تعيش غزة اليوم أزمة اقتصادية غير مسبوقة، حيث تعكس المؤشرات الاقتصادية أرقامًا كارثية تنذر بمزيد من التدهور.
هذه الأزمة لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل تمتد إلى أبعاد اجتماعية وإنسانية خطيرة.
مع وصول التضخم إلى 270%، أصبحت القدرة الشرائية شبه معدومة، حيث يواجه المواطنون ارتفاعًا جنونيًا في أسعار السلع الأساسية.
يُعزى هذا التضخم إلى عدة عوامل متداخلة، منها الحصار و تداعيات الحرب الأخيرة، وانعدام التدفق النقدي في الأسواق، حيث أصبحت العملات المتوفرة غير قادرة على تلبية احتياجات السكان.
اقرأ أيضا.. في قطاع غزة حرب إبادة وصمود أسطوري وفوضى وفساد
تجاوزت البطالة في غزة حاجز 81%، مما يعني أن أكثر من ثلثي السكان القادرين على العمل يعانون من عدم توفر فرص وظيفية. يعود هذا الارتفاع إلى تدمير البنية التحتية الاقتصادية بفعل الحروب المتكررة، والانهيار شبه الكامل للقطاع الخاص، بالإضافة إلى هجرة رؤوس الأموال.
الحرب الأخيرة زادت من تعقيد الوضع، حيث دمرت العديد من المنشآت وأوقفت المشاريع الإنتاجية.
يعيش أكثر من 86% من سكان غزة تحت خط الفقر، وفقًا للتقارير المحلية، بينما يسجل البنك الدولي نسبة صادمة تصل إلى 100%. هذه النسبة ليست مفاجئة في ظل الحرب وسرقة المساعدات الدولية، التي يفترض أن تخفف من معاناة السكان. فقد أدى الفساد وسوء توزيع المساعدات إلى تعميق الأزمة، مما جعل معظم السكان يعتمدون على ما تبقى من دعم إنساني لا يكفي لسد احتياجاتهم اليومية.
تسببت الحرب الأخيرة في تدمير واسع للبنية التحتية وللمنازل والمنشآت الاقتصادية، مما زاد من تعقيد الوضع المعيشي. إلى جانب ذلك، أدى انعدام السيولة النقدية في الأسواق إلى تقييد حركة الاقتصاد، حيث لم يعد المواطنون قادرين على شراء احتياجاتهم الأساسية، مما زاد من شلل الدورة الاقتصادية.
إن هذه المؤشرات هي صرخة تحذير تستدعي تدخلًا فوريًا وشاملًا. يبدأ الحل بإنهاء الحصار الذي يخنق الاقتصاد، والعمل على إصلاح أنظمة توزيع المساعدات لضمان وصولها إلى مستحقيها. كما أن ضخ السيولة النقدية في الأسواق عبر برامج دولية وتنموية سيعيد تنشيط الدورة الاقتصادية.
إلى جانب ذلك، يجب التركيز على إعادة بناء الاقتصاد المحلي من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة، إضافة إلى فتح آفاق جديدة للاستثمار الخارجي.
إن الوضع الاقتصادي في غزة يعكس مأساة إنسانية تتطلب تحركًا عاجلًا.
المستقبل قد يبدو مظلمًا، لكنه ليس مستحيل الإصلاح إذا توفرت الإرادة السياسية والشراكات الدولية الحقيقية.
غزة تستحق حياة كريمة واقتصادًا مستدامًا، وهذا لن يتحقق إلا بتضافر الجهود المحلية والدولية.