لا يخسر أي شعب في العالم من الانتخابات الامريكية مثل الشعب الفلسطيني والأمة العربية. في كل عملية انتخابية تُسيّر لجنة العلاقات الامريكية الإسرائيلية “آيباك” المزاد الانتخابي لصالح من يقف مع السياسة الاستعمارية والاستئصالية لإسرائيل ومن يفوز برضاها وبمالها، ويعتبر رضاها عنه بوابة له للفوز في انتخابات قادمة.
آيباك أقوى قوة ضغط في امريكا وهي شريكة غير منتخبة في صنع السياسة الخارجية الامريكية إزاء ما يسمى بالشرق الاوسط. أُنشئت آيباك عام 1951 لضمان استمرار دعم الطبقة الحاكمة الامريكية لإسرائيل وهي تمثل اليمين اليهو – صهيوني ونموذجها حزب الليكود بقيادة مجرم الحرب الاسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو.
شعب فلسطين ليس الخاسر الوحيد بل تخسر معه الأمة العربية التي لاتزال إسرائيل تعتبرها رغم التطبيعات عدوها اللدود الذي يجب التفوق عليه عسكريا وعلميا وهزيمته عسكريا بعون امريكي مجاني في معظم الأحيان والتي يجب تقسيمها من الداخل بمساعدة امريكا الحليف المطواع والعدو لأمتنا العربية كلها.
لقد عاشت الأمة انقسامات ولكن فلسطين ظلت بوصلتها وأولويتها. البعض منا لا يدرك المآلات الكارثية لما ترتكبه إسرائيل من جرائم في غزة ويضع رأسه كالنعام بين التراب ظنا منه أنه يحمي نفسه من عدو يعلن أن غايته النهائية إعادة احتلال سيناء واحتلال جنوب لبنان وابتلاع الأردن بجانب الضفة وغزة وإقامة إسرائيل من النيل الى الفترات ولاحقا سيفتح ملفات منومة مغناطيسيا عن الوجود اليهودي في جزيرة العرب.
إن البيات الشتوي و”اللهم حولنا لا علينا” ليستا سياسة عربية وإدارة الظهر لقضية فلسطين التي كانت القضية المصيرية للأمة كلها تشكل خطرا ماحقا على الجميع.. لنراقب الانتخابات الرئاسية والتشريعية الامريكية التي سيتبارى فيها دهاقنة السياسة لبيع ما تبقى من فلسطين لدولة الاحتلال ونحن، العرب، نعلم علم اليقين أنهم في كل دورة انتخابية يقطعون كالجزار جزء من الجسد الفلسطيني ويقدموه مجانا ل”شايلوكهم” في تل أبيب.
إن منظمة آيباك تمارس سطوتها وإرهابها الخفيين على الرئيس وعلى السلطة التنفيذية وعلى أعضاء الكونجرس بمجلسيه وهي من تُنَّصب رئيس الولايات المتحدة والمسؤولين التنفيذيين.
لقد فاز ٩٨% من أعضاء الكونجرس الحالي بدعمها المالي وبتمويل من شركات السلاح التي نحن زبائنها الأهم في العالم ومن أموالنا تدعم آيباك إسرائيل وتحافظ على مصالحها.
هؤلاء تؤرشف آيباك سيرهم الشخصية بالتفصيل في ملفات يحتوي بعضها على مالا يسر توجهاتهم، تطلعاتهم، نزواتهم، هنّاتهم ومواطن ضعفهم ومن يغرد خارج السرب الصهيوني منهم كالسناتورين ساندرز ورشيدة طُليب والنائبة إلهان عمر يتهم بكراهية دولة العدوان ومعاداة السامية.
لقد بلغ الأمر بالرئيس ترامب وهو في منصبه أن طالب بعودة السيدة الشجاعة إلهان عمر إلى الصومال وطنها الأصلي ولم يطلب عودة ساندرز إلى وطنه الاصلي لأنه يستحمله كأبيض وكمسيحي.
الإدارات الامريكية ابتداء من حرب 1967 أصبحت طرفا فاعلا ومشاركا في كل اعتداءات إسرائيل وهي تغمض العينين عندما ترفض إسرائيل الإذعان لقرارات الأمم المتحدة بالانسحاب من الضفة المحتلة والقدس الشريف والجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة.
في مناظرة بايدن وترامب لم يتوان الصهيوني ترامب عن اتهام خلفه الصهيوني بايدن بأنه فلسطيني وفلسطيني سيئ لأنه لم يساعد دولة العدوان بما فيه الكفاية على إبادة وتهجير الغزيين وتدمير كل ما هو قابل للحياة وصالح للعيش. ولكن نتنياهو يُكذب ترامب قائلا “إن امريكا وقفت مع إسرائيل في السراء والضراء في التسعة الأشهر الماضية وأن الامريكيين متأثرين بإرث أجدادهم “. والمقصود إرث إبادة الهنود الحمر سكان امريكا الأصليين وأن إسرائيل تسير على خطى نموذجها الولايات المتحدة.
كلمة أخيرة: أتمنى من قادة الأمة العربية كلهم ومن شعوبهم أن يقفوا وقفة عز وتضامن وشرف مع الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة ومع المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان وان يقدموا كافة أشكال الدعم لهم؛ وأن يفتحوا مطاراتهم لقياداتها وألا يعزلوها ويحاصروها كما تفعل الدول الحليفة للكيان الغاصب صونا لمصالح شعوبهم وتنفيذا لالتزامات أقروها في عدة معاهدات وقرارات لقمم عربية قبل أن تقع الفأس في رأس الجميع بدون استثناء.
ومن لا يستطيع عمل ذلك عليه واجب دعم الحكومة اللبنانية عسكريا واقتصاديا وسياسيا ويعلن التضامن مع لبنان ويستنكر ويدين تصريحات فاشيي تل أبيب عن قدرتهم على إعادة لبنان إلى العصر الحجري.
العدو يريد لنا الهوان وعلينا ألا نساعده ونقبل بهذا الهوان.