تقارير

“فورين بوليسي”: على مجموعة السبع الاستعداد لاحتمالات عودة ترامب

يتعين على قمة مجموعة السبع المقبلة أن تعطي الأولوية للتحضير لاحتمال استعادة رئاسة ترامب العدائية.

يجري الآن التخطيط لعقد قمة مجموعة السبع التي تستضيفها رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني في الفترة من 13 إلى 15 يونيو، وباعتبارها القمة الخمسين لمجموعة الدول السبع، نادي الديمقراطيات الرائدة في العالم، فسوف يكون هناك دافع للاحتفال، وفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.

وتمثل مجموعة السبع، والتي تضم كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة -والاتحاد الأوروبي منذ عام 1981- 54% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وأكثر من 55% من الإنفاق الدفاعي العالمي، واكتسبت بلدان مجموعة السبع، لعقود من الزمان، ثقلاً إضافياً على الساحة العالمية من خلال تنسيق قوتها الاقتصادية الوطنية في السعي إلى تحقيق أولويات السياسة الخارجية المشتركة، مثل حماية المجتمعات الديمقراطية والأسواق المفتوحة.

لكن أهمية القمة المقبلة تتجاوز مكانتها باعتبارها ذكرى تاريخية، إن مستقبل مجموعة السبع -ومستقبل التماسك الديمقراطي العالمي بشكل عام- أصبح الآن على المحك.

وكانت التصريحات “المهينة” الأخيرة بشأن حلف شمال الأطلسي والتي أدلى بها المرشح الرئاسي الجمهوري المفترض دونالد ترامب سببا في دفع كثيرين إلى التشكيك في مصداقية التزام أميركا تجاه حلفائها.

ويأتي جزء من إحباط “ترامب” من الناتو من الإنفاق الدفاعي المنخفض تاريخياً لأعضاء الناتو الآخرين مقارنة بالولايات المتحدة، قائلا: “لماذا يتعين على الأميركيين أن ينفقوا على الدفاع عن أوروبا أكثر مما يرغب الأوروبيون في إنفاقه؟”.

ومع ذلك، قد تكون مجموعة السبع أكثر عرضة لتقلبات ولاية ترامب الثانية.. بالنسبة لترامب، يعد تنسيق السياسة الخارجية للولايات المتحدة مع الآخرين قيدًا لا معنى له على حرية العمل الأمريكية، ما لم يوفر عائدًا اقتصاديًا صافيًا ملموسًا لأمريكا.

وتكمن المشكلة، في أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري في السلع مع كل شركائها في مجموعة السبع باستثناء المملكة المتحدة، وفي عام 2023 بلغ هذا العجز 337 مليار دولار، أي أكثر من العجز الأمريكي مع الصين (279 مليار دولار).

ويشكل العجز التجاري في السلع علامة حمراء بالنسبة لترامب في السياسة الخارجية، ولهذا السبب تعامل مع ألمانيا بقيادة أنجيلا ميركل باعتبارها منافسًا أكبر من روسيا تحت قيادة فلاديمير بوتين، ونسف بيان قمة عام 2018 بعد أن حاول زعماء مجموعة السبع التصدي للحمائية الأمريكية.

ويمكن لزعماء مجموعة السبع أن يعربوا عن أملهم في أن تكون هناك فترة ولاية ثانية للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، لكن هذا حاليًا، في أفضل الأحوال، اقتراح بنسبة 50-50%، وبدلا من ذلك، يجب عليهم استخدام الأشهر الثلاثة المقبلة لوضع أجندة سياسية يمكنها الصمود في وجه الصدمات التي قد تتعرض لها رئاسة ترامب الثانية، بينما تعمل أيضًا كمنصة لولاية بايدن الثانية.

وكانت إنجازات مجموعة السبع في ولاية بايدن الأولى مثيرة للإعجاب، فمنذ غزو بوتين واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022، نفذت مجموعة السبع حزمة غير مسبوقة من العقوبات ضد روسيا، تتراوح بين تجميد ما يقرب من 300 مليار دولار من احتياطيات بنكها المركزي المحتفظ بها بعملاتها إلى حظر توفير التأمين للناقلات التي تحمل النفط الروسي إذا تم بيعه فوق سقف 60 دولارًا للبرميل.

ويمكنها أن تفعل ذلك لأن أكثر من 93% من الاحتياطيات العالمية مملوكة بعملات مجموعة السبعة، وأكثر من 90% من حمولة المحيطات في العالم مغطاة بتأمين الحماية والتعويض الذي تصدره شركات مقرها في مجموعة السبعة.

وفي انعكاس لمخاوفها المشتركة بشأن صعود الصين واصطفاف بكين الوثيق مع موسكو، انخرطت مجموعة السبع أيضًا بشكل مستمر على مدى السنوات الثلاث الماضية مع حليفيها المقربين كوريا الجنوبية وأستراليا، في محاولة لبدء سلاسل توريد “دعم الأصدقاء” لأشباه الموصلات والطاقة المتجددة.

ووفقا لتحليل “فورين بوليسي”، كل هذا العمل المهم يمكن أن ينتهي إذا عادت إدارة ترامب الجديدة إلى معاقبة أقرب حلفائها لأنهم استفادوا من المجان، ولكن إصلاح الخلل في التوازن التجاري بين بلدان مجموعة السبع مع الولايات المتحدة أمر مستحيل في الأمد القريب، ولهذا السبب، يتعين على قمة مجموعة السبع المقبلة أن تعطي الأولوية للتحضير لاحتمال استعادة رئاسة ترامب العدائية.

أولاً، يتعين على أعضاء مجموعة السبع أن يرسلوا إشارة واضحة إلى موسكو مفادها أن دعمهم لحماية سيادة أوكرانيا ليس له حدود زمنية.

وفي ظل الحظر الحالي للدعم الأمريكي الجديد في الكونجرس، اتخذت الدول الأوروبية بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي بالفعل خطوة مهمة لإظهار عزمها، من خلال الالتزام بتقديم 77 مليار يورو إضافية في شكل مساعدات مالية وعسكرية متعددة السنوات لكييف، بالإضافة إلى ما يقرب من 75 مليار يورو خصصوها بالفعل منذ بداية الحرب.

ويتعين على القمة أيضاً أن تقرر كيف سيبدأ كافة أعضاء مجموعة السبع بالسحب من الأرباح المكتسبة من الاحتياطيات الروسية المجمدة، وتتمثل العقبة حتى الآن في أن الجزء الأكبر من هذه الاحتياطيات تحتفظ به بنوك الاتحاد الأوروبي، وتشعر بعض الحكومات والبنك المركزي الأوروبي بالقلق من أنه حتى الخطوة المتواضعة المتمثلة في صرف الفوائد المكتسبة (4.4 مليار يورو في العام الماضي) تفتقر إلى أساس قانوني متين، ومن الممكن أيضاً أن يؤدي ذلك إلى تقويض مصداقية اليورو باعتباره عملة احتياطية عالمية.

ثانياً، يتعين على أعضاء مجموعة السبع أن يدعوا كوريا الجنوبية وأستراليا رسمياً للانضمام إلى المجموعة، وإذا فاز بايدن بولاية ثانية، فإن عضويتهم ستعزز المرونة الجماعية لمجموعة السبع في مجال التكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة، إذا فاز ترامب برئاسة ثانية، فإن هذين الحليفين الديمقراطيين سيكونان أقل عزلة في مواجهة تهديداته التجارية.

ثالثًا، يجب على أعضاء مجموعة السبع تخصيص الدفعة الأولى من التمويل للخطة التي أعلنتها إدارة بايدن وزعماء الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند العام الماضي لبناء ممر للسكك الحديدية والطاقة والبيانات من الهند عبر الهند والخليج وإسرائيل إلى أوروبا.. إن هذا المشروع المتأخر ولكنه مهم للتنافس مع مبادرة الحزام والطريق الصينية سوف يربط الاقتصادات الشابة المزدهرة في الهند ودول الخليج بأسواق أوروبا الغنية العجوزة.

وخلصت “فورين بوليسي”، إلى أن مجموعة السبع تشكل هيئة تنسيق جغرافية اقتصادية لا تقدر بثمن، وسواء كان الهدف تعزيز مكاسب رئاسة بايدن أو تقليل المخاطر العالمية التي قد تترتب على رئاسة ترامب، فإن قمة الذكرى السنوية الخمسين لتأسيس مجموعة السبع يجب أن ترقى إلى مستوى أهدافها.

ترجمة زينب مكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى