غزه.. هل من بديل للحرب؟
ما الذى تشكله غزه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلى والقضية الفلسطينية ؟ وهل يتم تحرير الكل من الجزء؟ابتداء لا بد من التأكيد ان الحرب ليست خيارا لغزه وهذا بحكم الخصائص الجيوسياسية لغزه
تساؤلات كثيره تفرضها حرب غزه غير المسبوقة في تاريخ كل الحروب من حيث حجم التدمير التي وصلت لحد الإفناء الكامل . لماذا غزه ؟ وما أهداف هذه الحرب وماسبقها ؟ وهل حققت الحرب أهدافها؟ وما هي أهدافها الحقيقية ؟
وما الذى تشكله غزه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلى والقضية الفلسطينية ؟ وهل يتم تحرير الكل من الجزء؟ابتداء لا بد من التأكيد ان الحرب ليست خيارا لغزه وهذا بحكم الخصائص الجيوسياسية لغزه من حيث انها ذات مساحة صغيره لا تتجاوز ال360 كيلو متربع بطول أربعين كيلوا وعرض لا يتجاوز العشرة كيلو مترات بكثافة سكانيه تقارب المليونين والنصف، وبموارد إقتصادية ضعيفة ،ونسب فقر وبطالة تتجاوز الخمسين في المائة.
وبحدود محاصره من قبل إسرائيل من كل الجهات بإستثناء معبر رفح الذى يربطها تاريخيا بمصر.
ومن ناحية أخرى غزه تقع في قلب الدائرة ألأمنية الأولى لإسرائيل مما يعنى الحيلولة وعدم السماح ان تتحول لبؤرة تهديد لها ، وتتشكل أيضا أهمية أمنية لمصر تاريخيا فهى البوابة الشرقية لها وملاصقة لمنطقة سيناء التي شهدت حالات من العنف والإرهاب من قبل جماعات إسلاميه متطرفه، لهذه ألأسباب يصبح خيار الحرب غير واقعى وغير مثمر ومحقق لأهدافه السياسيه فالحرب إمتداد للسياسة .وأهمية غزه في بنيتها وتركيبتها المدنية وليس العسكرية .
والسؤال ثانية إذا لم تكن الحرب خيار لغزه فهى خيار جماعات المقاومة الفلسطينية وخصوصا حركة حماس . والسؤال ثانية لماذا التسلح وتطوير الأسلحة والصاروخية منها هل التحرير أم تثبيت وجودها وبرفع الحصار بهدنة مؤقته. في هذا السياق يمكن فهم عملية الطوفان الأقصى ورغم مساسها لمكانة وهيبة وعقيدة إسرائيل الأمنية إلا أنها لن ترقى لهدف التحرير وقيام الدولة الفلسطيطينة، ومما يؤكد مصداقية هذا الفرضية حرص حماس على الحكم، وهنا إشكالية حماس الكبرى وأى أولوية الحكم أم الخيار العسكرى.
والتمسك بخيار الإنقسام والإنفصال وبناء بنية كامله خاضعة لها. ففي حالة غير مسبوقة في أدبيات وتاريخ الحروب أن تشهد غزه هذا الجزء الصغير ستة حروب مع حماس وحربا أخرى ضد الجهاد في حوالى عقدين من الزمن ، وآخرها هذا الحرب الدائرة الأن والمختلفة من حيث مدتها وأهدافها وحجم تدميرها ، فالحروب السابقة لم تصل لهذا المستوى.
بل كانت أقرب لسياسة جزب العشب وهدفها تقليص قدرات حماس دون التخلص منها لأن هدف إسرائيل كان عدم قيام دولة فلسطينية وتشجيع الإنقسام وهذا ما ساعدت به حماس عنى قصد او دون قصد ،وبقيت العلاقات بين الطرفين فى هذا السياق بل وصلت لحد التعاون والتفاوض غير المباشر في قضايا المعابر وتشغيل آلاف العمال من غزه والذين كانوا يعملون بتوافق مشترك ، إلى أن وصلنا لمرحلة الطوفان وما تشكله من تحول في دور حماس ووظيفتها من منظور إسرائيلى وهنا ألهدف ليس بتقليص قدرات حماس بل القضاء على كل بنيتها وعدم عودتها للحكم وإن كان الهدف الحقيقى غلق ملف القضية الفلسطينية ووكالة الغوث.
والمفارقة في هذه العلاقة والحروب والتي أرتبطت بسيطرة حماس على غزه أنها تتم بين إسرائيل كدولة قوة كبيره وشامله وتملك من السلاح والتفوق التكنولوجى ما يكفى ليس فقط لتدمير غزه بل تدمير دول وبين غزه وهى جزء صغير من فلسطين ويتميز بكبر سكانه وفقر موارده وبتحكم المقاومة وحماس بقراره ومصيره حتى مع وجود حكومة وسلطة فلسطينية غيررمعترف بها في غزة.
إذن هذه معادلة غير متكافئه وظالمه لغزه وسكانها.والمفارقة ألأخرى التي تحكم علاقة غزه بإسرائيل تحتختلف بل تتعارض وتتناقض مع أسس العلاقة التي تحكم العلاقة مع السلطة الفلسطينية التي يفترض انها تملك الشرعية الفلسطينية كلها ، فالعلاقات تحكمها إتفاقات أوسلووإتفاقات إقتصادية ونبذ للعنف والمقاومة المسلحة والتركيز على الخيارات التفاوضية الدولية
أما نموذج غزه وهذه المفارقة الكبرى مع سيطرة حماس تحكمها خيارات الحرب وهدن مؤقته وتفاهمات غير رسمية . وفى كلا الحالتين فشل المفاوضات وقيام تسوية أساسها الدولة ولو أن هذه الدولة قامت ووفقا لإتفاقات أوسلو لشهدنا دولة فلسطينية مع عام 1999 ، هذا الفشل لا شك كانت أحد ألأسباب الرئيسة لحالة الحرب وسيطرة حماس على غزه. والسبب الثانى المرتبط بالأول إستمرار الاحتلال بما يتبعه من إستيطان وتهويد وسيطرة كاملة على القدس كل هذه ألأسباب أوصلت لحالة من الإحباط السياسى وإنسداد الأفق السياسى وهو ما سمح بتنامى قوة المقاومة ودعم مواقفها ورفضها للخيار السياسى التفاوضى والتمسك بخيار المقاومة المسلحة.
وهذه الظروف كلها ساهمت في خيار الحرب على غزه . والسؤال هل من بديل لخيار الحرب ؟ والإجابة بنعم . وهذه المرة الحرب دمرت كل الحياة في غزه لدرجة ان وصلنا إلى غزة جديده ، المطلوب الأن وقف خيار الحرب ، وربط غزه بسياقها الفلسطيني.
وبالتركيز على الإعمار والتركيز على المتطلبات التنموية المدنية وهذا يتطلب إعادة النظر في المقاومة المسلحة في غزه ، فلا توافق بين األإعمار والحفاظ على غزه والحرب، ويبقى لماذا لا تقدم غزه أنموذجا تنمويا مدنيا , وهذا بلا شك شكل من اشكال الصمود الذى يقرب الوصول لدولة الفلسطينية. والبديل الأن للحرب بالإعمار والحكم المدنى التنموى والتكامل فلسطينيا.