السودان

قوات «نهب» خيرات السودان 

قوات حميدتي أو قوات حليفة للدعم السريع إلى جانب الجيش، بالنسبة للدول الغربية وواشنطن ، ارتكبت جرائم حرب لذا لا يمكن أن تدعم الدول الغربية بقاء حميدتي في المستقبل السياسي للبلاد. بل على العكس من الممكن أن يتم التضحية به مستقبلاً.

لاتزال بعض الشخصيات والحركات السياسية السودانية ، تجري اتصالات ومشاورات وتعقد لقاءات مع وفود من دول عربية وغربية وإقليمية بهدف إيجاد حل سياسي يضع حداً للصراع الدائر في البلاد منذ نحو عام ، ويشكل مخرجاً للأزمة الحالية.

وبين مبادرة من تلك الدولة واقتراحات من أخرى تتجلى بشكل واضح مصالح الدول المنخرطة في الأزمة السودانية، والتي تسعى لتحقيق مصالحها متسترة بغطاء تقديم المبادرات والمقترحات ودعم بعض الشخصيات أو الأحزاب بذريعة “حل الأزمة”.

وبحسب مراقبون فإن واشنطن وجدت في حالة الفوضى الراهنة ، وتعطش الشعب السوداني لحكم مدني ديمقراطي، فرصة مواتية للتحكم بالسودان والسيطرة عليه ، عبر تقديم أحد رجالاتها على أنه المخلص للبلاد والذي سيحقق كل طموحات الشعب السوداني. هنا ظهر عبد الله حمدوك.

في سياق ذو صلة، انتشر مؤخراً في بعض وسائل الإعلام معلومات نقلاً عن مصادر دبلوماسية عربية وغربية حول اجتماع تم عقده في 13 فبراير فبراير الماضي بين وفد من تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) بقيادة عبدلله حمدوك، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في، في إثيوبيا. وبحسب المصادر أتى ذلك للاعداد لمؤتمر باريس الدولي حول السودان، والذي كان لتنسيقة (تقدم) القدح المعلى فيه، من أصل كل الأحزاب والقوى السياسية السودانية المدعوة للمؤتمر.

ووفقاً لمصادر ضمن تنسيقية (تقدم)، فقد جرى خلال اللقاء التشاور حول إنشاء قوة دولية أجنبية لحفظ السلام في السودان، برعاية الحكومة الانتقالية التي سوف يرأسها حمدوك. قوات حفظ السلام هذه ستنتشر في كل المدن والولايات السودانية، لضمان حفظ الأمن والتحول الديمقراطي، طوال الفترة الانتقالية، على أن ينتهي دور هذه القوى بعد انتهاء الانتخابات. على أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وعلى رأسها بريطانية بتشكيل هذه القوات.

وأكد مراقبون بالشأن السوداني، أن اللقاء بين وفد (تقدم) التي يرأٍسها حمدوك ومساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مولي في، ليس الأول ولن يكون الأخير، لأنه يندرج ضمن سلسلة من اللقاءات التي تجري بين ممثلين عن (تقدم) وعلى رأسهم حمدوك، ومسؤولين أمريكيين وغربيين، بهدف تنسيق العمل لتشكيل حكومة مدنية بقيادة عبدلله حمدوك الذي يمكن اعتباره ممثل لمصالح الغرب في السودان.

يذكر أن حمدوك تلقى تعليمه العالى في جامعات بريطانيا، وعاش في واشنطن لفترة طويلة، كما عمل مع منظمات دولية، لذا فهو حظي ولا يزال يحظى بدعم كبير أمريكي – وأوربي.

وبحسب مصادر من وفد (تقدم) فإن الأمريكيين طلبوا من وفد تنسيقية (تقدم) خلال اجتماع أثيوبيا البدء بإجراء مفاوضات بين مع حزب المؤتمر الوطني الإسلامي ، لأن وجود الإسلاميين سيعطي طابع شرعي أكثر للحكومة ويجعل من الممكن الوصول إلى أكبر عدد من الناخبين ، مشيرين إلى أن حمدوك وواشنطن ليسا ضد بقاء البرهان رئيساً لمجلس السيادة في حال وافق على نقل بعض الصلاحيات الإدارية والسيادية لرئيس الوزراء والذي سوف يكون عبدلله حمدوك ، بحسب المصدر.

ويقول مراقبون إن المخطط الذي يجري التحضير له بشكل سرّي بين قوى (تقدم) بقيادة عبدلله حمدوك وبعض المسؤولين الغربيين بشأن مستقبل السودان، لا يمكن تنفيذه دون تعاون ولو قليلاً مع قوات “حميدتي”. ولكن هذا لا يعني بالضرورة بقائهم في المشهد السياسي السوداني في المستقبل.

فإن قوات حميدتي أو قوات حليفة للدعم السريع إلى جانب الجيش، بالنسبة للدول الغربية وواشنطن ، ارتكبت جرائم حرب لذا لا يمكن أن تدعم الدول الغربية بقاء حميدتي في المستقبل السياسي للبلاد. بل على العكس من الممكن أن يتم التضحية به مستقبلاً بحجة احقاق الحق وتنفيذ العدالة الدولية ، وبالتالي يتم تقديمه للمحاكمة في محكمة الجنايات الدولية على أنه مجرم حرب بعد أن كان قد ساعد حمدوك بتنفيذ مشروعه، وخاصة أن المسؤولين الغربيين دائما ما يتحدثون عن جرائم حرب وضرورة محاسبة المتورطين إلى جانب ذلك، غالباً ما سوف يقوم حمدوك بتأميم قطاع تعدين الذهب لضمان مصالح الدول الغربية بثروات السودان، في حال وصوله للسلطة، وهذا ما يتعارض مع المصالح المالية لحميدتي ، ويجعل من حميدتي نفسه “عقبة” في وجه تحقيق مصالح الدول الغربية.

لكن عدد من المختصين بالشأن السوداني يرون في قوات حفظ السلام المقترحة من قبل حمدوك قوات احتلال تسيطر على السودان وتنهب خيراته، وتحقق مصالح الدول الغربية، تحت غطاء أممي بذريعة حفظ السلام والأمن محذرين كل القوى السياسية السودانية والقادة العسكريين من الانجرار وراء هذا المشروع مع حمدوك، لأن ذلك سوف يجعل من قوات حفظ السلام بديلاً لهم، وسوف يتم التخلي عنهم.

بكري خليفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى