قواعد إشتباك جديدة في العراق
في الوقت الذي تسعى فيه حكومة محمد شياع السوداني إلى جلب الاستثمارات الكبرى جاءت تلك الحوادث لتوصل رسائل إلى الخارج تفيد بأن الحكومة لا تستطيع حماية الاستثمارات الصغيرة فكيف ستحمي الكبيرة
مع كل إستقرار نسبي يشهده العراق ولفترة مؤقتة بفعل ظروف محلية حاكمة لا بفضل سياقات دستورية، يأتي من يُبغض ذلك الهدوء ويسعى إلى الفوضى التي يعتقد بإثارتها ستُحل المشكلة.
في إسبوع أو أقل تم إستهداف مصالح أمريكية وبريطانية من خلال هجومين منفصلين إستهدفا فرع شركة “كتربلر” الأمريكية الخاصة بالمعدات الإنشائية، ومعهد كامبرج البريطاني التعليمي في وسط العاصمة بغداد.
جاء الهجوم بعد أقل من ثلاثة أيام من إستهداف مطعمين تابعين لسلسلة مطاعم KFC الأمريكية في منطقة شارع فلسطين، وآخر في منطقة الكرادة في العاصمة بغداد، في تحول مفاجئ لإستهداف مصالح الدول التي تساند إسرائيل في حربها بغزّة من المصالح العسكرية إلى المصالح الإستثمارية والاقتصادية لتلك الدول.
وفي الوقت الذي تسعى حكومة محمد شياع السوداني إلى جلب الإستثمارات الكبرى وتنويع مصادرها، جاءت تلك الحوادث لتوصل رسائل إلى الخارج بأن الحكومة التي لاتستطيع حماية الإستثمارات الصغيرة فكيف ستحمي الكبيرة من المشاريع الضخمة.
وفي أغلب الظن إن الأيام القادمة ستحمل الكثير من الأحداث والمفاجآت خصوصاً مع إقتراب موسم الإنتخابات، والحديث عن إنتخابات مبكرة قد تسعى لها بعض الأطراف لحجب الولاية الثانية عن السوداني.
زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مقر جهاز مكافحة الإرهاب بعد يوم واحد من الهجوم وحديثه عن وجود جهات تسعى للسيطرة على “القرار السياسي والأمني في العراق” ربما يفسّر الكثير مما يدور في أروقة السياسة عن وجود تحديات أمنية لا تشمل فلول داعش بل الإستعداد للتعامل مع أي محاولة عبث تحاول الإساءة للأمن والإستقرار المجتمعي، وتقطع الطريق على المتربصين بالعملية السياسية حسب تصريح السوداني، في تلميح إلى دق ناقوس الحرب قد تعلن في أي لحظة بين قوى الدولة واللادولة التي تختفي وراءها مصالح وتخادم فئوي وإقليمي تقف خلفه دول تعتبر العراق الرئة الإقتصادية لها.
حديث السوداني عن الإستعداد لأي طارئ رافقه إنتشار أمني مُكثّف في العاصمة بغداد مع أوامر إقالة وتوقيف لعدد من الآمرين والضباط المسؤولين عن الأماكن التي تتواجد فيها تلك الشركات والمطاعم لمنع تكرار حدوثها، لكن هل يكفي ذلك؟.
من جانبها أدانت السفارة الأمريكية في بغداد تلك الهجمات ضد الشركات الأمريكية والدولية وطالبت الحكومة العراقية بإجراء تحقيق شامل وتقديم المسؤولين عن الهجمات إلى القضاء ومنع تكرارها في قرار مُبطّن بضرورة الحد ومنع إستفحال السلاح المنفلت من التاثير على العلاقة بين أمريكا والعراق الذي يحاول جلب إستثمارات أمريكية من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها السوداني إلى واشنطن وتوقيعه عدة إتفاقيات مع كبرى الشركات الأمريكية.
التحول الخطير إلى إستهداف المصالح الإستثمارية ربما يؤشر إلى ضعف أمني وسياسي يُراد منه سحب البِساط من تحت أقدام كل الشركات الإستثمارية ومغادرة العراق الذي يُراد له أن يبقى رهينة بيد جماعات لا زالت تعيش في القرون الوسطى أو تلك التي تريد العبث بأمن وإستقرار هذا البلد.
الإستقرار الهش الذي يعيشه العراق بين الحين والآخر ما هو إلا إستراحة للبدء بجولة جديدة من الفوضى قد لا تُبشّر نتائجها بخير هذه المرة.