image2 12

سيناء.. جوهرة التنمية المستدامة

تثمر التنمية وتتحقق لها الاستدامة مع توافر علاقة قوية بين الحكومة والمجتمع المدني، في سيناء وفي كافة محافظات الجمهورية، وهذه العلاقة تتوافر اليوم مع انطلاق الدولة، وطموحات أبنائها، نحو مستقبل آمن.

قد يبدو أن حال التنمية في سيناء وواقعها لا يتناسب مع مواردها الهائلة، مقارنة بطموحات الدولة، وكذلك آمال أهلها، فهي تستحق حياة وواقعًا وتنمية أفضل بعد ما يقرب من العقود الأربعة، واجهت خلالها الاحتلال وبعده الإرهاب بكل بسالة، منذ تحرير كامل ترابها عام 1981.

فبالرغم من تمتعها بمكانة دينية وتميزها بالأرض المباركة والبقعة المقدسة، وكثافة مواردها الزراعية والطبيعية والتعدينية النادرة، منها ما هو فوق الأرض وما هو تحت الأرض، فهي محاطة بآبار البترول في جنوبها، وأيضًا حقول الغاز في شمالها، فإنها ما زالت تنتظر دورًا ومكانة تليق بها وبوطنها مصر، والتساؤل هو: ما مدى الاستفادة من الموارد التي تكتظ بها سيناء، وعلى رأسها الموارد البشرية.

الجهود الجادة لم تتوقف لتوفير سبل تنمية حقيقية، من بينها استعداد “المنتدى المصري للتنمية المستدامة”، بالتجهيز لعقد مؤتمر تنموي على أرض سيناء، يحقق تنمية حقيقية واقعية تلامس حياة البشر هناك، ولعله يستثمر روح العبور المقدس لجيشنا الخالد في ملحمة استعادة سيناء وتطهير أرضها من الاحتلال الصهيوني في أكتوبر 1973؛ حيث يترقب الجميع، في سيناء وخارجها، أن يشكل المنتدى وفعالياته قاعدة للعمل التنموي المستدام، من خلال إطلاق مبادرة تهدف لحشد جهود كافة قطاعات المجتمع المدني للمشاركة والتفاعل مع جهود عودة التنمية الحقيقية والمستدامة لسيناء.

وهناك فرص واعدة في سيناء باعتبارها جوهرة التنمية المستدامة للعمل التنموي والبيئي على مستوى الجمهورية، فهي مازالت وستظل في القلب، حيث مناخها ملائم للعديد من الأنشطة المستدامة، وهي حاضنة خصبة لتطبيق التكنولوجيا الحديثة لإدارة مشروعاتها التنموية، فضلا عن تنوعها البيولوجي الفريد، إضافة إلى نقاء وتعدد روافد بيئتها البرية والبحرية.

ويجري حاليًا تنفيذ أكثر من ألف مشروع تنموي بشمال سيناء في مختلف القطاعات، بإجمالي استثمارات 283 مليار جنيه لتنفيذ 1015 مشروعًا، كما يشير المهندس عبدالله الحجاوي، منسق عام المنتدى المصري للتنمية المستدامة بشمال سيناء، إلى أن تستكمل الدولة تنفيذ أكثر من 300 مشروع تنموي متكامل بمختلف القطاعات حتى يونيو 2030، بتكلفة 363 مليار جنيه، وينوه إلى أن سيناء واعدة بمواردها الطبيعية من أمواج البحر والرياح وساعات سطوع الشمس؛ ما يوفر بيئة استثمارية مستدامة فى مجال إنتاج الطاقة النظيفة، وكذلك البيئة البحرية التي تمكن من إنتاج الطاقة الخضراء بأفضل صورها، إضافة إلى الاستثمار فى مجال الاستزراع السمكي وتربية الدواجن من خلال البيئة التصنيعية النظيفة التي تعتمد بشكل مباشر على استخدام الطاقة.

ولكي نحافظ على تضحيات شهدائنا، وبطولات أبنائنا على أرضها، لابد من الاستفادة من الموارد التي تكتظ بها سيناء؛ لأن التنمية هناك ليست مشروعًا قوميًا فحسب، بل هي أيضًا قضية وطن ومصير أمة.. فإذا كانت الحقب الماضية تعتمد على الحكومات لكي تنفذ مشروعات التنمية المستدامة، فاليوم نحن إزاء مسئولية تضامنية مشتركة، فالحكومة تضع الخطط والمجتمع المدني ينفذ والشعب يشارك، فلم تعد سيناء خارج نطاق التغطية، بل المتوقع أن تكون بؤرة التنمية بمشاركة المجتمع المدني والمستثمرين والقطاع الخاص.

كثيرة هي الدراسات والأبحاث والاقتراحات والحلول والميزانيات التي حظيت بها سيناء، لكنها لم تترجم على أرض الواقع، والنتائج مازالت متواضعة أمام كثافة مواردها المذهلة، والسبب هو غياب المشاركة الشعبية وتفاعل المواطن في مشروعات ومراحل التنمية.

ومنذ تحريرها، لم ينقطع الحديث عن التنمية بكافة أشكالها ومحاورها، تحدثنا كثيرًا عن التنمية الزراعية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية، إلا أن التنمية البشرية لم تضطلع بنصيبها المستحق من الاهتمام مثل باقي القطاعات، فالتركيز على المورد البشري وتطوير مهاراته لابد أن يتصدر الاهتمامات، وهو حديث المقال المقبل، بإذن الله.

ثابت أمين عواد

اترك تعليقا