غزة

فشل الاستراتيجية الصهيونية في حرب غزة

في حرب غزة البعد التكنولوجي الصهيوني محدود بل التركيز كامل على البعد التكنولوجي الأمريكي وإخفاق الوكالات الاستخباراتية الصهيونية بما تمتلكه من تطور تكنولوجي في التنبؤ لهجمات طوفان الأقصى.

منذ بداية عملية طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي يشغل الصراع المتواصل بين أقطاب الطبقة السياسية في الداخل الصهيوني صفحات الجرائد وشاشات المحطات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم خصوصا في منطقتنا العربية، غير أن هناك صراع مخفي يخضع للرقابة الإعلامية العسكرية في الكيان الصهيوني.

وبالتالي لا وجود له في الإعلام الصهيوني والعالمي وهو الصراع العسكري على الاستراتجيات المفروض إتباعها في قطاع غزة، فالظاهر في ساحة المعركة أن جيش الاحتلال الصهيوني يعتمد على القوة النارية في التدمير ومن ثم في الإجرام في حق المدنيين الفلسطينيين كمنطلق لإدارة الحرب ما يبرز خصوصا في عدد القنابل التي أُرسلت من الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني فالكلام حسب وسائل إعلام أمريكية عن 14 ألف قنبلة شديدة التدمير هو ضرب من الخيال ومنطلق في ارتكاب الجرائم عندما نعي وندرك أن هذا الكم من القنابل تم إلقاؤها على مناطق أهلة بالسكان المدنيين وليس في ميدان معركة في مواجهة مع جيش نظامي على الأقل في سياق قصف مواقع تمركزه.

قصد قراءة الصراع العسكري في داخل الكيان الصهيوني يستوجب علينا تفصيل الاستراتجيات العسكرية الصهيونية التي تم إتباعها طيلة العشرين سنة الماضية والتي تُمكننا من فهم جانب من التجاذب الداخلية الصهيونية كون مهندسي هذه الاستراتجيات العسكرية غيروا بدلتهم العسكرية وأصبحوا اليوم رجال سياسة من برلمانيين وأعضاء في الحكومة الصهيوني وحتى أعضاء في الكابينيت المصغر قبل حله، فقد خضعت الإستراتجية العسكرية الصهيونية لخمسة مراجعات أساسية منذ 2003 وقد حملت هذه المراجعات صفة خطط حملت أسماء شخصيات ومصطلحات من الثيولوجيا اليهودية  والتي نستخلصها فيما يلي:

– خطة “كيلع” 2003-2006 وقت رئاسة أركان اللواء موشي يعالون واتي كانت تعتمد على القوة الجوية في حسمها للحروب والتي أثبتت فشلها في الحرب مع لبنان في 2006.

– خطة “تيفين” وقت رئاسة أركان غابي أشكنازي 2008-2012 بعكس الخطة السابقة التركيز على القوات البرية في جيش الاحتلال الصهيوني والعمل على تطويره بعدما تم التركيز سابقا على تطوير سلاح الجو,
– خطة “عوز” 2011-2014 تحت قيادة رئيس الأركان السابق اللواء بيني غانتس عضو الكابينيت الصهيوني سابقا قبل استقالته حيث تم وفق هذه الخطة التركيز على البعد التكنولوجي لكل وحدات جيش الاحتلال الصهيوني سواء البرية، البحرية والجوية وليس الاكتفاء بالقوات الجوية كما في خطة كيلع أو البرية فقط كما في خطة تيفين.

– خطة “جدعون” 2015-2019 تحت قيادة رئيس الأركان الفريق غابي ايزنكوت عضو الكابينيت الصهيوني السابق قبل استقالته حيث ركز على التنسيق بين كل وحدات جيش الاحتلال الصهيوني وفق عنصر التطور التكنولوجي والحرب السيبريالية.

– خطة تنوفا 2020- 2025  تحت قيادة اللواء افيف كوغافي لقيادة أركان جيش الاحتلال الصهيوني حيث نركز هذه الخطة على البعد التكنولوجي ومرافقة التدريب النوعي لقوات الكيان الصهيوني وفق التطور التكنولوجي والتقني.

بالرجوع للصراع العسكري داخل الكيان الصهيوني يبرز لنا عسكريان كما سبق الذكر دخلا الحياة السياسية الصهيونية “بيني غانتس” و”غابي ايزنكوت” فكلاهما كانا مهندسان لمراجعات وخطط عسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني فالأول ضمن خطة عوز ركز على تعميم الاعتماد على البعد التكنولوجي لكل الوحدات العسكرية والثاني كتطور لما سبق ضمن خطة جدعون ركز على التنسيق بين الوحدات العسكرية وفق البعد التكنولوجي.

في حرب غزة البعد التكنولوجي الصهيوني محدود بل التركيز كامل على البعد التكنولوجي الأمريكي وإخفاق الوكالات الاستخباراتية الصهيونية بما تمتلكه من تطور تكنولوجي في التنبؤ لهجمات طوفان الأقصى أحسن دليل إضافة إلى ميدان وساحة العمليات التي نرى كل يوم اعتماد على العنصر البشري ضمن القوات البرية في التمركز والاقتحام وغياب متزايد لتنسيق بين القوات البرية، الجوية والبحرية باستثناء عملية مخيم النصيرات في محاولة تحرير رهائن والتي انتهت بنتائج عكسية ومجزرة مروعة في حق الفلسطينيين ما يتعارض مع عقيدة ايزنكوت في خطة جدعون التي صممها من ثم يبرز الصراع العسكري في الداخل الصهيوني بين مختلف العقائد العسكرية ورؤية كل طرف أحقية ومنفعة في تطبيق عقيدته مقابل باقي العقائد والتي انتهت باستقالة ايزنكوت وغانتس حيث وصل التجاذب لقمة الصراع والاعودة من ثم حل الكابينيت الحربي بلا رجعة.

في انتظار نهاية المجازر والجرائم التي ترتكب اليوم في قطاع غزة سيشهد جيش الاحتلال الصهيونية مراجعة جديد جراء إخفاقات التي ترافق الحرب في غزة كل يوم وأخرها هجمات الشجاعية التي كان يظن جيش الاحتلال أنه قام بتأمين تلك المنطقة لتفاجأ بالعكس، المراجعة القادمة ستركز على البعد الاستخباراتي في محاولة التنبؤ لردود فعل وهجمات مستقبلية كون الجيش الصهيوني اثبت عجزه على التضحية، القتال المباشر والجاهزية للمواجهة وهذه أمراض مزمنة لن يتم حلها مهما صُمم لها من خطط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى