عمليات الإبادة الجماعية المستمرة: هل الهوية الوطنية الفلسطينية في خطر؟
دورٌ كبير ومحوري قام به الفلسطينيون أصحاب الكلمة، وأهل الباع الطويل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية أمام محاولات التصفية، ولأنهم كذلك فقد تساووا جميعاً في عيونِ خصومهم مع رواد الخنادق والبنادق، فتجد أنّ العربدة الإسرائيلية وصلت إليهم في بعض الأحيان.
مع استمرار عمليات الإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني على مدار الساعة منذ تشرين الأول /أكتوبر من العام المنصرم 2023، برز سؤال هام إلى الأمام ، وهو هل الهوية الوطنية الفلسطينية في خطر ؟
في وقت تسعى دولة الاحتلال الصهيوني اتباع سياسات ممنهجة لطمسها؛ عبر تهويد المكان والزمان الفلسطينيين لتطال البشر والحجر في آن، وصولاً إلى القيام بعمليات إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني.
التشبث بالهوية
ثمة رمزان أساسيان للهوية الوطنية المتشكلة والتي تحاول دولة الاحتلال الصهيوني طمسها وتغييبها عبر سياسة التطهير العرقي والاحلال لفرض ديموغرافيا تهويدية في نهاية المطاف.
وبالنسبة للوطن الفلسطيني، فإنه على الرغم من صغر مساحة فلسطين وبساطة تكوينها فإنه يمكن تقسيمها إلى أربع مناطق، تتميز كل منها عن الأخرى في نظام سطحها ومناخها ونباتها وهي:
منطقة السهول: وأبرزها السهل الساحلي وسهل مرج ابن عامر، وتشكل 17في المئة من مساحة فلسطين.
ومنطقة النقب وتشكل 50 في المئة من المساحة العامة تقريباً.
والمنطقة الجبلية وتشكل 28 في المئة من المساحة العامة.
وادي الغور ويشكل 5 في المئة من المساحة العامة لفلسطين.
التاريخ الطويل
وبالنسبة للشعب الفلسطيني (14) مليونا وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني خلال العام الجاري 2024، الرمز الآخر للهوية الوطنية، التي تشكلت وترسخت وتجذرت عبر تاريخ طويل من الجد والعمل والتطور في كافة مجالات الحياة؛ فثمة مشتركات بين الهوية الوطنية الفلسطينية والهوية العربية من لغة وعادات وتقاليد ومصير مشترك، لكن الشعب الفلسطيني واجه احتلالات عديدة عبر التاريخ ؛ كان أخطرها الاحتلال البريطاني (1920-1948)، الذي أسس بشكل عملي لإنشاء دولة الاحتلال الصهيوني في الخامس عشر من أيار /مايو من عام 1948؛على نسبة 78 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية وطرد 61 في المائة من مجموع الشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضا| ملاذات «حماس» و«حزب الله»
وقد اعتمدت دولة الاحتلال المارقة مجموعة سياسات وإجراءات لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية؛ ولهذا فإن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى توثيق كافة نتاجات الهوية، الدالة على استمرارها وتطورها، رغم الاستهداف المستمر من قبل عدو استعماري إجلائي إحلالي، ويرتكز وجوده على شعارات زائفة ومضللة.
شبكة بحثية
دورٌ كبير ومحوري قام به الفلسطينيون أصحاب الكلمة، وأهل الباع الطويل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية أمام محاولات التصفية، ولأنهم كذلك فقد تساووا جميعاً في عيونِ خصومهم مع رواد الخنادق والبنادق، فتجد أنّ العربدة الإسرائيلية وصلت إليهم في بعض الأحيان، صحافيون وفنانون وشعراء وأدباء وعلماء ومفكّرون ورجال أعمال.
ولهذا أنجزت قبل فترة وجيزة كتاب إلكتروني بعنوان (سيرورة الهوية الوطنية والثقافية لفلسطين)، وهو عمل فردي وثقت خلاله لمدة أربع سنوات لمئات من سير بعض الفلسطينيين في مجالات الفكر والأدب والفن والسينما والرياضة والمسرح وحراس التراث الشعبي الفلسطيني بأشكاله المختلفة؛ وتعتبر بمجملها رافداً جوهرياً لاستمرار الهوية الوطنية الفلسطينية وتطورها، خاصة وإنني استحضرت سير الأشخاص من ذكور وإناث وفئات عمرية مختلفة كان حضورهم لافت في المجال ذات الاختصاص.
توصيات البحث
وقد أنهيت البحث بتوصية تتلخص بالتالي:
يجب العمل على إنشاء شبكة بحثية من جيل الشباب مهمتها توثيق منتوجات الشعب الفلسطيني في كافة مسارات الحياة وفي كافة أماكن تواجدهم داخل فلسطين التاريخية (27009) كيلومترات مربعة وفي المهاجر القريبة والبعيدة.
البداية تتم عبر تشكيل مجموعة بحثية من جيل الشباب في كل تجمع فلسطيني بغض النظر عن عدد سكانه؛ وتعتبر عملية التوثيق مهمة وطنية لشعب يستحق الحياة، خاصة مع محاولات إسرائيل الحثيثة لإبادة الشعب الفلسطيني، لكن دون جدوى.