صفقة القرن والتخلص من حماس
التوجه الصراع القائم بالمنطقة بالنسبة للكيان وحلفائه أصبح يتمحور مضمونه وهدفه بالتخلص من المقاومة الفلسطينية وبالذات حماس كعقبة كأداء أمام مشاريع تصفية القضية وتنفيذ صفقة القرن.في سياسة “جز العشب” لمواجهة ومجابهة المقاومة الفلسطينية في غزة ، بدعم علني من أمريكا وبريطانيا، ودعم خفي من عواصم أوروبية، لفرض سياسة عدوانية على الأرض،
منذ طرْح صفقة القرن التي أعادت تعريف القضية الفلسطينية بقضية انسانية لا سياسية، ولا قضية احتلال لوطن شعب موجود، ولغاية اللحظة، والمنطقة في مخاض متجدد قوامه صراع البقاء بين مشروعين الصهيوني ويمثله كيان الإحتلال وحليفته أمريكا. والمشروع الفلسطيني التحريري وتمثله المقاومة الفلسطينية وحليفته إيران على رأس محور المقاومة.
فتمرير هذه الصفقة الذي فشل لسبب واحد هو وجود المقاومة الفلسطينية، كان سيفضي الى تصفية القضية الفلسطينية بدم بارد وإدماج الكيان بالمنطقة العربية وتمدد مشروعه. وهو ما عزز من حقيقة استحالة تحقيق الاستقرار والأمن والسلام او التعايش في المنطقة مع بقاء المشروعين قائمين معاً.
من هنا فإن الصراع القائم بالمنطقة بالنسبة للكيان وحلفائه أصبح يتمحور مضمونه وهدفه بالتخلص من المقاومة الفلسطينية وبالذات حماس كعقبة كأداء أمام مشاريع تصفية القضية وتنفيذ صفقة القرن كحل تصفوي وحيد اعتمدوه. فكل الأحاديث المزدحمة عن مشاريع أخرى في هذا الظرف تحت عنوان كبير هو الوطن البديل هي ملعوب لهايات يطرحونها للتغطية على خطة التطهير العرقي في الضفة وغزة كجزء من صفقة القرن وليس لوطن بديل كما سيلي.. فليس هناك من مشروع صهيو أمريكي قيد التخطيط والإفصاح والتنفيذ الآن سوى القضاء على المقاومة الفلسطينية. وهذا ينقلنا للحديث بنقطتبن اساسيتين هما:
ـ الأولى: فهي المتعلقة بانشغال ساحتنا الاعلامية والسياسية بالتفسير الإعتباطي لأعمال التطهير العرقي في الضفة وغزة على أن هدفها تنفيذ مشروع الوطن البديل وبهذا أقول، كفانا خلط وحرف عما يجري من حقيقة في الضفة وغزة. فلا دولة فلسطينية في الإستراتيجية الصهيونية. وتعريف الوطن البديل يا سادة من حيث المبدأ هو المكان الأخر الذي يمارس فيه أي شعب كالشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وإقامة دولته فيه بدلا من وطنه الام. وهذا أمر متعذر سياسيا وفنيا وايدولوجياً في الأردن وغير الاردن، ويتعارض استراتيجيا مع أمن ومستقبل الكيان الصهيوني. فأعمال التطهير العرقي هذه تدخل في صميم صفقة القرن التصفوية.
والكيان لا يقصد تهجير الفلسطينيين من فلسطين الى وطن بديل بل الى هجرة لجوء وتذويب هوية، وبعد
علينا أن ندرك بأن العدو كمحتل لا يتقبل وجود دولة فلسطينية أو كيان سياسي فلسطيني في أي بقعة في العالم، ولا يستطيع الاعتراف بوجود شعب فلسطيني. فهذا يُسقط شرعيته ودعواه في فلسطين ويبرزه كمحتل. وكذلك بالنسبة للأردن عندما يحين الوقت فالصهيوني لا يعترف بوجود شعب فيها لأنه يعتبر الجغرافيا الاردنية جزءا تاريخياً وتوراتيا من فلسطين. وأن وكل من على الأرضين بالنسبة له عرب محتلين.. ومن ناحية أخرى أسأل، هل عندما يقوم الاحتلال بتهجير شعب الضفة قسرياً الي الاردن بينما الأردن دولة غير حرة وخاضعة للإرادة والنفوذ الصهيو أمريكي، هل يكون هذا وطن بديل بالفهوم السياسي والسيادي أم مهجر؟
فالصهيونية تعمل على تذويب الشخصية السياسية الفلسطينية في المجتمعات لا على ابرازها في دولة. لآن وجودها وتناميها عن وجود للقضية الفلسطينية على الساحة الدولية. ولهذا فالكيان يرفض ويحارب أي نفوذ أو نشاط سياسي شعبي أو رسمي للفلسطينيين أو لأي تجمع سياسي فلسطيني في أي دولة في العالم ويدفع باتجاه اضطهادهم وتشتيتهم. فالقصة لا تعدو عن تطهير عرقي في الضفة والقطاع يتبعها فلسطينيوا الداخل ويُطلب توطينهم او استيعابهم كلاجئين في دول عديدة. ونفس السيناريو سيطبق لاحقاً على الأردنيين بمكونيهم. إلا أن صمود حماس المقاومة ومن خلفه محور المقاومة وحده الذي يجعل من كل هذا الكلام هراء وأضغاث أحلام
ـ الثانية: أن علينا أن نتيقن بأن الأنظمة العربية الحليفة للكيان أو المطبعة معه علناً أو سراً تعلم بأن مصيرها مرتبط بمصير الكيان الصهيوني. وهي أنظمة ذات وزن مؤثر لصالح الكيان بما تمتلكه من الثروات والمال والثقل السكاني والمواقع الجغرافية الحساسة. ومن الطبيعي أن يكون اهتمامها بالقضاء على المقاومة الفلسطينية ممثلة بحماس بنفس درجة اهتمام الكيان الصهيوني أو أكثر. إنها جزء من المشروع الصهيوني. وهنا ربما تكون السعودية بانتظارها الشكلي جداً أكثر هذه الأنظمة المتصهينة حذرا لثقل وخطورة حساباتها كمركز ديني مفترض للمسلمين.
فنحن الآن نقف على عتبة الإنتظار. فالكيان في حرج شديد وحيرة ويبحث عن مخرج. وفشله في مواجهة حماس سيؤدي بل يعني هزيمته ليس أمام جيوش عربية بل أمام الشعب الفلسطيني صاحب الأرض وهذا له معنى كبير جدا يكفي لحشد التأييد لدولي للقضية الفلسطينية، وللعد التنازلي لوجود الإحتلال ولخلخلة في الأنظمة العربية المستسلمة، فالعتبة التي يقف عليها الكيان مصيرية له وللمقاومة وللنظام الرسمي العربي. والخيارات أمامه للخروج من مازقه تَضْيق.
فلن يكون مجديا له خيار تطوير ولاية سلطة عباس من خلال استبداله بشريك فلسطيني آخر، فالفشل سيكون اكبر، ولا نزوعه للجوء لحرب مفتوحة مع حزب الله، فهذه ليست مزحة. إذ ليس بمقدور حكام أمريكا كموظفين عند الصهيونية العالمية يتنافسون على الفوز بالرئاسة من خلال مزاد لمن يقدم أكثر من لحم دولتهم وكرامتها الوطنية أو يركع أكثر للكيان.
فلن يوافقوا على ارتكاب الكيان مثل هذه الحماقة المدمرة التي وصفها مسؤولو الكيان بغباء بأنها ستعيد لبنان الى العصر الحجري، متناسين بأن المقاومة الاسلامية اللبنانية (حزب الله) قادرة بنفس السياق على أن تعيد سكان ومستوطني الكيان كلهم الى أوطانهم، بعد أن تسوي معالم قوته وصموده المادية بالأرض. ولذلك قد نكون أمام خلط كبير للأوراق واحتمال الحرب الإقليمية رغم ضعفه.