العراق

في العراق.. موطئ قدم الصين تهدده الطموحات الأمريكية

لدى العراق 145 مليار برميل من الاحتياطات النفطية المؤكدة، وهو ما يعادل حوالي 100 عام من الامدادات بمعدل الانتاج الحالي. 

سلطت مجلة “فوربس” الأمريكية، الضوء على الحضور الصيني القوي في الاقتصاد العراقي، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة، تحاول التركيز بقوة على جلب الشركات الأمريكية إلى العراق لإعادة بناء قطاع الطاقة من أجل إبعاد المستثمرين الصينيين، ومواجهة النفوذ الإيراني، والحد من انبعاثات الغاز.

وبحسب تقرير للمجلة الأمريكية، ترجمته وكالة شفق نيوز، خلال السنوات الأربع الماضية، أصبحت إيران أكثر هيمنة في مجال الطاقة، وثرية بسيولتها النقدية، وتتمتع بتأثير عالمي، في حين تتحرك إدارة جو بايدن حالياً بشكل سريع من أجل مساعدة العراق تحت قيادة رئيس وزرائها محمد شياع السوداني الذي وصفته بانه مؤيد لقطاع الأعمال.

ونقل التقرير عن مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة في وزارة الخارجية جيفري بيات، قوله إن الجميع يدركون الأصول التي يمثلها العراق، باعتبار أنه يملك ثاني أكبر احتياطيات مؤكدة في اوبك”.

وتشير تقديرات البنك الدولي، الى ان لدى العراق 145 مليار برميل من الاحتياطات النفطية المؤكدة، وهو ما يعادل حوالي 100 عام من الامدادات بمعدل الانتاج الحالي.

وتابع التقرير قائلا انه عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق في العام 2003، دمرت البنية التحتية، بما في ذلك البنية التحتية للكهرباء، مما ترك البلد في حالة عجز وتفتقر للقدرة على اعادة البناء حتى الان.

ونقل التقرير عن بيات قوله “يوجد عقدان من الدماء والاموال الاميركية في العراق، ويجب الا ننسى ذلك. وتتحول العلاقة حاليا الى مرحلة جديدة.، مشيرا الى ان تطوير قطاع الطاقة في العراق يمثل فرصة لانتزاع مكانة الصين في المنطقة.

وبحسب مساعد وزير الخارجية الامريكي فان ازدهار قطاع الطاقة في العراق سيتم من خلال بيئة السوق، وانه على العكس من الصينيين “الذين قد تكون لديهم دوافع اخرى، فان شركاتنا (الامريكية) ستشارك عندما تشعر بوجود اصول، وايضا حيث توجد خيارات لاستعادة راس المال وتحقيق بعض التقدم”.

وذكر التقرير بان الصين التي تعتبر فعليا احدى الجهات الرائدة في مجال تشغيل حقول النفط والغاز في العراق في الوقت الحالي، تقوم حاليا ايضا تطوير 10 حقول اخرى للنفط والغاز بعد فوزها بعملية عطاءات لتطوير مناطق محددة في وقت سابق من العام الحالي.

وقال بيات، إن “السوداني جاد في محاولته لجذب الاستثمارات الغربية الى هذا القطاع، وعندما كنت هناك في شهر مايو/ايار، كان هناك شعور حقيقي بالاسى لان جولتي العطاءات الخامسة والسادسة ذهبتا بالكامل الى شركات صينية صغيرة وغير مؤهلة بشكل خاص، وحضور قليل للشركات الغربية الكبرى”.

وأشار التقرير الى ان الصين تستورد من النفط اكثر من اي دولة اخرى، بما يصل الى اكثر من 11 مليون برميل من النفط يوميا، في حين يعتبر العراق ثالث اكبر مصدر للنفط الى الصين، بعد روسيا والمملكة السعودية حيث يبيع العراق 35% من نفطه الى الصين، بينما يبلغ حجم التجارة بينهما 50 مليار دولار.

وفي حين لفت التقرير الى ان الامر قد ينتهي بالصين بان تشتري هي النفط والغاز العراقي المكتشف حديثا من جانب الشركات الامريكية، اشار الى ان مساعد وزير الخارجية الامريكي لم يكن قلقا، موضحا “انها سوق نفط متداخلة عالميا، لذلك لا اشعر بالقلق على الاطلاق.. انها سوق قابلة للاستبدال ومتكاملة، باستثناء روسيا، التي تمكنت من وضع نفسها في منطقة الجزاء بسبب أوكرانيا والتي تم استبعادها من الأسواق الرئيسية”.

واعتبر التقرير ان العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة اخذت تتطور على مدى ما يقرب من 6 أشهر، وانه بعد زيارة السوداني الى واشنطن في ابريل/نيسان، قام مساعد الوزير بيات، بزيارة الى بغداد والاردن والمملكة السعودية، وهو ما قاد الى ابرام سلسلة من مذكرات التفاهم والاجتماعات والتعاون، مضيفا انه خلال الشهر الماضي وحده، اشرفت وزارة الخارجية الامريكية على عقد اجتماعات رفيعة المستوى بين السوداني وبين شركات الطاقة العملاقة مثل “جي اي رينوفا”، و”توتال”، و”بي بي”، و”بيكر هيوز”، و”هاليبرتون”، و”هانت”، و”هانيويل”.

واجتمع بيات، مع السوداني برفقة مديرين تنفيذيين رفيعي المستوى من غرفة التجارة الامريكية وقطاع الطاقة في هيوستن في اطار مؤتمر دولي على المستوى الوزاري للمديرين التنفيذيين فيمجال الغاز الطبيعي، ثم تجدد اللقاء بعدها باسبوع خلال اسبوع المناخ في نيويورك والجمعية العامة للامم المتحدة.

وأضاف التقرير انه في الاول من تشرين الاول/اكتوبر، اعلن بنك التصدير والاستيراد الامريكي ان الكونجرس سمح بتحرير نحو 300 مليون دولار لوزارة الكهرباء العراقية، التي ستدفع منها لشركة امريكية مقرها فلوريدا، من اجل اعادة تجهيز العديد من محطات الطاقة لانتاج الطاقة وجعل الشبكة اكثر كفاءة.

وبعدما لفت التقرير الى أن الاتفاق هو جزء من صفقة حجمها مليار دولار لدعم الصادرات الامريكية، قال ان “EXIM”، هي وكالة إقراض الصادرات التي تساعد رجال الاعمال الامريكيين على تقوية صادرات منتجاتهم وخدماتهم للمنافسة في الاسواق العالمية.

وأوضح التقرير ان الحكومة العراقية ستدفع لشركة “ستيلار” التي تتخذ من فلوريدا مقرا لها، 297 مليون دولار لهذا المشروع.

إقرأ أيضىا : غوغل يواجه أزمة غير مسبوقة.. ما القصة؟

وبحسب وثائق، تحصلت عليها المجلة، فإن “ستيلار” ستقوم بتحويل  بتحويل 2 من محطات الطاقة لكي تتحول للعمل بالغاز الطبيعي، وانه بمجرد تحويلها، ستتزايد قدرة توليد المحطة الإجمالية في العراق من 550 ميجاوات إلى 835 ميجاوات، أي بزيادة قدرها 40٪ تقريبا في قدرة توليد الطاقة.

ووفق “EXIM” فإن زيادة انتاج الكهرباء ستؤدي الى انخفاض بنسبة 31.2٪ في انبعاثات الغازات الدفيئة لكل ميجاوات ساعة يتم توليدها، بينما ستتولى “ستيلار” اعمال الهندسة والمشتريات والبناء والتكليف والتصميم وادارة الصحة والسلامة والتدريب التشغيلي للموظفين.

ونقل التقرير عن مسؤول في وكالة تجارة التنمية الامريكية قوله ان التعاون مع العراق شمل التدريب والتقنيات والادارة والموارد البشرية لقطاع النفط، وترتيب زيارات لوفود من قطاع النفط العراقي الى الولايات المتحدة لدراسة الاقتراحات الامريكية الهادفة الى تعزيز صادرات التكنولوجيا الامريكية.

وذكّر التقرير الأمريكي، أن العراق يعتبر “من أكبر الدول المسببة للانبعاثات في العالم”، مضيفا ان حجم الغاز المنبعث او المحترق حاليا يعادل حجم موارد الطاقة التي يستوردها من ايران.

وبالنسبة للولايات المتحدة، جزء كبير من هذا يتعلق بسيادة العراق ونجاحه الاقتصادي، وهناك تقارب المصالح بين الولايات المتحدة ورؤية السوداني في الوقت الحالي، وخصوصا هدفه المتمثل في الوصول الى “صفر واردات بحلول العام 2030”.

لكن التقرير، أشار إلى مفارقات كبيرة، وفيما تعمل الدول على الوصول إلى أهداف المناخ العالمية لتصبح صفرية بحلول العام 2030، فإن العراق ومع حلول ذلك الوقت في حالة إنتاج لكميات قياسية من النفط والغاز للسوق العالمية.

وبحسب التقرير، فان بيات معجب بنموذج “رؤية 2030” للمملكة السعودية، والذي بموجبه تزيد من قدرة الطاقة المتجددة لشبكتها المحلية ولكنها تبيع نفطها وغازها في السوق العالمية، مختتماً بالإشارة إلى تشديد المسؤولين الأمريكيين على ضرورة “أن يتبع العراق نفس المسار”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى