مع اقتراب موعد التاسع من كانون الثاني لعقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تسجل زحمة تحركات داخلية لـ “جوجلة” الخيارات. وفي الوقت نفسه يبدو الوضع دقيقاً نسبة إلى السباق في إيجاد الرئيس بين ما قبل تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحكم، في العشرين من الشهر المقبل، أو ما بعد تسلمه منصبه.
الثنائي الشيعي الذي لم يكن مستعجلاً، يضغط لانتخاب رئيس قبل تسلم ترامب السلطة لإبعاد الموضوع عن أية ضغوطات أميركية، في حين أن بقية الأطراف لم تعد مستعجلة على ذلك لناحية ضرورة إيجاد الشخص المناسب لسدة الرئاسة، وهي ترى أن لا عودة إلى الوراء في موضوع لبنان دولياً وأنه لن يأتي رئيس “محسوب” على الثنائي في كل الأحوال. الوضع في المنطقة يتغير تباعاً ولبنان يتأثر بذلك حتماً، ليس فقط بالنسبة إلى “ضبضبة” سلاح الحزب، بل إلى مسار البلد سياسياً، وكلما مر بعض الوقت سيكون التشدد الدولي على درجة أعلى مما هو الآن. لذلك يبرز التخوف من بعض النواب من القيام “بتهريبة” في الملف الرئاسي في جلسة التاسع من كانون الثاني، بشكل لا يصب في مصلحة لبنان دولياً.
من ناحية الإدارة الأميركية الجديدة، فهي صقورية أكثر من أي وقت مضى وفقاً لمصادر ديبلوماسية لـ”صوت بيروت إنترناشونال”. ويجب على لبنان في هذه الحالة، أن يكون دقيقاً في السير معها. والأمور لا تحتمل التشاطر. الإدارة الأميركية الجديدة تريد أن يكون رئيس الجمهورية المقبل وكذلك رئيس الحكومة منفتحان على موضوع التطبيع مع إسرائيل، وإلا سيستمر الحظر الدولي على لبنان، ولن تكون هناك مساعدات دولية ودعم لإعادة الإعمار ولا لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية أو نهوضه وإنقاذه. لن يكون هناك أية مبادرات جادة تجاه لبنان إذا لم يراعِ توجهات الإدارة الجديدة. وتوجهاتها تكمن في استكمال اتفاقات إبراهام، في إطار الشرق الأوسط الجديد، والذي سيكون مبنياً على تقليص النفوذ الإيراني، وهما مسألتان يجري التمهيد أميركياً لهما منذ الآن، وقبل أن يتسلم ترامب الحكم.
إقرأ أيضا : هل ينجح ترامب في التحالف مع رجال الأعمال وأقطاب التكنولوجيا؟
وتفيد المصادر، أنه إذا لم يقرأ لبنان الأمور جيداً، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جاهز لاستكمال الحرب. وهذا الاستكمال سيأتي من زاوية الاتفاق نفسه لوقف النار. والاتفاق يحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية إيجاد حل للسلاح. وفي هذه الحالة، وإذا لم يقدم لبنان تغييرات ملموسة ومؤكدة، فإن الحرب التي سيتعرض لها ستكون مماثلة لحرب الـ 2006 حيث ستقصف ممتلكات الدولة والجيش هذه المرة.
حتى الآن، تلاحظ المصادر، هناك سكة جديدة أدركها الثنائي الشيعي بوجوب السير بها. لكن ما من شك أن التحضيرات اللبنانية الداخلية لإنجاز الملف الرئاسي هي محور مراقبة وتقييم أميركيان. إذ ليس المهم فقط وجود رئيس بقدر ما هو المهم مواصفات الرئيس، ومواصفات رئيس الحكومة واستعداداتهما لاستكمال مسار تنفيذ القرار 1701 من جهة، وللخوض في الرؤية الأميركية للشرق الأوسط الجديد واتخاذ لبنان موقع فيه.