بعد اجتماع طويل داخل غرفة العمليات الحربية، خرج سعادة اللواء عمليات (z) من بوابة الغرفة المغلقة والابتسامة ترتسم على وجهه وطعم السرور والبهجة تسطر ملامح طلته وتبدو علي قسمات وجهة وبين عينيه بريق يشع بالنصر والثبات وحرسه المدجج بالسلاح كان ينتظر خروجه حتي يدثره بطوق الحماية والسكينة والأمان كان بعض القادة الكبار ينتظرونه خارج الغرفة التي كان يدار فيها الخطط وأضابير الحرب التي فرضت عليهم من قبل الفصيل المتمرد الذي يدعي (الجنجويد).
عند خروجه توجه اليه احد القادة الكبار الذي كان ينتظره بفارق الصبر وعندها مال وثرثر علي أذنه وقال له كلمات ليس كالكلمات كلمات يزرعها في احضان الوطن الكبير وتأتي غيمات الحزن الذي رف علي أجفان انسان السودان المكلوم ووجعه المضمخ بالتشرد والمتعب بالحزن وتذرف من عينيه مطرا الغضب العارم علي ارض المعارك وتسيل مياه الدموع المنهمرة زخات زخات وتحدث سيل من الغضب الكبير علي هؤلاء الغزاة المأجورين واعوانهم من أبناء الوطن الخونه المرتزقة وتلحق بهم الهزائم المتتالية وبعد اختزان غضب كبير وصبر وعزيمة وإصرار الجنود والقادة في قلوبهم من خلال حصارهم داخل المعسكرات والمقرات العسكرية طوال فترة الحرب المريرة.
ولا يدرن ما يجري لاهلهم وأبناؤهم وكيف كانوا يأكلون ويشربون وكيف يأتيهم المدد، ولكنهم كأنو رغم المحن استطاعوا ان يدافعوا علي بعض المقرات العسكرية والمرتزقة يتلذذون بسرقة ممتلكات الشعب ونهب مقدرات الوطن ويستحون النساء ويقتلون الابناء ويعثون في ارض السودان فسادا، واعوانهم الخونه علي مدرجات التشجيع يحثونهم ويحرضوهم علي السير قدما في ظلم وقهر العباد لا يلومونهم علي منصاتهم الاعلامية التي احتلها هؤلاء المتأمرين الذين اشتروا افواه الإعلاميين واسكتوهم وألجموا افواههم وأخرسوا ضمائرهم .
ولكنهم كانو لا يعلمون همس الكلمة التي قالها القائد (z) همسا لقياداته وماهي معناها وظلالها ومدلولاتها العميقة التي كانت تعني الكثير لان في مضامين لغتنا السودانية الجميلة معاني ومدلولات لغوية عميقة المعني والمدلول تحتاج الي آفاق واسعة لفهمها وترجمتها، ويجب ان تكون سوداني رضع من ثدي نيل الوطن وعبق وعطر جسده هذا التراب وانصهر دماؤه الطاهرة والتحمت بحب هذا الوطن إنسان لا يبيع ولا يشتري ولا يساوم في قضية الوطن يرتدي الجلابية ويربط عمته ويرتدي (مركوبه) ويحمل (عكازه) ويقول (أنا الزول الما بتهزم).
كانت كلمات مختصرة بابتسامة صادقة.. كابتسامة تسد جسور الغضب المنهمر وتكبح جموح الاسد المنتقم .
مال قليلا إلي القائد الآخر وهمس قائلا بلغة سودانيه مختصرة الكلمات: (كج الشرك للفأر وركز لي مع الصبر يازول) وبعدها ذهب وخلفه حرسه المدجج بالسلاح وترك القائد يتبسم وهو يقف انتباه ويحي بالتحية العسكرية وينظر الي قائده بكل فخر واعتزاز . فكلمة (كج) بضم الكاف بمعني انصب واعد لان كلمة كج هذه ذات معاني كثير في اللهجة السودانية .(لان الفئران تسكن في البيوت) وتحتاج الي (كجامه) وهي بالسودانية هي شرك الفئران ، وطالما ان الفئران اثرت السكن داخل البيوت فلابد من ان نكح الشراك وركز مع الصبر او اصبر حتي تأكل الطعم وبعد ذلك يكون (الجغم والبل )!!!!!؟؟؟ ؟؟!
اعتدل القائد من وقفته العسكرية وأصبح عقله يفكك شفرات الكلمة وابعادها وأصبح وكانّه فنان يحمل في يده ريشة يرسم احلي لوحات النصر والانتصار تمكن سعادة القائد من تفكيك الشفرة المعقده وذهب قاصدا قاعة الاجتماعات الاخري، للاجتماع بالقادة الأقل رتبة لايصال التعليمات وترجمتها علي ارض المعركة ورسم الخطط والتكتيك.
وقف امام رقعة الحرب المرسومة علي الطاولة وقال ليهم ببساطة وكل سهوله انصبوا الشراك للفأر ولوك الصبر واحفروا خنادق الثبات والعزيمة والاصرار ب (الابره) وتذكروا العقيدة التي يقاتل من اجلها هذا الجندي لانكم ثائرون إذا هببتم من غفوتكم وعبرتم هذه المحنه الصعبه وفي الشدة والبأس يتجلي معدن الجندي الباسل، وان كان هذا محفل ود سنضم الشمل اهلاً.
ولكن تلك الجراح التي لا تندمل ولا يغفرها التاريخ يوما و لا انسان سوداننا ستظل يوما اغبرا ملبد بالغيوم السوداء ولكن بسالة الجندي ووقوف أصالة الانسان السوداني مع قواته المسلحة أينعت واشرقت بين ظلام الغدر ردت كيد الكائدين وستظل وحدتنا باقية علي مر السنين ترفرف علي أجنحة الفجر وتسطع شمس ثورتنا لهيبا يحرق الخونة المارقين الذين دسوا سمومهم القاتله بين طعم الفرحة بالحرية والسلام والعدالة وان عمق احساس الانسان يكمن في حريته من أغلال هؤلاء الخونه الذين يدسون السم في طعام الشعوب ويبيعون ويشترون في قضايا الوطن. أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا.