سكان غزة.. ماذا يفعلون في الشتاء؟
الحصار الذي فرضه الاحتلال، منع دخول البضائع، وبالتالي ما يتوفر حاليًا عدد محدود من ملابس «البالة»، لا يكفي سكان حي واحد فقط داخل قطاع غزة.
قد يشعر الفقراء ببرودة الطقس وهم في منازلهم، حتى وإن كان لديهم من الوسائل ما يخفف وطأة البرد وانخفاض درجات الحرارة ليلا فما بالك، فما بالك بمن يعيش في العراء داخل مخيمات، بلا ملابس شتوية، أو أي وسيلة تمكنهم من التدفئة، فهم سكان غزة، الذين يواجهون مأساة غير مسبوقة، منذ اندلاع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عام 1948.
الحصار المفروض على غزة، منع دخول كافة المستلزمات من مواد غذائية ومستلزمات طبية وبضائع، وهو ما جعل ما تبقى من محال، كُتب لها النجاة من غارات الاحتلال، خاوية على عروشها بلا بضائع، وحل الخراب والدمار على سكان القطاع بالكامل.
مع مرور عام على الحرب المدمرة، والحصار الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي، على قطاع غزة، وإغلاق كافة المعابر، تبرز أزمة الملابس الشتوية، مع قرب حلول فصل الشتاء، المحال التي كانت مكتظة بالبضائع والزبائن في مثل هذه الأيام من كل عام، أصبحت خالية تمامًا، يحاصرها أنقاض البنايات التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي
مر قطاع غزة بالعديد من الأزمات، وتعرض للعدوان الإسرائيلي أكثر من مرة، خلال السنوات الماضية، ولكن ما حدث في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، حرب موسعة دفع ثمنها المدنيين العزل من السلاح، وكأن إسرائيل كانت تنتظر هجوم «حماس» على المستوطنين، لتدمير غزة وتهجير السكان، وتصفية القضية الفلسطينية.
الحصار الذي فرضه الاحتلال، منع دخول البضائع، وبالتالي ما يتوفر حاليًا عدد محدود من ملابس «البالة»، لا يكفي سكان حي واحد فقط داخل قطاع غزة، وجميعها ملابس مهللة، لا يمكن الاعتماد عليها لمواجهة برودة الشتاء القارص.
الأوضاع المتردية في قطاع غزة، دفعت السكان لبيع ملابسهم المستعملة، لشراء الطعام خاصة مع تعنت جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية لغزة، وسط حالة من العجز التام، من جانب المجتمع الدولي، عن التصدي لجرائم الاحتلال، لذلك يقوم التجار بشراء الملابس المستعملة من المواطنين، وإعادة بيعها لهم مرة أخرى، في ظل عدم قدرتهم على توفير بضائع جديدة.
ومع هطول الأمطار في فصل الشتاء، ستغرق خيام النازحين بالمياه، ويواجهون خطر الموت، بسبب النقص الحاد في الإمدادات والحماية من البرد والمطر. الأطفال والنساء وكبار السن يتألمون في ظل قسوة الظروف، والوضع الذي يعرفه قطاع غزة بأكمله.
اقرأ أيضا| الحرب العسكرية والحرب النفسية في الصراع الفلسطيني
ومن أبرز التحديات الرئيسية التي يواجهها السكان في غزة خلال فصل الشتاء، هو الأمطار الغزيرة والفيضانات. البنية التحتية المتهالكة ونقص معدات الصرف الصحي تعني أن الشوارع والأحياء غالبًا ما تغمرها المياه، مما يؤدي إلى تلوث المياه وانتشار الأمراض.
وقد يتسبب البرد القارس في تعرض الناس للمرض بسبب البرد والرطوبة داخل منازلهم أو في مراكز الإيواء المكتضة، هذا ما قد يؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية والتنفسية وزيادة معدلات الإصابة بالتهاب الحلق والزكام.
وتداول أحد المراسلين من رفح، خبرًا مفاده توزيع أفراد من حركة حماس من بعض مستلزمات الشتاء من أغطية وأفرشة وبطانيات على بعض النازحين، لتخفيف من وطأة معاناتهم، خاصة وأن الوضع المالي المزري لهؤلاء يجعلهم عاجزين عن توفير تكاليف شراء بعض من الألبسة والأفرشة المستعملة على قلتها في الأسواق المحلية، خاصة وأن الاغلاق التام على القطاع قد تعدى السنة الكاملة، وبالتالي فإن النذرة قد أصبحت تتحكم في أسعار المعروض وتجعله في غير متناول الجميع .
بالتأكيد ستتعرض خيام النازحين في المناطق القريبة من شاطئ البحر، والتي لا تتوفر فيها بنى تحتية مهيئة، للغرق، واستمرار الاحتلال في منع دخول مستلزمات الإيواء، وفي مقدمتها الخيام، والأغطية البلاستيكية، والشوادر، وغيرها من الاحتياجات للاستعداد لفصل الشتاء، سيزيد من حجم المأساة.
لذلك يتعين على المجتمع الدولي، بالعمل الجاد للضغط على الاحتلال، هي لوقف جرائم الإبادة الجماعية على شعب غزة، وفتح المعابر أمام دخول المساعدات بكافة أشكالها، وفي مقدمتها «الخيام، والملابس، ومواد النظافة».
وبحسب الأمم المتحدة، يبلغ عدد النازحين في قطاع غزة حالياً 1.9 مليون من أصل 2.4 مليون هو عدد سكان القطاع قبل الحرب.
هناك حاجة ملحة في قطاع غزة إلى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية، وتأمين طرق إمداد بشكل أكثر أمناً وأسرع، فمستوى المساعدات الحالي أقل بكثير مما هي الحاجة، لتجنب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض.