لبنان

لبنان في خضم التصعيد العسكري والتحديات الاقتصادية.. حاجة ملحة لتوافق سياسي!

وسط هذه التوترات، يعاني لبنان من تحديات اقتصادية خطيرة إثر إدراجه على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (فاتف)، مما يعكس تأخراً في تنفيذ الإصلاحات الضرورية

يعيش لبنان حالياً تصعيداً عسكرياً حاداً وسط غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، مما أسفر عن نزوح آلاف المواطنين بحثاً عن الأمان. ويؤكد هذا الوضع الملحّ الحاجة لتضافر الجهود السياسية على الصعيد الداخلي وطلب الدعم الدولي من أجل وقف العدوان واستعادة سيادة لبنان.

بيان الرؤساء الثلاثة: خارطة طريق لتحقيق الاستقرار

في اجتماع عُقد في بكفيا بتاريخ 23 أكتوبر 2024، ناقش الرؤساء السابقون أمين الجميل، ميشال سليمان، وفؤاد السنيورة الوضع الكارثي الذي يتعرض له لبنان جراء التصعيد الإسرائيلي، وقدموا تعازيهم الحارة لعائلات الشهداء وأشادوا بالجهود المبذولة لرعاية النازحين. وأعربوا عن دعمهم لموقف رئيس حكومة تصريف الأعمال في رفضه للهيمنة الإيرانية، مؤكدين على ضرورة الوحدة الوطنية وترسيخ السلم الأهلي. وقدم الرؤساء الثلاثة خارطة طريق لتحقيق الاستقرار تضمنت النقاط التالية:

1. وقف فوري لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بصرامة تحت السلطة الحصرية للدولة اللبنانية.

2. انتخاب رئيس جديد للجمهورية: ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية دون شروط، لتعزيز ثقة مجلس النواب والشعب بالرئيس المنتخب.

3. تشكيل حكومة إنقاذ وطني: وضع خطة شاملة لإعادة بناء الدولة وإعمار ما دمره العدوان.

4. تعزيز سلطة الدولة: تأكيد سيادة الدولة اللبنانية وفق قرارات الشرعيتين الدولية والعربية وإعلان بعبدا.

5. إقرار خطة إصلاحية شاملة: تنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية وإدارية بناءً على معايير الكفاءة والمساءلة.

التصريحات الأمريكية: قلق وتحذيرات

أعرب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، عن فشل واشنطن في إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف التصعيد، محذراً من احتمال حدوث تداعيات غير مسبوقة في الشرق الأوسط. بدورها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، إليزابيث ستكني، أن الولايات المتحدة تعتبر حزب الله “مجموعة إرهابية مدعومة من إيران”، مشيرةً إلى ضرورة تمكين إرادة اللبنانيين بعيداً عن التدخلات الخارجية.

الأزمة الاقتصادية وإدراج لبنان ضمن “القائمة الرمادية”

وسط هذه التوترات، يعاني لبنان من تحديات اقتصادية خطيرة إثر إدراجه على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (فاتف)، مما يعكس تأخراً في تنفيذ الإصلاحات الضرورية. وعلق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على هذا التصنيف قائلاً إنه كان متوقعاً نتيجة للعراقيل التي حالت دون تنفيذ التشريعات والإصلاحات المالية. لكنه أوضح أن لبنان قد أحرز تقدماً ملحوظاً في عدة جوانب، منها إصدار تعاميم خاصة للبنوك والمؤسسات المالية، مؤكداً أن علاقات لبنان مع المصارف المراسلة لن تتأثر بهذا التصنيف. وأشار إلى أن الحكومة ستواصل تعاونها مع مجموعة العمل المالي لتحسين تصنيف البلاد، موضحاً أن لبنان ليس الدولة الوحيدة التي تواجه هذا التحدي، إذ شمل التصنيف دولاً عربية وأجنبية بارزة.

اقرأ أيضا.. لبنان “الإيراني” محكوم بحرب تدمير لا تحرير

استمرار المعارك في الجنوب وتحديات الصحافيين

على الأرض، أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن العملية البرية في جنوب لبنان تقترب من نهايتها بعد تحقيق ما وصفته بإنجازات على الحدود. لكن المعارك المستمرة أسفرت عن انتهاكات متزايدة بحق الصحافيين، حيث تعرض مقر مدني في حاصبيا، كان يقيم فيه صحافيون، لغارة إسرائيلية أسفرت عن استشهاد ثلاثة صحافيين وإصابة ثلاثة آخرين. ووفقاً لمؤسسة سمير قصير، كان من بين الشهداء وسام قاسم، المصور في قناة المنار، وغسان نجار، المصور في قناة الميادين، والتقني محمد رضا. وأكدت المؤسسة أن هذا الهجوم يمثل جريمة حرب جديدة بحق الإعلاميين.

هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، فقد شهد العام الماضي حادثة مشابهة حيث قُتل الصحافي عصام عبد الله (38 عاماً) من وكالة رويترز على يد طاقم دبابة إسرائيلية، وأصيب ستة صحافيين آخرين. وقد أدانت نقابة محرري الصحافة اللبنانية ما وصفته بـ”المجزرة المروعة” بحق الإعلاميين في حاصبيا، مؤكدة على ضرورة حماية الصحافيين وحرية التعبير في ظل الظروف الراهنة.

الخاتمة

تظل الوحدة الوطنية والتضامن بين اللبنانيين الأساس لمواجهة هذه التحديات. حان الوقت لتوحيد الجهود الوطنية لتحقيق الأهداف المشتركة وإعادة الاستقرار، تمهيداً لبناء وطن أقوى وأكثر استقلالية، يعتمد على قدرات أبنائه ودعم أصدقائه في المجتمع الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى