غزة توأم هيروشيما / ناجازاكي
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية لم تعاقب على جريمة الإبادة في هيروشيما وناجازاكي ،فان إسرائيل لم تعاقب حتى الآن على جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة
حسنا فعلت مدينة ناجازاكي اليابانية، عندما قررت عدم دعوة سفير الكيان المحتل، لحضور التأبين السنوي لإحياء ذكرى إسقاط القنبلة الذرية على المدينة من قبل الولايات المتحدة في التاسع من اب للعام ١٩٤٥ …
قتلت الولايات المتحدة بالقصف الذري وهو هجوم نووي على مدينة هيروشيما في السادس من آب حوالي ١٤٠ الفًا من اليابانيين وبعد ثلاثة ايام القت القنبلة الثانية على مدينة ناجازاكي مما تسبب بمقتل ٨٠ الفا ، وكل ذلك بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام وكان نصُّه أن تستسلم اليابان استسلاماً كاملاً بدون أي شروط، إلَّا أنَّ رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا التقرير ، وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام ، وبموجب الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس هاري ترومان، قامت الولايات المتحدة بإطلاق السلاح الذري على المدينتين متسببة بكارثة إنسانية لن تنسى على مر التاريخ ..
ان رفض مدينة ناجازاكي دعوة سفير الاحتلال لحضور التابين الخاص بهذه الذكرى المأساوية ، يعتبر رسالة قوية وشديدة اللهجة للكيان المحتل نظرا لمواصلته ارتكاب الجرائم والمجازر في قطاع غزة ، دون اي رحمة الأمر الذي اسفر عن استشهاد واصابة اكثر من ١٤٠ الفا من الفلسطينيين منذ السابع من اكتوبر الماضي ..
اوجه الشبه كثيرة بين هيروشيما وناجازاكي وقطاع غزة ، ففي الوقت الذي تحيي فيه اليابان الذكرى الـ79 لضحايا القنبلتين الذريتين ، فان حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي تستعر على قطاع غزة، لتتشابه مشاهد المجازر والدمار الواسع الذي لحق بالقطاع ، مع ما شهدته مدينتي هيروشيما وناجازاكي المنكوبتين .
إذا كانت هيروشيما اضحت رمزا للدمار الشامل والقتل الجماعي في القرن العشرين ، فان قطاع غزة كان وسيبقى في القرن الحادي والعشرين ، نموذجا لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ السابع من تشرين الاول الماضي .
تعيدنا اليوم مشاهد الحرب الإسرائيلية على غزة المنكوبة لاستذكار مأساة هيروشيما اليابانية، مع اختلاف الأسلحة المستخدمة، فهيروشيما كانت ضحية لقنبلة ذرية أميركية، فيما تواصل القذائف والصواريخ الإسرائيلية والأميركية تدمير قطاع غزة، مُخلّفة دمارا هائلا ورهيبا ، وتعادل المتفجرات التي ألقاها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع 5 أضعاف القنبلتين الذريتين اللتين أُلقيتا على هيروشيما وناجازاكي وهذا يجعل التشابه كبيرا في جريمتي هيروشيما / ناجازاكي وقطاع غزة، في الإبادة الشاملة والدمار غير المسبوق في المنشآت والبنى التحتية، والذي يترافق مع صمت وعجز دوليين عن وضع حد لجرائم الاحتلال وانتهاكاته للقانون الدولي، ومساءلته وعقابه على جرائمه ، اضافة لعدم محاسبة الولايات المتحدة بعد جريمتها النكراء بحق المدينتين اليابانيتين ، وهي – الولايات المتحدة- في الحالتين القاسم المشترك ، لانها المسؤولة عن تزويد الجيش الاسرائيلي بالسلاح الفتاك والمدمر الذي قضى على مقومات حياة الغزيين ، وعلى منشآتهم ومنازلهم ومدارسهم ومراكزهم حيث تم تدمير نحو 157 ألف مبنى ، ما بين تدمير كلي وجزئي، اضافة لتشريد عشرات الالاف منهم، وهي في الوقت ذاته التي قتلت اليابانيين في هيروشيما وناجازاكي ..
إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية لم تعاقب على جريمة الإبادة في هيروشيما وناجازاكي ،فان إسرائيل لم تعاقب حتى الآن على جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة ، وتحظى بدعم أميركي واضح لمواصلة عدوانها ، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ، لتضرب إسرائيل والولايات المتحدة بعرض الحائط ، كل حل دبلوماسي وتواصلان ترسيخ نهج القتل والذبح والتدمير ، وكاننا في شريعة غاب رغم اننا نعيش في القرن الحادي والعشرين ..
إقرأ أيضا : هل أميركا معنية فعلًا بإنهاء الحرب على غزة؟
نقول لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة: كفى استهتارا بارواح العالم ، وآن أوان ان تلزمكم الارادة الاممية والدولية وشعوب العالم الحرة بوقف شلال الدم وحرب الابادة في غزة ، التي تعتبر توأم هيروشيما ونجازاكي فيما لحق بها من ظلم تاريخي ..
شكرا لليابان صديقة الشعب الفلسطيني على هذا الموقف الذي يسجل في ارشيف العلاقات الطيبة بين الشعبين الفلسطيني والياباني ولا عزاء للاحتلال وسفيره وقادته .