ملفات فلسطينية

فلسطين الجديدة.. السلاح يصنع السلام

رغم أهمية السلاح، لم تكن المقاومة الفلسطينية يومًا محصورة فيه. هناك أيضًا المقاومة السلمية التي تسير جنبًا إلى جنب مع الكفاح المسلح. من خلال التظاهرات السلمية، مثل مسيرات العودة الكبرى، وحملات المقاطعة الاقتصادية.

في أرض تتقلب فيها الأقدار وتتوالى العواصف، تظل فلسطين الحكاية التي لا تنتهي، حكاية كُتبت بدماء الشهداء وأقلام المقاومين. بين طيات هذا الصراع المستمر، يبرز مفهوم جديد يعيد صياغة العلاقة بين السلاح والسلام، مفهوم ينقش في ذاكرة الشعب الفلسطيني حقيقة لا تتزعزع: “السلاح يصنع السلام”. هذه العبارة ليست دعوة للعنف، بل هي تأملٌ في كيفية تحويل القوة إلى وسيلة لتحقيق الحق، وليست مجرد أداة للتدمير.

منذ نكبة 1948، كان السلاح رفيق الفلسطينيين في مسيرتهم نحو التحرر. لم يكن السلاح مجرد أداة للقتال، بل رمزًا للكرامة والإصرار، وسيلة لمواجهة كل محاولة لطمس الهوية واقتلاع الوجود. على مر العقود، تطور السلاح من حجر في يد طفل إلى صاروخ يحمل رسالة العزة في سماء المقاومة. لكن وسط هذا الصراع الدموي، يظل السؤال الأبدي قائمًا: هل يمكن أن يكون السلاح طريقًا نحو السلام؟

المقاومة المسلحة في فلسطين لم تكن يومًا خيارًا عشوائيًا، بل نشأت من رحم الاضطهاد. من الفدائيين الأوائل الذين قادوا عمليات جريئة على أرض العدو، إلى الانتفاضات التي جعلت من الحجارة لغةً للمواجهة. السلاح في هذا السياق ليس مجرد وسيلة دفاع، بل هو فعل تحدٍ وسعي نحو فرض واقع لا يمكن التغاضي عنه. القوة وحدها هي التي تستطيع إجبار المعتدي على الجلوس إلى طاولة الحوار، ليس كمنتصر، بل كطرف مستعد لتقديم تنازلات تُحقق العدالة.

اقرأ ايضا| إجماع دولي حول بيان مدريد الداعي لتنفيذ حل الدولتين

وفي خضم هذا الصراع، يبرز الجهاد الفردي والجماعي كتكتيكات متكاملة. ذلك الفرد الذي يختار المواجهة بقراره الشخصي، يشعل شعلة الأمل في قلوب الملايين. بينما الجهاد الجماعي الذي تنظمه الفصائل يمثل العمود الفقري للمقاومة. ومع ذلك، فإن السلاح لم يكن يومًا غاية في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق السلام.

السلام الحقيقي لا ينبع من الضعف، بل من قوة تفرض الاحترام. وبعد سنوات من التفاوض الفاشل ومحاولات السلام التي لم تثمر، تعلم الفلسطينيون درسًا قاسيًا: أن التفاوض دون وجود قوة ضغط خلفه ليس سوى كلمات تذروها الرياح. من هنا، تأتي فلسفة “السلاح يصنع السلام” لتعزز الرؤية القائلة بأن الردع الحقيقي هو ما يفتح أبواب السلام العادل.

ورغم أهمية السلاح، لم تكن المقاومة الفلسطينية يومًا محصورة فيه. هناك أيضًا المقاومة السلمية التي تسير جنبًا إلى جنب مع الكفاح المسلح. من خلال التظاهرات السلمية، مثل مسيرات العودة الكبرى، وحملات المقاطعة الاقتصادية، يثبت الشعب الفلسطيني أن السلاح والكلمة يمكنهما معًا تشكيل معادلة متكاملة تدرك أن السلام الحقيقي لا يتحقق إلا بقوة تحميه.

وفي قلب هذا المشهد، يبرز دور المرأة الفلسطينية، التي كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من المقاومة، تقود النضال بشجاعتها، وتشارك في كل معركة. والأطفال أيضًا، أولئك الذين رأوا في السلاح رمزًا للتحرر وليس مجرد أداة للقتل، بل دربًا نحو مستقبلٍ أفضل.

وفي النهاية، تبقى الحقيقة الأبدية: السلاح ليس نهاية الحكاية، بل هو وسيلة لإعادة كتابة فصل جديد من تاريخ فلسطين. هو الطريق نحو سلامٍ لا يُفرض، بل يُنتزع من بين أنياب العدو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى