الحشود في تل أبيب تقضي ليلتها في صراع مع الشرطة والخيالة ورجال الامن والجيش ذلك ان الامور وصلت الى حالتها القصوى من اليأس الذي يلازم فشل نتنياهو في كل ما وعد بتحقيقه في كل ما تعهد بانجازه امام شعب إسرائيل عشرات الآلاف يتظاهرون ويتصارعون مع الشرطة في ساحات وشوارع تل أبيب.
ولقد رفع المتظاهرون شعارين واضحين الشعار الاول هو الموافقة على ما عرض من صفقة لتبادل الاسرى بينهم وبين حماس في اجتماع القاهرة ذلك أن الجمهور الإسرائيلي يعرف ان ما قاله أبو عبيدة حول مساعي نتنياهو بالاجهاز على كل المحتجزين وقتلهم وإعادتهم إلى إسرائيل بالتوابيت بدأ المهور الاسرائيلي يصدق هذا بعد عدد كبير من اللذين قتلتهم طائرات الجيش الاسرائيلي ودفنوا تحت ردم ما قصفته تلك الطائرات في اكثر من موقع من قطاع غزة.
تأتي هذه المظاهرات الحاشدة والتي تطلب ايضا اجراء انتخابات مبكرة بحيث يظهر الشعب موقفه الحقيقي ومشاعره تجاه هذه الحكومة التي انشأها نتنياهو لمصالحه الخاصة ولتغيير القوانين بحيث لا تنال منه بسبب الاتهامات حول الفساد الذي ارتكبه خلال حكمه كرئيس وزراء ،هذه المظاهرات في شوارع تل ابيب تؤشر بوضوح الى ان الجمهور الاسرائيلي وصل الى حدود لا يتحمل معها اكثر مما تحمل معها من هبوط وخسائر بنيامين نتنياهو في مواجهة المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة في كل مكان من جنوب لبنان الى سوريا الى العراق الى اليمن.
من ناحية أخرى، تبددت كل اادعاءات نتنياهو وبن غفير وغيرهم من الضباط اشلاء امام صمود الشعب الفلسطيني ومع استمرار المقاومة في التصدي الجاد والحازم والبطولي للهجمات الصهيونية التي استخدمت فيها كل أصناف التكنولوجيا التي قدمتها لها الولايات المتحدة وبريطانيا من اجل الانتصار في هذه المعركة لكن … عبثا لم يحقق نتنياهو وجيشه اي انجاز يستطيع ان يشير له بالبنان على انه انجاز حقيقي او انتصار حقيقي على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
كل الذي انجزه نتنياهو وجيشه في قطاع غزة هو قتل المدنيين وخاصة الاطفال والنساء ولا شك ان ما كشف حول ما يقرؤ على الجنود الاسرائيليين من خرافات قديمة وخزعبلات لا يمكن تصديقها من اجل تطبيقها على ما يجري وعلى حث الجنود على قتل الاطفال وقتل النساء وعلى سبيل المثال ما يتناوله اليهود او بعض اليهود في قراءاتهم من انهم امروا ان يتوجهوا الى ارض فلسطين ويعملوا السيف يرؤوس رجالها ونسائها واطفالا ورضعا اي بمعنى تحليل قتل النساء والاطفال على قدم المساواة مع كل من يقاتلهم ولكن كل هذه الخزعبلات والاساطير لم تنفع اذ صرح اكثر من ضابط اسرائيلي بان جنود الجيش الاسرائيلي قد تعبوا وانهكوا ولا يستطيعوا ان يقاتلوا ما يجب او كما دربوا ان يقاتلوا …
فقد خاضوا معركة لم يكونوا متوقعين لها ثانيا خاضوا معركة لم يدربوا على القيام بها ثالثا واجهوا لاول مرة قتالا من ابطال مصممون على القتال والانتصار مصممون على تحرير الارض وحماية الشعب من قسوتهم ومجازرهم وكل الجرائم التي يمكن ان تفكر بها سواء اللذين اعتقلوا وعذبوا او اللذين قتلوا في اسرتهم بقصف الطيران وهدم البيوت على رؤوس الأطفال.
إذن هنالك فشل في ساحة المعركة سواء كانت في قطاع غزة جنوبها اوشمالها والشمال قصة كبيرة فقد اعلن اكثر من مرة كبار الضباط ورئيس الاركان وقائد الجيش ان شمال قطاع غزة اصبح كليا تحت سيطرتهم وانه انهى وجود حماس في تلك المنطقة واذا بالقتال يعود في مناطق شمال غزة اقوى مما كان في البداية واذا الجنوب يستمر في مقاومتهم والتصدي اليهم لدرجة انهم عجزوا عن اختراق مدن الجنوب خان يونس ما زالت تقاتلهم ودير البلح وكذلك رفح الفلسطينية والآن يقول نتنياهو بكلام واضح انه اذا لم يحتل برا رفح الفلسطينية او المصرية فانه لن يستطيع ان يدعي الانتصار او النصر بل سيكون قد هزم هذا الكلام لنتنياهو وليس لنا.
على كل حال كما يبدو أن النيران بدأت تدفع الوضع في داخل اسرائيل نحو الغليان خاصة بعد عودة رئيس الاركان السابق او عضو مجلس الحرب جانتس من زيارته التي لم يكن موافقا عليها نتنياهو الى واشنطن والى لندن ولا شك ان الاميركيين والبريطانيين بحثوا مع جانتس امورا عديدة منها هذا الخلاف الحقيقي بين بايدن ونتنياهو فالخلاف بين الاثنين لا يصل الى حد عدم وفاء الولايات المتحدة بكل ما تلتزم به والتزمت به سابقا وتلتزم به مستقبلا تجاه اسرائيل من مساعدة ودعم والدفاع عنها واعتبار امنها من امن الولايات المتحدة لكنهم في واشنطن يبررون ذلك بالقول ان موقف بايدن من نتنياهو لا يعني موقفا من الشعب الاسرائيلي بمعنى ان مساعدة بايدن والولايات المتحدة لاسرائيل سوف تستمر كما كانت من هنا نستطيع القول ان في الولايات المتحدة اذا اختلف الديمقراطيون والجمهوريون فلا يمكن ان يختلفوا على دعم اسرائيل وحفظ امنها من ناحية ثانية اذا اختلف السياسيون والعسكريون في اسرائيل فان خلافهم لن يصل الى حد الاختلاف على ذبح الفلسطينيين وابادتهم ومخطط تهجيرهم وسيطرتهم وسرقتهم لما تبقى من أرض فلسطين جميعهم ضد الفلسطينيين سواء في المطبخ الاسرائيلي المتناقض حول قضايا كيف تستمر الامور في قطاع غزة أو كيف تتوقف اوعلى ماذا تتفاوض اسرائيل او الولايات المتحدة ونتنياهو ونقصد هنا بايدن ونتنياهو لكن من الواضح ايضا ان تسارع الصراع والنقمة الشعبية داخل اسرائيل هذا يسير بسرعة اكبر من السرعة التي تتم فيها الامور او تبقى الامور فيها مكانك راوح في قطاع غزة جنوبا وشمالا وخلال ذلك نسمع من الضباط الاسرائيليين تهديدات يمينا وشمالا حول لبنان وحول نية نتنياهو تطبيش لبنان كما طبش غزة وظنا منهم ان ذلك ممكنا في الوقت الذي اتبع حزب الله سياسة ذكية جدا ينهك فيها الجيش الاسرائيلي يوميا دون ان يدفعه نحو حرب اشمل او اوسع اذن يمكننا هنا ان نقول انه في ظل ما كتبناه في الاسبوع الماضي حول ضرورة ان تشد المقاومة ضرباتها في كل مكان وان تقف كل فصائل وحدة المقاومة في كل مكان على مواقع الرماية على العدو الصهيوني في ظروف مثل هذا الوضع لا بد من انهاك الجيش الاسرائيلي اكثر ودفعه نحو مواقع لا يمكنه معها شن أي هجوم او يحقق اي انتصار على اي جبهة من الجبهات.
نقول أن هذا سوف يؤدي في فترة وجيزة الى فوران شعبي داخل اسرائيل للمطالبة بانتخابات جديدة وان لم يقبل نتنياهو فلا بد هنالك من وضوح بان العسكر ولاول مرة من تاريخ اسرائيل سوف يتدخلون في صنع القرار السياسي رغم انف نتنياهو ولا شك ان الولايات المتحدة وبريطانيا قد سلمتا لجانتس مفتاحا مهما ولا شك انهم شجعوه على ادارة المعركة داخليا ووضعت واشنطن ولندن كل ما تمكله من نفوذ في اسرائيل واشخاص يخضعون بطريقة او باخرى لمطالب واشنطن ومطالب لندن وضعوا كل ذلك تحت تصرف جانتس من اجل انتخابات جديدة تضع نتنياهو في زاوية على الاقل نستطيع ان نقول عنها زاوية عدم الانتصار.
هذا كلام منطقي.
ويمكن أن يحصل ولكن اذا حصل في ظل نهوضفاننا نفكر ايضا في ان هذا سوف يؤدي الى ضعف وهزالة في الكيان الصهيوني تتيح المجال لامور سياسية مستقبلية خارج كل الاطار الذي يفكر به نتنياهو وشركاؤه للمقاومة في الضفة الغربية ونهوض في مستوى المقاومة في قطاع غزة.
لا شك ان التناقض بين بايدن ونتنياهو حقيقي الى درجة كبيرة.
ونقصد هنا ان الخلاف بين نتنياهو وبايدن هو كيفية ادارة المعركة ضد حماس وليس شن المعركة ضد حماس فالاثنين يريدان شن معركة لتصفية حماس ويعتبران حماس تنظيما ارهابيا وبعروة ذلك تخاض معركة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة حسب إدارة نتنياهو من هنا ما جاء اليوم على لسان بايدن من أن ادارة نتنياهو للمعركة في قطاع غزة تجلب الضرر لاسرائيل اكثر مما تفيدها ولذلك بين بايدن انه ليس ضد الاحداث بحيث ان تدمير حماس يصبح هدفا مشتركا للولايات المتحدة واسرائيل لكن حول كيفية القيام يذلك من هنا بدأت الولايات المتحدة حسب تقديري ببذل كل جهودها ووضع كل خيوطها ذات النفوذ في اسرائيل تحت تصرف الجهات التي تعارض طريقة ادارة نتنياهو للمعركة في قطاع غزة ولذلك فان المظاهرات ستنصب علىتقديم موعد الانتخابات واجراء انتخابات مبكرة حتى يفقد نتنياهو شرعيته كرئيس وزراء ويفشل في تشكيل حكومة جديدة اي ان الولايات المتحدة وبايدن تحديدا بدأ بادارة معركته داخل اسرائيل ليس ضد اسرائيل بل حسب ظنه لمصلحة اسرائيل ولكن ضد نتنياهو الذي يحاول الذي يحاول ان يجير كل المعارك الداخلية والخارجية لمصلحته الشخصية واطالة امد المعركة من أجل أن يطيل عمر حكومته ومن اجل ان يفشل كل محاولات دفعه للمثول امام المحكمة للمحاسبة على اتهامات الفساد.
لدى نتنياهو لمواجهة ذلك خيارات وهو حتى الآن رئيس وزراء وحتى الآن صاحب القرار فيما يتعلق بالشئون السياسية والشئون العسكرية من هنا لا يستطيع احد سواء من القيادة العسكرية او السياسية لا يستطيعون ان يحاكموا او يحدوا من صلاحيات نتنياهو ان اجراء انتخابات تفقده الاغلبية التي يتحكم من خلالها بصنع القرار وحده اما هو فلديه طرق لمواجهة هذه الحرب التي تشن ضده وليس ضد إسرائيل.
فهو يستطيع ان يستعجل في الهجوم على رفح وفيلادلفيا وذلك رغم انف الولايات المتحدة التي تقف ضد ذلك اذا لم يتوفر حماية للمدنيين في مكان آخر وهذا الضمان ان لا يسقط مدنيين في هجوم نتنياهو على رفح ونتوقع من نتنياهو ان يصدر تعليمات بالتسريع بالهجوم على رفح وذلك بايجاد خطط بنقل الملايين المحتشدة في جنوب القطاع نحو اماكن في الوسط والشمال حتى يقول انه يضمن عدم وقوع عدد من الضحايا كبير من المدنيين في هجومه على رفح وبالنسبة لنتنياهو رفح قضية هامة من ناحية واحدة هو انها نتيجة التطبيل والتزمير والاخذ والرد من اجل ذلك اصبحت قضية رفح هامة وعلامة مميزة فبها يمكن ان يقول نتنياهو انهينا وانتصرنا وبدونها لا يستطيع نتنياهو ان يقول انهينا وانتصرنا وفي الوقت نفسه يقوم نتنياهو بخطوة اخرى وهي تصعيدية في شمال فلسطين المحتلة وعلى الحدود مع جنوب لبنان وذلك بتصعيد الهجمات والتركيز على بيوت المدنيين في جنوب لبنان وقتلهم وذلك بنفس الطريقة التي كان يتبعها في قطاع غزة.
وفي الوقت ذاته يقوم نتنياهو بترسيخ وتوسيع وتعميق علاقاته مع بعض دول الخليج التي انقذته من قضايا كثيرة اهمها قضايا التي حرمتها منها الحشود الثورية اليمنية التي منعت السفن المحملة بالبضائع من عبور البحر الاحمر وصولا الى ميناء ام الرشراش ذلك ان اليمن وقفت دعما لغزة واهلها لمنعكل السفن التي تحمل بضائع ونفط لاسرائيل وتخوض حربا ضدها وضد السفن الامريكية العسكرية التي تحاول ان تحمي مصالح اسرائيل فقامت دول من الخليج بحماية تلك المصالح عبر جسر بري ينقل البضائع التي منعت من العبور في البحر الاحمر ينقلها برا عبر السعودية والاردن من الامارات الى فلسطين المحتلة.
ويعتقد نتنياهو انه الاقوى في هذه المعركة خاصة ان بايدن هو على وشك خوض الانتخابات وان اصوات اليهود في الولايات المتحدة اصواتا هامة بالنسبة لبايدن لكن ما يغفل عنه نتنياهو ان الاغلبية من اليهود في الولايات المتحدة يقفون الى جانب رأي بايدن اذ يخشون من خلال ما شاهدوه من المظاهرات في العالم والمواقف المدينة لادارة الحرب التي يخوضها نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولذلك هم لن يقفوا الى جانب نتنياهو بل سيقفون الى جانب اسرائيل حسب قول الرئيس بايدن ان نتنياهو يدير المعركة بطريقة تضر باسرائيل ولا تنفعها ولا هي تدار بطريقة لا تخدم الا مصالحه الشخصية هذا هو رأي يهود امريكا أيضا.
ذلك سيصوتون لبايدن ولن يصوتوا ضد بايدن خدمة لنتنياهو لكن العامل الذي سيسرع اكثر في هبوط نتنياهو وخسارته المعارك اضافة لموقف بايدن من نتنياهو كشخص وليس كاسرائيل هو المقاومة الفلسطينية والمقاومة المساندة للمقاومة الفلسطينية فالخسائر التي يمنى بها جيش اسرائيل نتيجة ادارة نتنياهو للمعارك خسائر يعتبرها ضباط كبار يعتبرونها خسائر كبيرة ويعتبرها لبيد كارثة من الكوارث على اسرائيل من هنا الكارثة على رأس نتنياهو.
واسرائيل تأتي من خلال المقاومة الفلسطينية والفصائل الداعمة لها ولا شك ان المستقبل سيجد جبهات تسارع في التصعيد والارتفاع في مستوى الصدام كالجبهة اللبنانية والجبهة السورية لذلك نعتقد ان نتنياهو يخوض سباقا بينه وبين مستقبله والهبوط السريع لنتنياهو هو المتوقع والسقوط هي النهاية الحتمية لنتنياهو امام من يعارضه وستزداد المعارضة شعبيا داخل اسرائيل الى ان تصبح كل من هو مع الولايات المتحدة سيصوت ضد نتنياهو وكل من هو ضد الولايات المتحدة سوف يصوت الى جانب نتنياهو.
هذا بشكل عام ونحن لا نقصد كما قلنا في البداية ان بايدن له موقف من اسرائيل او من معاداة اسرائيل للفلسطينيين او من جرائم اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لا فهو لم ينبس ببنت شفه عندما قتلت اسرائيل عشرات الآلاف من الاطفال وعشرات الآلاف من النساء وعشرات الآلاف من الرجال وما زالت تقصف البيوت لتقتل في كل مرة عشرين الى ثلاثين فلسطينيا معظمهم من الاطفال والنساء لم يقل عنه بايدن كلمة واحدة لكنه اشار الى نتنياهو وطبيعة ردوده على طلبات بايدن نفسه اذ انه يخالف ما يطلبه منه بايدن وهذا بالنسبة لبايدن نوع من شق العصى ومن مخالفة اوامر قائد جبهة الفاشيين في العالم والمستعمرين وداعمي وممولي ومسلحي الكيان الصهيوني.
نصل الى النتيجة هي ان تصعيد المقاومة لهجمات الاسرائيليين المتوحشين سواء في غزة.
والضفة الغربية هي الطريق للسقوط الاسرع لنتنياهو وربما يجر نتنياهو بسقوطه سقوط اشياء اخرى في اسرائيل اهمها الاسس التي قامت عليها دولة العدوان هذه.