لكيفية اغتيال يحيى السنوار، قائد حركة “حماس”، كما نشر مقاطع مصورة تظهره بأوضاع مختلفة.
أول هذه المقاطع كان شريط فيديو يظهر شخصا ملثما جالسا على أريكة في مبنى مهدم، وفي يده عصا، قائلا إنه السنوار.
حسب الروايات التي قدمتها الصحف الإسرائيلية، مثل “هآرتس” و”معاريف”، فقد كان السنوار وحده في المبنى وصعد الى الطابق الثاني، وأن جنود الجيش الإسرائيلي قصفوا المبنى بقذيفة دبابة وألقوا قنبلتين يدويتين عليه، وأنه في الصباح دخلوا الغرفة ورأوا وجه الجثة فلاحظوا وجود شبه بزعيم “حماس”.
أظهرت الصور الأخرى التي تم تداولها وجه السنوار بوضوح وكان مرتديا جعبة عسكرية ويحمل في يده اليسرى ساعة وحوله ركام أنقاض المبنى المقصوف لكن فيديو آخر تم نشره أظهر السنوار وكأن جثته ألقيت في موقع آخر بعد التمثيل بها، حيث تم قطع أصبع السبابة من يده اليسرى، أما يده اليمنى فربطت بما يشبه الكبل الكهربائي فبدا وكأنه جرّ إلى تلك النقطة التي وضعت فيها جثته بعد تجريده من ملابسه العسكرية، كما أن الساعة أخذت من يده.
أظهر مقطع الفيديو الذي التقطته طائرة “كواد كوبتر” المسيّرة السنوار على قيد الحياة وجسمه ثابت على الأريكة محاولا تحريك يده اليسرى لصدّ المسيّرة بعصاه، وبعد دخول الجنود إلى موقع جثمانه نشرت لقطات تظهر ذراعه مربوطة كما لو أنه حاول مقاومة اعتقاله فتم تعذيبه وقتله.
يمكن لهذا أن يفسّر الرواية التالية التي نُقلت على لسان قائد كتيبة في الجيش الإسرائيلي الذي قال إن السنوار اشتبك مع الجنود وألقى صوبهم قنابل يدوية قبل وبعد إصابته في ذراعه، وأن “أحد الجنود أصيب بجراح خطرة برصاص السنوار ومرافقيه”، وهي رواية تتناقض مع المقاطع التي تظهر السنوار وحده، وإذا كان الاشتباك حصل مع الجنود قبل افتراق السنوار عن مرافقيه، فهذا يمكن أن يتناقض بدوره مع الرواية الأخرى التي تحدثت عن قصفه في المبنى الذي دخل فيه.
اقرأ أيضا| كيف دمّر السنوار المشهد السينمائي الذي حلمت به إسرائيل؟
أضاف موقع “واينت” العبري معلومات جديدة حول جثة السنوار، التي نُقلت إلى مكان سرّي عقب انتهاء تشريحها في تل أبيب، فقال إنه أصيب برصاصة في الرأس، كما وجدت على جسده آثار طلقات نارية، وشظايا قذائف، وهو ما يمكن تفسيره بحصول عملية اغتيال جرت بين هذه المقاطع المصوّرة المتضاربة.
أظهرت إحدى الصور المنشورة صورة مسدّس قرب جثمان السنوار، وحسب موقع إسرائيلي، فإن التحقيق جار على كون المسدس يخصّ مقدّما إسرائيليا قُتل في عملية سرية في قطاع غزة عام 2018، وأشارت القناة 14 الإسرائيلية الى أن الضابط كان تابعا لوحدة العمليات الخاصة (أمان)، وأن قائد وحدته قتله (بالخطأ) أثناء معركة مع قوة في “حماس” اشتبهت بهم!
أشارت حركة المقاومة الإسلامية، التي أعلنت أمس استشهاد زعيمها، أنه “ارتقى مقبلا غير مدبر في أشرف المعارك”، ورغم أن الحركة لم توضّح سبب تواجد السنوار في موقع اغتياله، فإن المؤكد أن زعيم “حماس” أظهر، بمصرعه بهذه الطريقة المفاجئة، أولا، فشل الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والغربية التي تعاضدت جميعها على كشف موقعه لأكثر من عام، كما كشف، ثانيا، أنه لم يكن موجودا في الأنفاق محميّا بين الأسرى الإسرائيليين، كما أذيع مرارا وتكرارا، وختم حياته بالطريقة التي تليق بنضاله العنيد، وتتسق مع مبادئه في الكفاح المسلّح ضد إسرائيل.
ورغم الأسئلة التي تكتنف مصرعه، والتلاعب الإسرائيلي الواضح في مشهد وفاته، فإن صورته كقائد يُقتل في حومة المعركة ستكون، بحد ذاتها، عنصرا مؤثّرا في هذا الصراع الملحمي لنيل الفلسطينيين حريتهم من الاحتلال.