أمريكا

علم فلسطين شهادة تخرّج في جامعات أمريكا

مواقع الاحتجاج تتعدد من حيث الجغرافيا المترامية بين الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، وتحديداً داخل البلدان التي تعتمد حكوماتها سياسات مساندة لحرب الإبادة الإسرائيلية أو متواطئة معها عن طريق تزويد آلة الحرب الإسرائيلية بالسلاح والعتاد والمال

حرصت مجلة «نيويوركر» الأمريكية على استباق واحد من المشاهد الاستثنائية وغير المألوفة في الحياة الجامعية عموماً، وفي شهر أيار/ مايو خصوصاً حيث تجري غالبية حفلات تخريج الطلاب، فأعلنت عن الغلاف الذي سيتصدر العدد الجديد، بريشة باري بليت أحد كبار رسامي المجلة. والرسم، الذي اشتهر سريعاً وانتشر على نطاق واسع تجاوز الولايات المتحدة إلى العالم بأسره، يصوّر طالبات وطلاباً يتسلمون شهادات تخرجهم من إدارة الجامعة، ولكن أيديهم مكبلة إلى الخلف ويخفرهم رجال الشرطة.

مناخات غير بعيدة عن روحية هذا المشهد تكررت بالأمس خلال مراسم التخرج في كلية الحقوق، جامعة كولومبيا الامريكية، حين أصرّ عدد غير قليل من الخريجات والخريجين على ارتداء الكوفية الفلسطينية، أو ضمّ العلم الفلسطيني إلى ثيابهم، كما امتنع بعضهم عن مصافحة نفر من الأساتذة الذين أحجموا عن تأييد الحراك الطلابي أو سكتوا عن إدخال الشرطة إلى الحرم الجامعي. وكل هذا تحت سمع وبصر زملائهم وذويهم والجهاز الأكاديمي والإداري، ولكن أيضاً أمام عدسات العديد من وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى.

وهذا خيار طلابي وشبابي يتجاوز فعل احتجاج عادي رمزي أو ملموس، لأنه يذهب أبعد في نقل حقوق التعبير وحريات الرأي إلى مستوى صميمي يتحدى ما تتعرض له الجامعات الأمريكية من تضييق وقمع وانتهاك على أيدي الشرطة، بقرارات عليا من ساسة يحتلون مناصب رفيعة في المدينة أو الولاية، ويحدث أن مساندتهم لحرب الإبادة الإسرائيلية ليست خافية ولا هم أصلاً يجدون حرجاً في إعلانها على الملأ.

وبات معروفاً أن مواقع الاحتجاج تتعدد من حيث الجغرافيا المترامية بين الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأستراليا ونيوزيلندا، وتحديداً داخل البلدان التي تعتمد حكوماتها سياسات مساندة لحرب الإبادة الإسرائيلية أو متواطئة معها عن طريق تزويد آلة الحرب الإسرائيلية بالسلاح والعتاد والمال. لكنها تكاد تجمع على هدف أول هو التضامن مع أهل قطاع غزة، من الأطفال والنساء والشيوخ خاصة، كما أخذت شعاراتها تتجذر من حيث تعرية الأساليب الديماغوجية للحكومات ومجموعات الضغط الإسرائيلية، لجهة أكاذيب وصم الحراك الطلابي الجامعي باتهامات مستهلكة من نوع العداء للسامية أو مناهضة الصهيونية.
وليس أقل جذرية ما أخذت مخيمات الاعتصام تجمع عليه بخصوص مطالب مقاطعة دولة الاحتلال على أصعدة حساسة، مثل التعاون الأكاديمي والاستثمار المالي بين الجامعات الغربية ومؤسسات إسرائيلية متورطة في حرب الإبادة، خاصة في ميادين أبحاث الأسلحة الفتاكة أو تكنولوجيا المراقبة والتجسس، أو طرائق الاعتقال والتوقيف والتحقيق والتعذيب.

وأن يُطرّز علم فلسطين على ثوب جامعية شابة في حفل تخرّج واحدة من أعرق جامعات أمريكا، أو أن تتجاور الكوفية الفلسطينية مع شهادة عالية في الحقوق، أو كما فعل غلاف «نيويوركر» حين جمع بين تكبيل الأيدي وانعتاق العقول وتحررها من الأكاذيب والأضاليل، كلّ هذه الوقائع وسواها ليست سوى شهادات الحدّ الأدنى على توحش إسرائيلي انفلت من كل عقال، وبلغ أقصى الهمجية في ارتكاب جرائم الحرب بعيداً عن المساءلة والردع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى