ملفات فلسطينية

قمة الرياض.. هل تكون ميلادًا لمبادرة عربية جديدة للسلام؟

ما تناولته القمة بالعمل على اتخاذ إجراءات فاعلة للضغط على إسرائيل وحلفائها وداعميها الغربيين، عبر التمسك بمسار المبادرة العربية للسلام، وتأكيد ربط التطبيع بتطبيق حل الدولتين.

الوضع المتأزم في الشرق الأوسط، الناتج عن فشل الحلول السياسية، وامتداد الحرب من قطاع غزة إلى لبنان قد يسع أكثر حال قيام إيران بتوجيه ضربة جديدة لإسرائيل، وهو ما أشارت إليه صحيفة التليجراف البريطانية، نقلًا عن تصريحات لمسؤولين إيرانيين.

المشهد المعقد لا يمكن حلحلته بإصدار بيانات الشجب والإدانة، التي تصدر بين الحين والآخر، كلما نفذ جيش الاحتلال جريمة جديدة تجاه المدنيين في غزة ولبنان، وإنما يتطلب الأمر حراكًا دبلوماسيًا على نطاق واسع، يشمل جميع الأطراف، واتخاذ موقف موحد، يهدف في المقام الأول إلى وقف إطلاق النار، على كافة الجبهات، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة، دون قيد أو شرط.

ثمة بادرة أمل تلوح في الأفق، بعد انعقاد القمة العربية الإسلامية غير العادية، التي استضافتها المملكة العربية السعودية، بمشاركة رؤساء وملوك الدول العربية، لدفع سُبل الحل الدائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أيضًا الحرب الدائرة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان، والتي تأخذ منعطفًا خطيرًا، بعد التوغل الإسرائيلي وتوسيع نطاق الضرب على لبنان.

وبالنظر إلى مخرجات القمة العربية الإسلامية، وانعكاساتها المحتملة على مسار حل الصراع في غزة ولبنان، سنجد أنها هدفت إلى إعادة ضبط التوازن الإقليمي، في ضوء ما تطرحه من أدوار للقوى العربية والإسلامية الفاعلة، بعد إجماع القادة على ضرورة وقف حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، عبر القصف والحصار والتجويع الممنهج، وامتداد نيران الصراع إلى لبنان وإيران.

ما تناولته القمة بالعمل على اتخاذ إجراءات فاعلة للضغط على إسرائيل وحلفائها وداعميها الغربيين، عبر التمسك بمسار المبادرة العربية للسلام، وتأكيد ربط التطبيع بتطبيق حل الدولتين، وهو ما يأتي عقب تدشين تحالف دعم حل الدولتين بالعاصمة السعودية نهاية أكتوبر الماضي بناءً على منجزات اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المنبثقة عن القمة الأولى في الرياض 11 نوفمبر 2024، التي دفعت بتسع دول من أمريكا اللاتينية وأوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في وقف العدوان الاسرائيلي، فإن ذلك يتطلب قيام مجلس الأمن الدولي، بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن، استنادًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وإلزام القوة القائمة بالاحتلال بوقف إطلاق النار الفوري وإدخال المساعدات الإنسانية وتطبيق القرارات ذات الصلة بوقف العدوان، وإعطاء العضوية الكاملة لدولة فلسطين، ووقف الاستيطان وفرض عقوبات على الحركات الاستيطانية وتصنيفها تنظيمات إرهابية.

المشاهد المأساوية في غزة ولبنان، تتطلب تحركات على المستوى الدولي من أجل تعزيز الضغوط على الجانب الإسرائيلي، والدعوة لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها، وتوجيه 52 دولة خطابًا للأمم المتحدة بضرورة وقف تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل التي قد تستخدمها ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى ضرورة التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وإعطائها العضوية الكاملة في المنظمة الأممية.

إسرائيل تخل بشروط عضويتها فى الأمم المتحدة، لأن شرط قبول عضويتها هو قبول قرارين هما التقسيم إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية، وتأييد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لمنازلهم و أعمالهم، ولكن إسرائيل لم تحترم القرارين، وتواصل انتهاك القانون الدولي، تحت الغطاء الأمريكي، والدعم غير المحدود من الدول الغربية.

وركزت القمة على التضامن والدعم الكاملين للجمهورية اللبنانية في مواجهة العدوان الإسرائيلي والتمسك بدعم المؤسسات الدستورية اللبنانية في أداء مهامها لضمان وحدة واستقرار لبنان وبسط سيادته على جميع أراضيه وتوسيع مهام اللجنة الوزارية العربية الإسلامية لتشمل دعم جهود وقف العدوان على لبنان، وقد شددت كلمات القادة وبصفة خاصة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم الجيش اللبناني.

اقرأ أيضا| قمة الرياض.. الطريق للدولة الفلسطينية

واختلفت مخرجات هذه القمة عن ما قبلها، ويمثل توقيع اتفاق التعاون بين الجامعة العربية، ومنظمة العالم الإسلامى والاتحاد الأفريقي، للعمل على تجميد عضوية إسرائيل فى الأمم المتحدة، تحركًا إيجابيًا رغم أنه جاء متأخرًا، وإنما يعبر عن موقف حاسم بالتصدي لجرائم الاحتلال،

تحليل مخرجات القمة العربية الإسلامية الثانية، وأدوار عدد من الدول العربية الرئيسية في المنطقة، يبرهن على ملامح رؤية قيد التبلور للقوى الإقليمية في مسار محاصرة العدوان وتعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية، وخلق الظروف الملائمة لميلاد الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وفيما تضطلع بدور رئيسي في جهود الوساطة لإنهاء الحرب مع الجانب القطري والجانب الأمريكي، تتولى القاهرة مسؤولية جمع الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية، ودعم دور منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد عن الشعب الفلسطيني، وهو ما شدد على أيضًا الرئيس السيسي، والخطوط الحمراء لمصر في العدوان الإسرائيلي الحالي، بالتصدي لجميع مخططات تصفية القضية الفلسطينية، ممثلة في محاولات التهجير أو النقل القسري لأهالي غزة، أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة.

تجربة القمة العربية الإسلامية المشتركة سعت لتحقيق اختراق يضمن انخراط القوى العربية والإسلامية الفاعلة في إعادة التوازن الإقليمي وفرض رؤية دول المنطقة حول شكل التسوية المأمولة ومنها؛ التمسك بالدولة الفلسطينية الموحدة وفق مقررات الشرعية الدولية وفي إطار دعم السلطة الوطنية وتوفير شبكة أمان مالي لمنع انهيارها.

يمثل هذا الاصطفاف في وجه العدوان الإسرائيلي عاملًا ضروريًا وإن واجهت تحديات مستجدة في ظل توسع نطاق الصراع بوتيرة أسرع من التحركات الجماعية للدول العربية والإسلامية وآلياتهم في حشد الدعم الدولي، كما تظل دول المنطقة بحاجة لتولي أدوارًا أمنية رئيسية واتخاذ إجراءات بناء ثقة وتدابير سياسية وأمنية واقتصادية مشتركة لحلحة باقي الملفات العالقة في الإقليم من لبنان وسوريا إلى الأزمة اليمنية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى